مقال عن الوطن
الوطن ليس مجرد قطعة أرض نعيش عليها أو جنسية نحملها في بطاقة أو جواز السفر، بل هو شعور داخلي يملأ كل خلية في جسدنا، فهو يجعل من المستحيل على أي شخص التخلي عنه أو نسيانه أو فقدانه ..
الوطن هو جميع ذكريات الطفولة والشباب وأول يوم في المدرسة ويوم التخرج وأول حب، الوطن هو رائحة الطعام وشكل الشوارع وابتسامة الرضا على وجوه المارة ..
الوطن هو السعادة التي تنبض في أعماقك عندما تشعر بأنك قد حققت شيئًا يفخر به أهلك وأصدقاؤك، وهو الألم الذي ينتابك عندما تشعر بأن كل ما حققته يتعرض للخطر، أو عندما تشعر بأن هناك أشخاص يعانون في وطنك ..
الوطن هو ما يدفع الإنسان نحو التطور والتقدم والتعلم من أجل رفعته وتقدمه، وهو كل الأشياء الجميلة والرائعة التي يتميز بها الأشخاص وتفرض عليهم دائمًا بذل المزيد من الجهد لتحقيق المزيد والمزيد ..
يوجد العديد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين يحتفظون بوطنهم في قلوبهم، وهذا ما ينطبق على أخوتنا في فلسطين الذين تم تهجيرهم من أراضيهم ووطنهم، ومع ذلك، فإنهم لا يزالون يحتفظون بفلسطين وطنهم في قلوبهم، ويحافظون على لهجتهم وملابسهم وأغانيهم وأطعمتهم وحتى طريقة الاحتفال والحداد ..
كما أن إخواننا السوريين الذين يعانون من الحرب التي تستمر منذ ست سنوات في سوريا، قرروا الهروب إلى العديد من الدول، ولكنهم لا يزالون يحملون سوريا في قلوبهم، وتمكنوا من إضفاء الطابع السوري المميز على كل ما يلمسونه، مما جعلهم يحظون بالتقدير والاحترام في كل الأماكن التي يذهبون إليها ..
الوطن هو كل ما نتذكره عن طفولتنا و شبابنا و لحظات النجاح و الفرح و هو ما يدفعنا دفع نحو مزيدا من التقدم و مزيدا من الحب لهذا الوطن ، الوطن فكرة نحتفظ بها في قلوبنا..
الوطن يحمل معان وشعورا مختلفين من فرد إلى آخر، وكل شخص يحمل في داخله أحلاما كثيرة وكبيرة تتعلق بالوطن. فالوطن هو أساس رغبتنا في التحقيق وإثبات الذات، ومدى فخر الشخص الذي يحقق إنجازا وينسبه إلى وطنه. نرى العلماء والمخترعين والمبتكرين حول العالم يسعون دائما للتعبير عن وطنهم في أكثر لحظات حياتهم فخرا ونجاحا. حتى الرياضيون يحتفلون دائما، وهم يحملون علم وطنهم، تعبيرا عن فخرهم وسعادتهم بأنهم رفعوا اسم الوطن عاليا وحققوا إنجازا سينسب لهذا الوطن..
حتى ولو كانت الوطن مجرد كلمة على جواز السفر أو الهوية، فإنه سيظل دائمًا محركًا لنا، وسنحرص دائمًا على الحفاظ عليه في تصرفاتنا وأسلوب حياتنا، حتى في أصغر التفاصيل مثل الطعام والشراب وطريقة التحدث وحتى النكت أو الحزن ..
يتداخل مفهوم الوطن مع مفهوم الثقافة، التي تضم كل الصفات الفريدة التي تميز شعبًا أو مجموعة من الناس وتميزهم عن بقية العالم، بما في ذلك عاداتهم وتقاليدهم ولباسهم التقليدي وطقوسهم الاحتفالية والحزينة. وتشمل الثقافة أيضًا اللغة والثقافة الشعبية والأغاني والحكايات التراثية. ويقترب مفهوم الثقافة كثيرًا من مفهوم الوطن لدى الناس، حيث تمثل الثقافة ما يدفع داخلنا من مشاعر ورؤى للوطن، حتى لو لم نعيش فيه ..
وحتى في أصعب لحظات غربتنا عن أوطاننا، نظل دائمًا متعلقين بفكرة الوطن وهذه المشاعر. سنجد دائمًا طريقنا إلى ديارنا القديمة وعاداتنا اليومية القديمة وحتى الموسيقى والفنون التي تميز هذا الوطن عن غيره. يمثل الوطن الكثير من المشاعر المختلطة التي تزرع في الإنسان منذ اليوم الأول لولادته ولا تخرج منه إلا في قبره. فالوطن أكبر من أن يوصف وأشمل وأعم من أن يتم شرحه بالكلمات ..