يشعر كل مسلم ومسلمة بأهمية الحرمين الشريفين، حيث يعتبران الأماكن الأكثر قدسية وطهرًا على وجه الأرض. تأتي المكانة العالية التي يتمتعان بها الحرمان الشريفان من خلال تاريخهما العظيم المليء بالأمجاد والأحداث الإسلامية التي كان لها أثرًا واضحًا وعريقًا في تاريخ الإسلام. وقد اهتمت المملكة العربية السعودية بعمارة الحرمين الشريفين لسنوات عديدة حتى الوقت الحالي، حيث تعمل الحكومة والشعب على توفير الراحة والأمان لحجاج بيت الله الحرام وضمان أداء شعائر الحج بأفضل طريقة ممكنة. وبهذا، تسخر الدولة جهودها ومواردها لتحقيق هذا الهدف في خدمة ضيوف الرحمن، ويمكنكم الحصول على المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع في الموسوعة .
الحرمين الشريفين :
يشير المسجد الحرام إلى المسجد الأعظم في الإسلام والتاريخ الإسلامي، ويقع في وسط مكة ويعتبر قبلة المسلمين. وهو أول بيت بني على سطح الأرض، ويعد الكعبة المشرفة الواقعة داخل المسجد الحرام من أقدس الأماكن على الأرض لدى المسلمين. ويكمن أهمية المسجد الحرام في كونه القبلة التي يتوجه إليها المسلمون في الصلاة، وهو مقصدهم أيضًا خلال موسم الحج. ولقد سمي بالبيت الحرام لأن القتال بداخله حرام منذ أن عاد الرسول إليه منتصرًا.
يعرف المسجد النبوي بأسماء عدة مثل مسجد النبي والحرم النبوي، وهو يعد واحدًا من أكبر المساجد في العالم، ويحتل مكانة مقدسة لدى المسلمين ويأتي في المرتبة الثانية، وقد تم بناء المسجد النبوي في السنة الأولى للهجرة بعد مسجد قباء، وعلى مر العصور شهد هذا المسجد العديد من التوسعات، بدءًا من عهد الخلفاء الراشدين وحتى العصر العثماني، وفي العصر الحديث، خضع المسجد لأكبر توسعة على مر التاريخ، وذلك ابتداءً من عام 1994، في عهد الدولة السعودية الحديثة.
مراحل توسعة الحرمين الشريفين :
- في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، تمت أول توسعة للمسجد الحرام بتوسعة الحرم بحوالي 560 متر مربع بعدما تعرض للهدم بسبب سيول جارفة في العام 17هـ. وفي العام 26هـ، أصدر الخليفة عثمان بن عفان أوامره لتوسيع المسجد حتى وصلت مساحته إلى 4390 متر مربع، وتم هدم بعض البيوت المجاورة للحرم وتشييد أروقة مسقوفة وأعمدة من الرخام خلال هذا التوسع.
- ثم جاءت مرحلة حكم الأمويين بعد الخلفاء الراشدين، وحدث حريق كبير في الحرم المكي بعدما دخل يزيد بن معاوية مكة بجيشه وحاصرها خلال الصراع الذي دار بينه وبين عبد الله بن الزبير. في عام 60 هـ، قام بن الزبير بتوسيع المكان، وفي عهد الوليد بن عبد الملك في عام 91 هـ تم توسيع الحرم المكي مرة أخرى، واستمرت التوسعات فيه على مر السنين.
- ثم جاء عهد العباسيين وتم توسعة للحرم في عهد أبو جعفر المنصور في الفترة ما بين 137-140 حيث تم إقامة منارة في الناحية الشمالية الغربية وإصدار أوامر بكسوة حجر إسماعيل بالرخام، وجاءت التوسعة التي تلتها في عهد المعتضد بالله وكانت ما بين 281-284 وشملت بعض التوسعات والتعديلات حيث تم هدم دار الندور وإقامة 6 أبواب للمسجد وتغطية السقف بأخشاب الساج، وجاء بعد ذلك عهد المقتدر بالله عام 306 وزاد مساحة الحرم بإضافة مساحة دارين وإقامة باب إبراهيم.
توسعة الحرم المكي في عهد الدولة السعودية الحديثة :
- يشهد المسجد الحرام أو الحرم المكي العديد من التوسعات التي بدأت في عهد الملك عبد العزيز، الذي أمر بتشكيل إدارة خاصة لإدارة شؤون المسجد الحرام في عام 1344، وأطلق عليها اسم إدارة الحرم. كانت هذه الإدارة تعمل على تقديم الخدمات ومتابعة الصيانة. في العام التالي، تم ترميم أروقة بيت الله الحرام، وطلاء جدرانه وأعمدته، وإصلاح قبة زمزم، ووضع حصى بين الصفا والمروة، وتركيب المظلات لحماية المصلين من شمس الصيف الحارة.
- في عام 1347 تم تجديد مصابيح الإنارة وزيادة عددها حتى بلغت حوالي ألف مصباح، وعدة سنوات بعد ذلك في عام 1373 تم تركيب إنارة كاملة في المسجد الحرام وتركيب مراوح كهربائية، وأطلق عليها اسم التوسعة الأولى، حيث باتت مساحة الحرم المكي بعد التوسعة الأولى قادرة على استيعاب حوالي 300 ألف مصل في الأوقات العادية، في حين قد تستوعب أكثر من 400 ألف مصل في حالات الازدحام.
