منذ أن استطاع الإنسان الأول بناء مجتمعات إنسانية وظهرت الحاجة الماسة لإيجاد طرق للحفاظ على الطعام واستخدامه في حالة عدم توفر الغذاء، وحتى اليوم يوجد تنوع في الابتكارات ووسائل الحفظ التي لا تهدف فقط لتوفير الطعام ولكن أيضا للحفاظ على أقصى قيمة غذائية فيه. وعلى مختلف المستويات، يسعى الجميع لتحقيق هذا الهدف في حفظ الأطعمة المختلفة، بدءا من الأسر الصغيرة وصولا إلى المؤسسات العالمية والدول الكبرى.
تهتم العديد من الأمهات بمعرفة أفضل طرق الحفاظ على الأطعمة لفترة أطول، ونحن أيضا في موسوعتنا نهتم بتوفير المعلومات الصحيحة التي يحتاجها كل أسرة، وسنشرح لكم سبب فساد الأطعمة وطرق الحفاظ عليها بمختلف أنواعها وفوائدها.
من طرق حفظ الأطعمة
تتفق الصور الكثيرة المختلفة لحفظ الطعام، باختلاف أنواع الأطعمة التي يتم حفظها، في هدف واحد، وهو عدم تعريض الأطعمة لأي ملوثات خارجية، والحفاظ على الطعام بعيدا عن أي بيئة تسمح له بالتعرض للفطريات أو البكتيريا. وتتضمن طرق حفظ الأطعمة العديد من الأساليب؛ بعضها قديم وبعضها حديث ومبتكر، وتشمل الأساليب الآتية:
طرق حفظ الطعام قديماً
كما ذُكر في البداية، بدأ الإنسان يسعى لحفظ الطعام منذ بداية تطوره، وما زال يستخدم عدة طرق بسيطة لحفظ الطعام التي لا تتضمن تكنولوجيا مُعقدة، مثل:
- حفظ الطعام بالتجفيف: وهي طريقة قديمة لحفظ الطعام وتعتمد إما على تجفيف الطعام بتعريضه للهواء مع توفير درجة حرارة مناسبة وبعيدا عن الرطوبة، أو بتعريضه لبخار الماء، وتستخدم هذه الطريقة للحفاظ على الطعام لفترات طويلة وتستخدم عادة مع الفواكه والبقول والحبوب.
- حفظ الطعام بالتحليل: تُستخدم هذه الطريقة عادةً مع عدد كبير من الخضراوات، مثل الجزر واللفت والزيتون وغيرها من الخضراوات المختلفة، وحتى بعض أنواع الأسماك التي يتم الاحتفاظ بها بعيدًا عن الهواء في محلول ملحي يكون ملوحته أكبر من الدرجة التي تسمح للبكتيريا بالنمو، وهذا يساعد على حفظ الطعام لفترات طويلة.
- حفظ الطعام بعمل المربى:تشبه هذه الطريقة طريقة التخليل بشكل كبير، ولكنها تستخدم السكر بدلاً من الملح، وغالبًا ما تستخدم هذه الطريقة مع العديد من الفواكه مثل التوت والفراولة والخوخ، وأيضاً بعض الخضروات مثل الجزر والبنجر.
- حفظ الطعام بالتمليح أو التجفيف بالملح:هذه طريقة لتجفيف الأطعمة باستخدام الملح فقط، حيث يتم استخدام الملح لسحب الرطوبة من الطعام ومنع انتشار البكتيريا عن طريق توفير بيئة غير مناسبة لنموها. وتستخدم هذه الطريقة عادة مع أنواع مختلفة من اللحوم والأسماك.
- حفظ الطعام عن طريق الغلي: تستخدم هذه الطريقة عادة مع الحليب والسوائل، وتعمل على قتل البكتيريا والفطريات من خلال رفع درجة حرارة السائل إلى درجة محددة.
طرق حفظ الطعام حديثاً
بعد التقدم التكنولوجي الكبير في العصر الحديث، تم اختراع عدة وسائل لحفظ الطعام، بما في ذلك ما يلي:
- حفظ الطعام بالتجميد أو التبريد: من الأساليب الحديثة لحفظ الطعام هي توفير بيئة شديدة البرودة تصل إلى درجة تثبط عملية نمو البكتيريا والفطريات الضارة، وقد تسهل التكنولوجيا الحديثة وتطور الأجهزة تلك العملية بشكل كبير، مثل الثلاجة والمجمد الذي يحفظ الطعام في درجات حرارة شديدة البرودة ويساعد على الحفاظ على الأغذية لفترات طويلة تصل إلى عدة أشهر، كما يساعد على الحفاظ على كامل قيمة الأغذية الغذائية.
- حفظ الطعام بالتعليب: يمكن منع تسرب الهواء من وإلى الطعام عن طريق وضع الأطعمة في علب محكمة الغلق، بالإضافة إلى وضع مواد كيميائية مصنعة لمنع تكاثر البكتيريا على الأطعمة وزيادة صلاحيتها.
