من اسباب ظهور البدع

يعد هذا السؤال من أهم الأسئلة التي تم ذكرها في الآونة الأخيرة، وذلك نظرًا لتعرض عصرنا الحالي للفتن والمعاصي والمنكرات والبدع التي انتشرت على الملأ دون التأكد من صحة وجودها، سواء في السنة النبوية الكريمة أو في آيات كتاب الله عز وجل، ويعد ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى ضياع المجتمعات الإسلامية وفسادها وتفشي الجهل فيها.

وعلى الرغم من أن حبيبنا المصطفى كان أميا، إلا أنه كان أكثر وضوحا وصراحة في خطبه من غيرهم، وهذا معروف، ومن الضروري أن ننبه إلى ذلك. فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله قد ذكر في إحدى خطبه قائلا: “أما بعد، فإن أصدق الأحاديث كتاب الله، وأفضل الهدايا هدى محمد، وأشر من الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. الساعة ستأتي بغتة. بعثت أنا والساعة بهذه الطريقة. صبحتم ومسيتم واتخذتم مني ولاية على أنفسكم. من ترك مالا فليرده لأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي. وأنا ولي المؤمنين.

نظرًا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوضح أن البدع ضلالة وأن كل ضلالة تهدم في النار، فسنقدم في مقالنا هذا عبر موسوعة كل المعلومات المتعلقة بمفهوم البدع وأسباب انتشارها والمخاطر التي تنجم عن وجودها .

من اسباب ظهور البدع

ومثلما أشرنا سابقًا إلى ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته، فإن البدعة هي ضلالة ومصير كل ضالة هو النار، فنحن نسأل الله الحفظ والسلامة. وقبل مناقشة أسباب ظهور البدع، يجب أولاً تعريفها، فالبدعة – وفقًا للغة العربية وعلماء اللغة – هي ما يُخترع من العدم ولم يكن موجودًا من قبل، كما في قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 117: `بديع السماوات والأرض`، أي مخترعها. ومن حيث الفقه، فالبدعة هي كل ما ابتدع في الدين بدون برهان، أو كل ما يتعارض مع كتاب الله وسنة نبيه، وما اتفق عليه السلف الصالح من عبادات واعتقادات. وبناءً على ذلك، فإن هناك العديد من العوامل التي أدت إلى ظهور البدع، وسنذكرها في السطور التالية.

الجهل بأحكام الدين

• يُعد الجهل مشكلة خطيرة تُهدد مجتمعات الأمة الإسلامية بأسرها، خاصة فيما يتعلق بالأحكام التشريعية والدينية، والتي نتيجة انتشار الجهل ونقص العلم، ينتج عنها انتشار المعاصي والآثام والبدع.
• قد قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأعراف في الآية رقم ثلاثة وثلاثين: “قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.

التشبه بالكافرين

• على الرغم من أن معظم المجتمعات الإسلامية في الوقت الحالي تحاول تقليد الغرب بشكل أعمى، فإن معظم ما يتم تقليده لا يتوافق مع معتقداتنا وفكرنا وديننا الحنيف، وربما يكون هذا هو سبب وقوع الناس في شرك البدع.
• في سورة الأعراف، الآية 138، ضرب الله تعالى مثلا لنا، حيث جاوز بنو إسرائيل البحر ووصلوا إلى قوم يعبدون الأصنام، وطلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها كما لديهم آلهة. فأجابهم موسى أنهم قوم يجهلون.
• بالإضافة إلى ما رواه أبو واقد الليثي عن رسول الله، حيث قال: “عندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، مر بشجرة كانت ترتبط بها الأنواط التي يعلقون عليها أسلحتهم، فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم شجرة مثلها ليعلقوا عليها أسلحتهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم “سبحان الله! هذا مثل قوم موسى عندما قالوا: “اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة” (سورة الأعراف، الآية 138). والذي نفسي بيده، لتتبعون سنة من كان قبلكم.

اتباع الهوي

• يعتبر اتباع الفرد لأهوائه وما يشتهيه نفسه من أهم العوامل التي تساهم في ظهور البدع والشر، وعدم وضع بذور الإيمان في القلب هي واحدة من العوامل التي تجعل العبد يحيد عن الحق.
• في سورة القصص الآية الخمسون، قال الله تعالى: `فمن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؛ إن الله لا يهدي القوم الظالمين`.
• في سورة ص، قال الله في الآية رقم 26 حثا نبيه داوود على عدم اتباع الهوى، حيث قال له: يا داوود، إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بالحق بين الناس، ولا تتبع الهوى؛ فإنه يضلك عن سبيل الله، وإن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بسبب نسيانهم ليوم الحساب.

