وتركت انسي بالحياة ولهوها
• تعد قصيدة `بك استجير` واحدة من القصائد المشهورة للشاعر إبراهيم علي بديوي، رحمه الله. ولد الشاعر إبراهيم علي بديوي في عام 1908 ميلادي في محافظة البحيرة في مصر، وحصل على درجة الدكتوراة في اللغة العربية من كلية اللغة العربية في عام 1935 ميلادي.
• كان الشاعر الكبير إبراهيم علي البديوي يتابع دراساته في عدة معاهد دينية، كما تم تعيينه رئيسًا لجمعية الشبان المسلمين في ذلك الوقت، وتوفي الشاعر الكبير عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عامًا في عام 1983 ميلادي.
سبب كتابة قصيدة بك استجير
• تأثر الشاعر إبراهيم علي بديوي بشدة بموجات الإلحاد التي انتشرت في عصره، والتي نجمت عن فتنة العلوم والتكنولوجيا التي قام بها بعض الأشخاص. ولذلك، كتب الشاعر إبراهيم علي بديوي هذه القصيدة الحزينة التي تعبر عن الإيمان، وتم تداولها من قبل بعض الوعاظ والخطباء. وقد قام الشيخ عبد الواحد المغربي بإلقاء هذه القصيدة أيضًا.
نص قصيدة بك استجير
ألجأ إليك وحدك للنجدة، فلا مجير سواك، فارحم ضعيفًا يلجأ إلى حمايتك
أنا ضعيف، فأنا أستعين ببعض قواك على ذنبي ومعصيتي
يا ربي، أذنبت وآذيت بذنوب ليس لها غافر إلا أنت
غرتني دنياي وغرني عفوك، فما هي حيلتي في هذا أو ذاك؟
أيها المدرك للأبصار، والأبصار لا * * * تعرفه ولكنه يعرف بشكل كامل
إذا لم تكن عينيك تراه، فإنني أستبين علاقتك بكل شيء
يا منبت الأزهار العطرة، هذا الشذى الفواح هو نفحة من شذاك
يا ربي، ها أنا قد انتهيت من الهوى واستقبلت في قلبي الخالي هواك
وتركتُ أنسي بحياتها الزاهية ولهوها، وجدتُ كل السعادة في خفاياكِ
نسيتُ حبي واعتزلتُ أحبابي، ونسيتُ نفسي خوفًا من نسيانك
كنتُ، يا ربي، أسيرًا في ظلام محيط، حتى أضاء سناك، فغدا لي نورًا
تعني هذه الأبيات أن الشاعر يتحدث عن بداية رحلته في البحث عن الله
يقول: `يا غافر الذنب العظيم وقابلاً للتوب قلباً تائباً ناجاكا
يا رب، إليك أتيت مبتهجًا، ولا أبكي على ما قدمته يدي، لا أندم
أخشى أن يعرض عليك شيء رهيب يا ربي، وأخشى أن ألقاك وتعاقبني
يا رب! عدت إلى رحابك متوبًا، مستسلمًا، متشبثًا بحبال الرجاء
لا أملك مثل الأغنياء، وأنت يا ربي الغني الذي لا ينقصه شيء
أنت يا ربي عظيم الشأن، المال ليس كل شيء للأقوياء فقط، يا * * *
لقد وجدتُ مأوى لي في كل مرحلة في حياتي، ولم أجد مأوى أعز من مأواك
وجدت نفسي في طريق النجاة * * * ولكنني لم أجد مخرجا سوى إليك
وبعد بحث جاد عن سرِّ السعادة، وجدت هذا السر في تقواك
ليس ضروريًا بالنسبة لي أن يرضى عني الآخرون أو يغضبوا، فأنا لا أسعى إلا لرضاك
أدعو الله أن يغفر لي ذنوبي ويعينني ويمدني بالهداية
اقبل دعائي واستجب لرجائي، فلم يخب يومًا من دعوتي ورجائي بك
يا ربِّ، ألح على هذا العصر بالحدِّ عندما سخَّرتَ له دنياك
كان يطلق على العلا صاروخه حتى أشاح بوجهه وقال كأنه صاحبها
ولا يدري الإنسان أن جميع ما وصلت إليه يداه من نعمكا
يا إنسان، كن هادئًا وأشكر ربك على ما أنعم عليك به
أفَن هداك بعلمه لعجيبةٌ تزورُّ عنه وينثني عِطفاكا
يُطلب من المريض أن يقول للطبيب: `يا شافي الأمراض، هل اختطفتك يد الردى؟`
يجب أن يُخبر المريض بأنه نجا وتم شفاؤه بعد أن فشلت الطبوبة، فمن عافاك؟
قل للشخص الصحيح إنه سيموت في نهاية المطاف، فمن الذي يعرف متى سيحين موعد الموت؟
قل للجنين الذي يعيش معزولًا بدون راعٍ ومرعى، ما الذي يرعاك؟
سألته ما الذي جعلك تبكي وتصرخ بالبكاء حديث الولادة؟
وإذا شاهدت الثعبان ينفث سمه، فاسأل نفسك من أين حصل على هذه السموم؟
سألت الثعبان كيف تعيش؟ أو كيف يمكن أن تعيش بينما تعيش ملئ فمك بهذا السم؟!
اطلب من بطون النحل أن يخبروني كيف تم جمع العسل اللذيذ، وأخبر العسل بمدى حلاوته
كان سائل اللبن المصفى في البداية دمًا وفرثًا، فمن الذي جعله صافيًا؟
في حال رأيت الحيوان يخرج ميتًا من ثنايا الجسد، يجب عليك سؤاله من أحياه؟
قل للهواء: هل شعرت بمسِّ الأيدي وأخفيت من الناس؟
إذا رأيت البدر يتحرك ويبث أنواره، فاسأله من جعلك تشعر بهذا الجمال؟
إذا رأيت النخل مشقوق النوى في الحلم، فاسأله من شق النوى
عند رؤية لهيب النار يشتعل، يمكنك السؤال عن مصدره من لهب النار نفسه
إذا رأيت الجبل الشامخ منتصبًا، ورؤيته يحتضن قمم السحاب، فاسأله عن حالك!
إذا شاهدت صخرة تنفجر بالماء * * * فهل يعني ذلك أن تسألها كيف حفرت مسارها؟
إذا رأيت النهر يجري بماء عذب وزلال، فمن حفر هذا النهر؟
إذا رأيت المحيط بالملح الأجاج، فمن غطى عليه؟
عندما ترى الليل يغشى داجيا، فاسأله من الذي حاك دجاجه؟
إذا رأيت أن الفجر يضيء بالأحمر * * * فاسأله `من يا فجر صاغ ضوءك الأحمر؟`
هذه العجائب التي غرست في عينيك وفتحت أذنيك
الله هو المبدع في كل العجائب، وإن لم تكن تراه، فهو يراك
يا إنسان، ألا ترى ما الذي أغراك في الله جل جلاله؟!
اسجد لمولاك القدير فقط، لأنه سيأتي يوم تنتهي فيه دنياك
سيكون لك مثالًا يوم القيامة، وسيتم إعطاؤك ما قدّمته يديك