نعرض لكم اليوم باقة من أجمل قصائد أمرؤ القيس في وصف محبوبته ليلى، حيث يُعتبر أمرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر، أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، وينحدر أصله من اليمن بالتحديد من قبيلة (كندة). وتربى في منزل ذو ثروة ونفوذ، إلا أنه تميز بذكائه وخياله الخصب الذي جعله يحلق في أفق الشعر العربي.
امرؤ القيس غزل في محبوبته
قال أمرؤ القيس في وصف محبوبته ليلى
طَرِبتَ وَعنّاكَ الهَوى وَالتَطَرُّبُ وَعادَتكَ أَحزانٌ تَشوقُ وَتَنصِبُ
وأَصبَحتَ من لَيلى هَلوعاً كَأَنَّما أَصابَكَ مومٌ من تِهامةَ مورَبُ
أَلا لابَلِ الأَشواقُ هاجَت هُمومَهُ وَأَشجانَهُ فالدَمعُ لِلوَجدِ يَسكُبُ
وَلَيلى أَناةٌ كالمَهاةِ غَريرَةٌ منعَّمَةٌ تُصبي الحَليمَ وَتخلبُ
كأَنَّ ثَناياها تَعلَّلنَ موهِناً غَبيقاً مِن الصَهباءِ بَل هيَ أَعذَبُ
وَما أُمُّ خِشفٍ شادِنٍ بخَميلةٍ من الدَهسِ منه هايلٌ وَمُكَثَّبُ
يَعِنُّ لَها طَوراً يَروقُها عَلى الأُنسِ منه جرأةٌ وَتَوثُّبُ
بأَحسنَ منها مُقلةً ومقَلَّداً وَإِن هيَ لَم تُسعِف وَطالَ التَجَنُّبُ
وَما رَوضةٌ وسميَّةٌ حَمويَّةٌ بِها مونقاتٌ من خُزامى وَحُلَّبُ
تَعاورَها وَدقُ السَماءِ وَديمَةٌ يَظَلُّ عَلَيها وَبلُها يَتَحَلَّبُ
بأَطيبَ منها نَكهَةً بَعدَ هجعَةٍ إِذا ما تَدلّى الكَواكبُ المتصَوِّبُ
فَدَع ذِكرَ لَيلى إِذا نأتكَ بوِدِّها وَإِذ هيَ لا تَدنو إِلَيكَ فَتسقُبُ
أَتَتنا تَميمٌ قَضُّها بقَضيضِها وَمَن سارَ من أَلفافِهم وَتأشَّبوا
بَرَجراجةٍ لا يُنفِدُ الطَرفُ عَرضَها لَها زَجَلٌ قَد احزأَلَّ وَمَلحَبُ
فَلَمّا رَأَيناهم كأَنَّ زُهاءَهم عَلى الأَرضِ إَصباحاً سوادٌ وَغُرَّبُ
سَمَونا لهم بالخَيلِ تَردي كَأَنَّها سَعالٍ وَعِقبانُ اللِوى حينَ تُركَبُ
ضَوامِرُ أَمثالُ القِداحِ يَكُرُّها عَلى المَوتِ أَبناءُ الحُروبِ فتحرَبُ
فَقالوا الصَبوحَ عِندَ أَولِ وَهلَةٍ فَقُلنا لهم أَهلٌ تَميمٌ وَمَرحَبُ
أَلَم تَعلَموا أَنّا نَرُدُّ عدوَّنا إِذا احشوا شَدوا في جَمعِهم وَتأَلَّبوا
بِضَربٍ يَفُضُّ الهامَ شِدَّةُ وَقعِهِ وَوَخزٍ تَرى منه التَرائِبَ تَشخُبُ
فَلاقوا مِصاعاً مِن أُناسٍ كَأَنَّهم أسودُ العَرينِ صادِقاً لا يُكَذِّبُ
فَلَم تَرَ منهم غَيرَ كابٍ لِوَجهِهِ وآخرَ مَغلولٍ وآخر يَهرُبُ
وَلَم يَبقَ إِلّا خَيفَقٌ أَعوجيَّةٌ وَإِلّا طِمِرُّ كالهِراوَةِ مِنهَبُ
وَفاءَ لنا منهم نِساءٌ كَأَنَّها بِوَجرَةَ وَالسُلّانِ عينٌ وَرَبرَبُ
وَنحن قَتَلنا عامِراً وابنَ أُمِّهِ ووافاهُما يَومٌ شَتيمٌ عَصَبصَبُ
وَغودِرَ فيها ابنا رِياحٍ وَحَبتَرٍ تَنوشُهمُ طَيرٌ عِتاقٌ وأذؤُبُ
وَيعدو بِبَزّي هَيكلُ الخَلقِ سابِحٌ مُمَرٌّ أَسيلُ الخَدِّ أَجرَدُ شَرجَبُ
كَأَنّي غَداةَ الرَوعِ من أُسدِ زارةٍ أَبو أَشبُلٍ عَبلُ الذِراعَينِ مِحرَبُ
وَلَمّا رأَيتُ الخَيلَ تَدمي نُحورُها كَررَتُ فَلَم أَنكُل إِذا القَومُ هَيَّبوا
حَبَوتُ أَبا الرَحالِ مِنّي بطَعنَةٍ يَمُدُّ بِها آتٍ مِن الجَوفِ يَزعَبُ
فَلَم أَرقِهِ إِن يَنجُ منها وَإِن يَمت فَجيَّاشَةٌ فيها عَوانِدُ تَثعَبُ
وَقَد عَلِمَت أَولى المُغيرَةِ أَنَّني كَررَتُ وَقَد شَلَّ السوامُ المُعَزِّبُ
وَنَهنَهتُ رَيعانَ العَديِّ كَأَنَّهُ غَوارِبُ تَيّارٍ من اليَمِّ يُجنَبُ
فَسائِل بَني الجَعراءِ كَيفَ مِصاعُنا إِذا كَرَّرَ الدَعوى المُشيحُ المَثوِّبُ
مدح امرؤ القيس
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُها لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِها وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيّهُم يَقولونَ لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
وَإِنَّ شِفائِي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ
كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَهُ وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ
وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي فَيا عَجَبًا مِن كورِها المُتَحَمَّلِ
فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِهِ وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ، خِدرَ عُنَيزَةٍ فَقالَتْ لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَعًا عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