من اسباب انتشار البدع

من الأسباب التي تعمل على ظهور وانتشار البدع، والتي تم ذكرها سابقًا، فإن الأسطر التالية ستذكر عوامل أخرى كان لها دور في نشر البدع في المجتمعات الإسلامية.

مخالطة أهل السوء

• مجالسة أهل الشر ومصاحبتهم تعد من أهم العوامل التي تسهم في انتشار البدع والابتداعات، وأشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى أن الذين يجالسون أهل السوء سيندمون.
• كما وضح في كتابه العزيز في سورة الفرقان في الآية رقم 27 و28 “ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا.

اعتماد العباد علي الأحاديث الضعيفة والموضوعة

• يعتبر الاعتماد على الأحاديث ذات المساند الضعيفة والتي قد تكون موضوعة من أهم العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى انتشار البدع عند أصحاب النفوس الضعيفة والإيمان الهش، على الرغم من رفض صناع الحديث المستحدثين لهذه الأحاديث وعدم الاعتماد عليها في علم الجرح والتعديل.
• يجب الانتباه بشكل خاص إلى عواقب الكذب على رسول الله والافتراء عليه، حيث أوضح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحد الأحاديث أن كذبًا عليه ليس ككذب على أي شخص آخر، ومن يكذب عليه -صلى الله عليه وسلم- بقصد يجب أن يستعد لموقعه في النار.

كتم العلم

• يعد كتم العلم عن العباد وسكوت العلماء من أسوأ الأسباب التي تؤدي إلى انتشار البدع في البلاد، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة الآية رقم 159: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ .

مخاطر البدع عديدة منها

يتسبب ظهور البدع في وجود العديد من المخاطر التي تشكل تهديدًا للأمن في الأمة الإسلامية، وعلينا التصدي لها بشكل دائم وفوري، ومن بين هذه المخاطر الأتي ذكرها.

• البدع هي كل ما أضيف إلى الدين بغير حق أو دليل بعد اكتماله، والبدع تتميز بالانتشار والتمدد والتوسع، وتنتقل من شخص لآخر ومن مجموعة لأخرى ومن مكان لآخر كما لو كانت عدوى تنتشر.
• يجب الانتباه إلى أن العلماء الذين يروجون للبدع هم أصحاب عقول غليظة وناقصة، مما يؤدي إلى إغواء العامة والتأثر بعلمهم الزائف، دون التمييز بين الحق والباطل.
• بسبب استمرار هذا الحدث، تتحول هذه البدع إلى فضيلة ثم إلى فريضة، حيث يحرص الناس على القيام بها للتقرب من الله، ولكن في بعض الأحيان قد يؤدي الجهل إلى الشرك بالله.
• تؤدي الابتكارات الدينية إلى تفريق المجتمعات الإسلامية وضعف وحدتهم، بالإضافة إلى أنها تلغي أعمال العبد وتجعلها غير صحيحة أو مقبولة.
• يعتبر الشخص الذي ينشر البدع ممن يحول بين الناس ودين الله، وفي النهاية تؤدي البدع إلى تكذيب وكفر أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل العبد.
• بالإضافة إلى أن النتيجة الطبيعية للبدع هي النار، لأنها تمثل الضلالة، وكل ضلالة في النار بحسب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

بدع انتشرت في المجتمع

رغم حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من عواقب البدع والمبتدعين وأفعالهم، إلا أن العديد من البدع ظهرت في العصور الحالية، وفيما يلي سنتعرف على أشهر هذه البدع.

صلاة الرغائب

• هما صلاة الرغائب وصلاة البراءة، حيث تصلى في أول ليلة جمعة من كل رجب وتتكون من اثنتي عشرة ركعة، وصلاة النصف من شعبان التي تصلى مئة ركعة، ويجب الإشارة إلى أن هاتين الصلاتين بدعتان منكرتان وغير مستحبتان، حيث أوضح بن القيم أن صلاة الرغائب في ليلة الجمعة من أول رجب وصلاة النصف من شعبان هما كذب موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

• يعد المولد النبوي الشريف واحدًا من أكثر البدع انتشارًا في المجتمعات الإسلامية، فلم يشرع الله عز وجل سوى عيدين فقط وهما الفطر والأضحى، ويمكن الاحتفال بالمناسبات كأحد أنواع التقرب إلى الله مثل يوم عرفة والتشريق والجمعة.
• لا يوجد في الشرع أو في السنة أي تفسير يسمح بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ولكن يمكن الفرح به من خلال التقرب إلى الله بالذكر والعبادات وتقديم الهدايا.

وصلنا في نهاية موضوعنا حول أسباب ظهور البدع إلى إجابة سؤال عن هذه الأسباب، وأكدنا عدم الاهتمام بأحكام الدين وسنن النبي وآيات القرآن، وتعاطينا مع أصدقاء السوء، والاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة.