أدلة و مراجعاتكتب و أدب

دور السياق في الترجيح بين الأقاويل التفسيرية

shutterstock 5997439191 | موسوعة الشرق الأوسط

في هذا المقال، سنتحدث اليوم عن دور السياق في ترجيح الأقوال التفسيرية للدكتور محمد إقبال عروي، وسنتحدث عن أهم ما ذكره الدكتور في كتابه، وعن المفاهيم التي يدور حولها الكتاب، وقبل ذلك سنتحدث عن الدكتور محمد إقبال عروي بشكل مختصر، ونرجو من الله تعالى أن يمن علينا بالتوفيق في توضيح هذا العلم الجليل المذكور في هذا الكتاب دون حدوث أي تقصير، والله المستعان (الموسوعة).

 نبذة مختصرة عن الدكتور محمد إقبال عروي

  • وُلد الدكتور محمد إقبال عروي في المغرب عام 1962.
  • حصل على دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية والأدب العربي.
  • حصل على دكتوراه في علوم القرآن.
  • حصل على دكتوراه في النقد الأدبي.
  • أستاذ بالتعليم الجامعي.
  • هو مستشار ثقافي لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
  • لقد كتب العديد من المؤلفات في الأدب الإسلامي وبلاغة الخطاب القرآني.

مراجعة الكتاب

الباعث على تأليف الكتاب

  • يعتقد الدكتور محمد إقبال أن النظرة إلى التراث تتمثل في اتجاهين: التجاوز الفكري للتراث، والتبني الكامل للتراث على نحو شامل وتفصيلي.
  • لذلك كان من الضروري الحصول على رؤية ثالثة تستند إلى الاعتزاز العلمي بالتراث، وتقوم على مراجعة هذا التراث بالنقد والتقييم.
  • لذلك، يجب البدء في إجراء مقاربات ومراجعات للعديد من القضايا التراثية لحفظ التراث.
  • تهدف المراجعات التي قام بها قطاع الشؤون الثقافية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت إلى تبسيط قضايا التراث بلغة سهلة وفهم سليم، وتعزيز معرفة الناس بمفاهيم التراث وتصحيح الأفكار الخاطئة حوله، وإنشاء مراجع تراثية موثوقة تستند إلى منهجيات صحيحة، واستكشاف الجوانب الثرية في التراث، وتعزيز التواصل بين المهتمين بالتراث  
  • يهدف كتاب دور السياق في الترجيح بين التفاسير المختلفة.

الدليل على وجود الفكرة

يرى الدكتور محمد إقبال أن الدلالة موجودة داخل السياق القرآني بنفس الطريقة التي يوجد بها التركيب، ويستدل على ذلك من خلال قول ابن عباس رضي الله عنه عندما سئل عن قوله تعالى: (أو خلقًا مما يكبر في صدوركم){51-الإسراء}، فأجاب: الموت، ويقول السهيلي: إن هذا التفسير يحتاج إلى تفسير آخر.

فكرة السياق في القرآن بين القديم والحديث

  • يتحدث الدكتور محمد إقبال في مقدمة الكتاب عن وجود فكرة معينة لدى بعض المفسرين، ولكن الكثير منهم لم ينتبهوا لهذه الفكرة، وعلى الرغم من ذلك، لم يقم أحد بتأليفها بشكل منفرد، بل كانت جزءًا من التفسير دون دراسة مستقلة.
  • لا يعتبر دور السياق هو توضيح المعنى وتقريبه، بل هو تقديم التفسيرات المختلفة وتدعيم التفسير الأكثر قوة.

تناول الكتاب لفكرة دور السياق في الترجيح بين الأقاويل التفسيرية

يتحدث الدكتور عن محاولته لتناول الفكرة في مؤلف منفصل، بعيدًا عن ما كان معتادًا في السابق، مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب التطبيقي بجانب الجانب النظري. كما يتحدث الدكتور عن خطورة فكرة الترجيح عن طريق السياق، حيث إن ذلك قد يؤدي إلى حركة واضطراب في علوم القرآن والتفسير، حيث أن الكثير من العلماء والمفسرين قد أهملوا هذه الفكرة.