- في التوسعة الثانية للمسجد الحرام، استمر العمل فيها بشكل متجدد منذ عام 1375 حتى عام 1396، وتضمنت هذه التوسعة أربع مراحل.
- لم تتوقف أعمال التوسعة في المسجد الحرام عند هذا الحد، وإنما استمرت لتشمل فترة حكم قادة المملكة الذين سعوا جاهدين لتقديم كل ما يمكنهم لخدمة وراحة الحجاج. ففي عهد الملك فهد عام 1988، تم وضع حجر الأساس لأكبر توسعة حينها في المسجد الحرام، حيث تم إضافة جزء جديد من الناحية الغربية، وتم الاستفادة من السطح العلوي للمسجد. وبلغت مساحة المسجد حينها 61 ألف متر مربع، ووصلت سعته الاستيعابية إلى أكثر من مليون ونصف المليون مصل، وتم بناء مئذنتين جديدتين ليصبح عدد المآذن 9، وكل مئذنة تبلغ ارتفاع 89 مترًا.
- بزيادة أعداد الحجاج والزوار إلى بيت الله الحرام، قرر الملك عبد الله بن عبد العزيز البدء في مشروع توسعة للحرم المكي. يتضمن المشروع تطوير وتحسين الحرم في جوانب مختلفة، بما في ذلك الجوانب العمرانية والأمنية والفنية. يتم تقسيم المشروع إلى ثلاث مراحل، حيث تشمل المرحلة الأولى توسعة مبنى الحرم لزيادة سعته الاستيعابية إلى اثنين مليون مصلٍ. تتضمن المرحلة الثانية توسعة الساحات الخارجية للحرم وإضافة ممرات ودورات مياه وأنفاق ومرافق أخرى لتحسين تدفق المصلين والزوار. أما المرحلة الثالثة، فتتضمن تحسين منطقة الخدمات وتطوير نظام محطات الكهرباء والمياه ونظام التكييف داخل الحرم.
- تم إطلاق خمسة مشاريع توسع جديدة للحرم المكي في عهد الملك سلمان، كجزء من التوسعة الثالثة. تشمل هذه المشاريع زيادة مساحة الحرم لتصبح 1.470.000 متر مربع، وتضم العديد من البوابات الأوتوماتيكية التي يتم إدارتها من غرف خاصة للتحكم عن بعد، بالإضافة إلى نظام متطور يتضمن 4524 سماعة و 6635 كاميرا ونظام إنذار الحريق ونظام شفط الغبار المركزي وأنظمة النظافة، وزيادة القدرة التحميلية لصحن المطاف.
توسعة الحرم النبوي :
- تم تحديد مساحة المسجد النبوي عند بدء البناء بمساحة 1050 متر مربع، وفي السنة السابعة للهجرة تمت أول توسعة للمسجد حيث وصلت مساحته إلى 2475 متر مربع، وفي السنة السابعة عشرة للهجرة وأثناء عهد عمر بن الخطاب تمت التوسعة الثانية حيث وصلت مساحة الحرم النبوي إلى 3575 متر مربع، ومن ثم جاء عثمان بن عفان ليقوم بعدها بتوسيع المسجد، وخلال فترة حكم الأمويين تمت توسعات أخرى وتم إضافة الحجرات النبوية إلى المسجد بعد أن أمر بها الوليد بن عبد الملك، وفي عهد عمر بن عبد العزيز تم إضافة المآذن والمحراب المجوف.
- توالت التوسعات على مدى حكم العباسيين، ثم المماليك، ثم العثمانيين، وأخيرًا الدولة السعودية. وفي ذلك الوقت، شهد المسجد حريقين؛ الأول كان في عهد الخليفة المستعصم بالله بنهاية حكم العباسيين في عام 654هـ، واستمرت التوسعات لفترة زمنية وصلت حتى بداية حكم الحاكم المملوكي بيبرس الظاهري. أما الحريق الثاني، فقد وقع في عهد الحاكم العثماني قايتباي في عام 888هـ.
التوسعات التي تمت بالحرم النبوي بعهد الدولة السعودية :
تمت توسعات في المسجد النبوي بعد تأسيس الدولة السعودية، حيث تمت في فترتين، الفترة الأولى والتي تمت خلال حكم الملك عبد العزيز آل سعود في الفترة من 1372 إلى 1375 هـ، وبلغت تكاليفها المادية حوالي 50 مليون ريال سعودي، أما التوسعات الثانية فتمت في الفترة من 1406 إلى 1414 هـ خلال حكم الملك فهد بن عبد العزيز، وتعتبر هذه التوسعة الأكبر في التاريخ، حيث بلغت مساحة الحرم النبوي آنذاك حوالي 98,327 متر مربع.
حاليًا، تعمل المملكة على مشروع التوسعة الثالثة للحرم النبوي، وذلك لزيادة القدرة الاستيعابية للمصلين لتصل إلى 1.6 مليون مصل، وتوفير كافة وسائل الراحة والأمان لحجاج بيت الله.
المراجع :