من عوامل فساد الأطعمة
هناك أسباب عديدة لفساد الأطعمة، من بينها البكتيريا والأنزيمات وبعض الفطريات أو التفاعلات الكيميائية التي تحدث بين الأطعمة المختلفة وبعضها، كما يمكن أن تحدث نتيجة لعوامل بيئية مختلفة، ومن بين هذه العوامل:
التلوث البكتيري
وهو من أقدم أنواع التلوث وأكثرها انتشارا، فهو الذي يحدث عادة عند تعرض الأطعمة للحشرات الناقلة للبكتيريا مثل الذباب، أو عندما تنتقل البكتيريا عبر الأدوات التي تحمل تلك البكتيريا. ويحدث هذا غالبا بسبب الباعة المتجولين الذين لا يلتزمون بالضوابط الصحية لتحضير الطعام وحفظه، مثل غسل الأيدي وتنظيف الأدوات المستخدمة وتنظيف المكان الذي يحضر فيه الطعام، بالإضافة إلى تكديس الأطعمة والاحتفاظ بها في درجات حرارة غير مناسبة، مما يساعد على تكاثر تلك البكتيريا.
التلوث بانتشار الفطريات (العفن)
توجد العديد من الأطعمة التي تشكل بيئة مناسبة لنمو الفطريات الضارة، والتي تسبب أمراضًا في الكبد وتشوهًا في الأجنة وتؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان. وتشمل هذه الأطعمة الحبوب مثل القمح والذرة والفول والعدس والفاصوليا واللوبيا الجافة والبسلة الجافة، بالإضافة إلى المكسرات والدقيق والخبز والفواكه المجففة. يحدث هذا التلوث بسبب سوء تخزين الطعام واحتفاظه في أماكن مرتفعة في درجة الرطوبة أو المحافظة عليه في درجات حرارة مرتفعة.
فوائد حفظ الأطعمة
تعتمد معظم الأسر في الوقت الحالي على توفير احتياجات المنزل الغذائية بشكل دوري، وبسبب قابلية بعض الأطعمة للتلف، فإن تخزينها بطريقة فعالة يحميها من التلف، وتتضمن فوائد حفظ الطعام الآتي:
على مستوى الفرد
لمحاولة توفيرها بأقل تكلفة ممكنة: من الأمور المتفق عليها تجاريًا أن البيع بالجملة (كمية كبيرة) يوفر للمشتري سعرًا أقل من البيع بالتجزئة، بالإضافة إلى توفير الوقت والجهد في عملية الشراء والتوصيل للمنزل.
الاستعداد لمواجهة أي ظروف سيئة محتملة: يصعب توفير المنتجات الغذائية في بعض الظروف المناخية المفاجئة مثل العواصف والأمطار الشديدة، وقد تكون بعض هذه الظروف ظروفًا بشرية ليست فقط مناخية، مثل حالات الشغب واندلاع الثورات وقيام الحروب.
على مستوى الدولة
- يتم تأمين احتياطيات من الأغذية لتلبية احتياجات الدولة لفترات طويلة تحسبًا لأي أزمة
نشهد اليوم أن العالم بأسره يستعد لمواجهة أزمة في الغذاء وارتفاع في معدلات التضخم العالمية بسبب الحرب التي اندلعت في أوكرانيا، ولذلك تحتاج الدول إلى تخزين الطعام تحسبًا لمثل هذه الظروف.
- توفير مبالغ ضخمة
تتمثل قيمة المبالغ التي تنفق بسبب عمليات شحن المنتجات الغذائية واستيرادها بشكل منتظم، بالإضافة إلى توفير فائض من المنتجات التي يسهل توفيرها محليا وتصديرها إلى خارج البلاد.
- توصيل الأطعمة إلى المناطق التي يصعب إيصال الأطعمة الطازجة إليها
كما يعتبر إمداد الجيوش بالأطعمة والمواد الغذائية خلال الحروب شأنًا مهمًا بنفس درجة أهمية إمدادهم بالأسلحة والذخائر.
الآثار السلبية لتخزين الأطعمة بشكل خاطئ
نظراً لأهمية الحفاظ على الطعام لفترة أطول، يرغب الجميع في تخزين طعامهم لفترة أطول، ولكن هل فكرت يوماً في تأثير عدم الاهتمام بطريقة التخزين؟
تغير في مذاق الأطعمة
يمكن أن يؤدي التخزين السيء للأطعمة إلى تعرضها للتلوث بالبكتيريا، وينتج عن ذلك تغييرًا في رائحتها، لا سيما في حالة حفظ أنواع مختلفة من الأطعمة في مكان واحد، فمثلاً يمكن أن تشعر بأن فاكهتك تحتوي على نكهة الثوم أو البصل.
فساد أسرع للأطعمة
في حال وجود بعض الأطعمة الفاسدة أو التي تحمل عدوى بكتيرية أو فطرية مع الأطعمة السليمة، فإن ذلك يؤدي إلى تسريع عملية تكاثر الفطريات والعدوى وتلف الأطعمة، حتى لو تم الاحتفاظ بها بشكل صحيح.