دور آليات البلاغة والبيان في التفسير

  • يعتبر الزمخشري -مفسر القرآن- أنه لا يمكن للبلاغة والبيان اللغوي الوحيد تمثيل الأبعاد الجمالية والدلالية للخطاب القرآني، وبالتالي يجب مراعاة مجموعة القرائن بدلاً من الدلالات اللغوية المجردة.
  • يتطلب الخطاب القرآني، باعتباره بنية لغوية، استخدام آليات البلاغة والبيان كأي خطاب آخر، لأن البلاغة هي العلم الذي يهتم بدراسة هذه الجوانب، وبالتالي، تكون البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.
  • تقوم إحدى الدلائل المساعدة على فهم المتحدث للكلام، بالنظر إلى سياق الكلام. على سبيل المثال، إذا قلت لشخص ما: `جاء محمد`، فإن ذلك يختلف عندما تريد إخباره بشيء ما، أو عندما تريد سؤاله عن شيء ما، أو عندما تريد إنكار شيء ما. وجميع هذه التفاصيل تأتي من نبرة الصوت وليست من هيئة الجملة. لذلك، يوضح المتحدث المقصود من خلال السياق للمستمع الذي لا يفهم.

مفهوم السياق

  • السياق هو سلسلة الأفكار التي تجسد نصا معينا، وبالتحديد، يعتبر السياق المحيط بالجملة المطلوب فهمها أمرا حاسما لفهمها بشكل صحيح، أو هو السياق اللغوي الذي تم إنتاج العبارة فيه.
  • ومن الأمثلة التي ذكرها الدكتور على أهمية السياق في ترجيح المعاني المتنازعة ما قاله الشاعر الراعي في الحطيئة:

هاجمناه وهو يطعم كلبه، لذا دع الكلب ينبح، فالكلب هو النابح

يقال إنه أشاد بمنع كلبه من النباح لعدم إزعاج الضيوف، ويقال أيضا إنه انتقد هذا التصرف لأنه يمنع الكلب من النباح وبالتالي يمكن للضيوف أن يشتبهوا في وجود شيء غير عادي، ويعتقد ابن رشيق أن المعنى الثاني هو المقصود بناء على الأبيات اللاحقة، وقبله يقول:

لعن الله الحطيئة، فإنه على كل من وافى من الناس سالح

فإذا كان ابن رشيق قد توصل إلى معنى الهجاء ورجحه على معنى المدح في بيت شعر، فماذا عن القرآن الكريم الذي يعد أعظم من كل شعر؟.

أهمية السياق في فهم دلالة النص

اشار الدكتور إلى قول ابن قيم الجوزية حول أهمية السياق في توجيه:

  • تبيين المجمل.
  • تعيين المحتمل.
  • القطع بعدم احتمال غير المراد.
  • تخصيص العام.
  • تقييد المطلق.
  • تنوع الدلالة.

ذكر الدكتور قول عدد من العلماء السابقين والمعاصرين بأهمية السياق في الترجيح بين الأقوال التفسيرية.

مفهوم الترجيح

 

  • أوضح الدكتور بعد ذلك أن مفهوم الترجيح هو تقوية أحد الدليلين المتعارضين على الآخر لاعتماده، ويتم ذلك لترجيح كفتي الأيديولوجيات المتنازعة.
  • أوضح الدكتور أنه في بعض الأحيان لا يجب إعطاء الأفضلية لرأي الأصوليين إذا كان بالإمكان الجمع بين الرأيين من خلال نصوص أخرى.
  • قد يأتي الترجيح من غير السياق أو المعنى كما يحدث، ومع ذلك فهو يعود في النهاية إلى السياق والمعنى   

  وسائل الترجيح

  • الترجيح بالقرآن.
  • الترجيح بالحديث الصحيح.
  • الترجيح بالسياق كما يتناول هذا الكتاب.
  • الترجيح بمطلق اللغة.
  • أضاف الدكتور طريقة ترجيح أخرى يجب أن نأخذها بعين الاعتبار في عالمنا المعاصر، وهي ترجيح نتائج العلوم المعتمدة.

