مخطوطة القرى والظلال
مخطوطة القرى والظلال هي المخطوطة التي قدمها حيدر العبد لله، شاعر الأحساء، أمام الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، خلال زيارته للمنطقة الشرقية في الحفل الرسمي الذي أقيم في مدينة الدمام. أثارت مخطوطة القرى والظلال جدلا بين الشعراء والجمهور على حد سواء؛ حيث اختلفت الآراء بشدة في تقييم المخطوطة. بعضهم أيد المخطوطة بشدة، في حين عارضها البعض الآخر حتى بالاستماتة، وتناقش الشعراء فيها حتى وصلوا إلى درجة اللغو والتناقض في أقوالهم بسبب كثرة الحديث الذي لا يستند إلى أسس ودراسة صحيحة ومنهج واضح. يمكننا القول إن كل طرف مبالغ في تقييمه لمخطوطة القرى والظلال، ولم يتم انصاف القصيدة. لذلك، دعونا نحاول معا فهم المعاني الموجودة في القصيدة واستخلاص بعض التراكيب والعبر الفنية المتضمنة فيها من خلال استطلاع دلالاتها والتحقق من أسلوب وفكر الكاتب.
كلمات مخطوطة القرى والظلال :
بدأ الشاعر القصيدة بالاستهلال في قوله
وطنٌ دون حوضه نتفانى …. وعن العيش فيه لا نتوانى
في البيت الأول من القصيدة، يعرض الشاعر فكرة التضحية بالنفس لأجل الوطن، ويظهر ذلك في لفظ “نتفانى”، أما في البيت الثاني فيتغير شعور الشاعر ويعبر عن عدم الرغبة في التضحية بالنفس، ويظهر ذلك في لفظ “لا نتوانى.
ثم قال الشاعر:
رب حيٍ عليه ظل شهيداً …. في هواه ويومه ما حانَا
يعرب الشخص في هذه العبارة عن ضعف حكمه في الشهادة على الشهداء الأحياء الذين يشهدون على حبهم وولائهم لبلدهم، وأنهم دخلوا في غيبوبة من الهوى
وشهيدٍ له وما زال حياً …. بين أرواحنا وعبر دمانا
يصور الشاعر الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الوطن وكأنهم ميتون، ولكنهم أحياء على هذه الأرض. ويصف الشاعر حب الشهداء للوطن كأنهم روحانيون يربطهم بالأرض التي قدموا أرواحهم من أجلها. وعن طريق دماء أبناء الوطن، يظل الشهداء حيين. ويعكس الشاعر في قصيدته شغفه في نقل حياة الشهداء وتضحياتهم من أجل وطنهم. ويشير الشاعر إلى أن الحياة في الوطن تعني الحب والتضحية، وأن الموت من أجله يزيد من رفعة وفخر الشخص الذي يضحي بحياته في سبيل الوطن، حيث يعيش ذكراه وتستمر أعماله وإنجازاته في الأجيال القادمة
لا تقلُّ الحياة فيه عن المو …. ت فداه إن لم تجاوزه شانا
يبدو أن الوطن يزدهر في حياة أبنائه وتقدمهم، ويحاول الشاعر هنا الحصول على الحكمة وتصوير ما يدور في ذهنه بشكل صحيح، ولكن التراكيب ليست متماسكة بشكل جيد، ويظهر البيت بكثير من الحشو، ويتضح هذا بشكل أكبر في استخدامه لفظ “أحيانا” الذي يقلل من قوة المعنى
فبلاد تنمو أضر وأودى …. بمرامي عدوّها أحيانا
يظهر في هذا البيت ضعف التراكيب بالإضافة إلى استخدامه لكلمة (بمرامي) التي تعتبر غير مناسبة في هذا السياق وتبتعد عن معناه
وقفات عامة على القصيدة كلها:
- تُظهر القصيدة عدم ترابط الأفكار وتشتتها، حيث تنتقل بين أفكار رئيسية، ولم يكن فكر الشاعر واضحًا ومركزًا
- يخلو القصيدة من العديد من مقومات شعر المدح التي تستخدم لإشادة الملوك وتعظيمهم دون مبالغة أو تقليل
- تحتوي المخطوطة على العديد من الألفاظ البديعة والتي قللت من السجع والجناس، مما أدى إلى نفور العديد من المستمعين والشعراء منها
- لا تتضمن القصيدة أحداثًا سياسية حالية في المملكة، ولم تتحدث عن الحرب مع الحوثيين التي تشهدها المملكة حاليًا. كما لم تتطرق القصيدة إلى العديد من المشكلات التي تواجهها المملكة مع بعض القوى العظمى، ولم تدعم المملكة السعودية في حربها. ويلاحظ أيضًا أن الشاعر لم يتخذ موقفًا سياسيًا أو منهجًا نقديًا واضحًا في القصيدة
- لم يشر الشاعر إلى تاريخ المملكة العظيم والمليء بالمواقف التي تستحق الذكر والفخر، حتى يكمل مسيرة الآباء والتمسك بالقديم والفخر والعزة
- تجاهل الشاعر الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل المملكة
- لم يذكر الشاعر المواقف الإنسانية التي تقدمها الدولة للآخرين على المستوى العالمي
- تظهر بعض الإشارات إلى الاتجاهات غير المرغوبة في القصيدة
- للشاعر حيدر عبد الله خيال موهبة حسنة في إلقاء الشعر وحصل من قبل على جائزة بردة عكاظ ولقب أمير الشعراء في المملكة عن طريق التصويت، ومع ذلك، هذه القصيدة لم تكن كما ينبغي أن تكون