السياق الحاكم

يعني السياق الحاكم السياق الذي يدل على معنى واضح ولا يُشكك فيه. ولذلك، إذا وجد سياقٌ يوضّح معنى ما في القرآن، فيجب اتباع هذا السياق في الآيات المشابهة، لأن القرآن خطاب الله لكل من الجنّ والإنس، ويهدف إلى ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية. ولذلك، لا يجوز للقرآن أن يطلب من الناس الالتزام بقيمة معينة، ثم يأمرهم في سياقٍ آخر بتجاوزها أو خرقها. وإذا كان السياق يتحدث عن نفي الإكراه في الدين، فلن تجد في آياتٍ أخرى أمرًا بإجبار الناس على الدخول في الدين.

امثلة على دور السياق في الترجيح بين الأقاويل التفسيرية

دلالة الخروج من النار

  • ذكر الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: الآية الكريمة {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم} {المائدة 37}، والخلاف الذي نشأ بين نافع بن الأزرق وابن عباس رضي الله عنهما.
  • ذهب نافع على اعتقاده بأن بعض المسلمين سيخلدون في النار.
  • فيما يتعلق بالآية، ذهب ابن عباس إلى سياقها واستنتج في النهاية أنها تنطبق على الكافرين بشكل خاص.
  • لقد كان للسياق دورٌ كبير في الوقوف على الرأي المناسب في إحدى المسائل الدينية الهامة.

أمر الله: عذابه أم فرائضه

  • افتتحت سورة النحل بقوله تعالى: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه){1-النحل}، والمفسرون اختلفوا في معنى أمر الله، فقال بعضهم إنه يشير إلى فرائضه وأحكامه، وقال آخرون إنه يشير إلى عقابه.
  • اعتمد الطبري المذهب الثاني في تفسير الآية، وذلك بسبب ترتيب الآية وسياقها، حيث انتهت الآية بالقول `سبحانه وتعالى عما يشركون`، مما يشير إلى تقريع الله للمشركين ووعيدهم بالعذاب، ولذلك يناسب أن يكون المعنى دالًا على العذاب.

المستقر: الأرض أم القبر

  • تحدث الإمام الرازي بين يدي تفسيره لقوله تعالى: يختلف المفسرون في معنى كلمة `مستقر` في آية من سورة البقرة، ويعتقد معظمهم أنها تشير إلى الأرض، في حين يعتقد البعض الآخر أنها تشير إلى القبر.
  • رجح الرازي القول الأول لأن الله تعالى قدر المتاع في الحياة الدنيا، ولأن الله خاطبهم عند النزول إلى الأرض وذلك يتطلب حال الحياة.

ثم ذكر الدكتور العديد من الأمثلة الأخرى التي تؤكد دور السياق في التفسير والتفضيل بين الاحتمالات المحتملة، وأهمية فهم معناها.

قضايا في الكتاب

  • بالإضافة إلى النقاط المذكورة سابقًا، قام الدكتور محمد إقبال بنقد بعض التفاسير المختلفة كمنظر القبول المتعدد للآيات، وناقش هذه القضية من وجهة نظر المفسرين ومن وجهة نظره الخاصة أيضًا.
  • تناول الكتاب النقاش حول حجية قول الصحابي، وبين الشروط التي يجب مراعاتها عند اعتماد تفسير الصحابي، وتم اختتام الكتاب بهذه القضية.

 

هذا ملخص ومراجعة لكتاب يتناول قواعد التفسير المتعلقة بدور السياق في الترجيح بين الأقوال التفسيرية، مع بعض التطبيقات التي تم ذكر بعضها، ويمكن الاطلاع على البقية، بالإضافة إلى المسائل التفسيرية التي يتحدث الدكتور عنها، مثل قبول الآيات لمختلف الدلالات، والقول بحجية قول الصحابي في التفسير. نسأل الله أن يرزقنا علمًا نافعًا وأن يحفظكم في أمان الله. تابعونا على الموسوعة لتصلكم كل جديد.

 

المصدر:

يؤدي دور السياق إلى الميل إلى إحدى الأقوال التفسيرية للدكتور محمد إقبال عروي  

    

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى