التعليموظائف و تعليم

ما هو الفن التشكيلي وأهم المدارس التشكيلية

Add a heading245 | موسوعة الشرق الأوسط

الفن التشكيلي هو فرع من فروع الفنون التي ابتكرها الإنسان منذ ظهوره على الأرض، حيث يحب الإنسان رؤية الجمال من حوله وخلق الفن بيده من الأشياء المحيطة به. وابتكر الإنسان أنواعًا مختلفة من الفنون للتعبير عن ذاته وعن مشاعره التي قد لا يستطيع التعبير عنها بالكلام، من الرسم والتلوين والشعر والنثر والفنون الحركية، ومع تطور المجتمع، ظهرت السينما والمسرح وتطورت الفنون المرئية مثل الرسم والنحت، وهي الأنشطة التي تحتاج إلى الإبداع والتفكير. ويقدم موقع الموسوعة في هذا المقال نبذة عن الفن التشكيلي من المدارس الكلاسيكية إلى الرومانسية وحتى التشكيلية.

ماهو الفن التشكيلي

الفن التشكيلي هو إظهار الخيال في الواقع، فهو عبارة عن رؤية الرسام أو الفنان لشيء واقعي ثم يعيد رسمه من منظوره الخاص ليظهر لنا كيف يراه أو كيف يريد أن يكون. فقد يرسم الفنان وجه أمه الحبيبة التي كانت أقل جمالاً في الواقع، ولكنه يرسمها كما يراها قلبه، أو يرسم زهرة ويلونها بألوان مختلفة عما هي عليه في الواقع، وذلك من منظوره الخاص.

يعتبر الفن التشكيلي صرخة من الفنان الذي لم يعد الرسم التقليدي المتعارف عليه قادرًا على استيعاب كل الطاقات الإبداعية التي يحملها، فالرسام يريد أن يعبر بكل ما بداخله دون قيود، بل يريد أن ينظر إلى الحياة من وجهة نظر تجعله مميزًا عن الآخرين، وهذا ما يحققه الفن التشكيلي بالفعل.

نبذة تاريخية عن الفن التشكيلي

“يعتقد المؤرخون أن الفن التشكيلي قد ظهر منذ حوالي 32 ألف سنة، وأول ظهور له كان في فرنسا، وبالتحديد في كهف لاسكو الواقع في جنوب فرنسا. وتم العثور في هذا الكهف على رسومات لبعض الحيوانات مثل الأبقار والخيول والغزلان التي رسمت بطريقة مختلفة عن الواقع، وقد تم تلوين تلك الحيوانات بألوان مختلفة مثل الأحمر والأصفر والأسود، وهي ألوان تختلف عن ألوانهم الحقيقية.

بدأ الفن التشكيلي وفقاً للمؤرخين بالرسم والتلوين فقط، واستغرق وقتاً طويلاً حتى بدأ ينتشر في فنون أخرى مثل النحت والتصوير والعمارة، وفي المراحل المتقدمة من تطوره وفي فترات ازدهاره، كان له تواجد ملحوظ في فنون التصميم والحياكة والزخرفة.

ازدهر الفن التشكيلي في العصور الوسطى في أوروبا، وخاصة في القرن الثالث عشر مع انتشار المسيحية، حيث أدخل الفن التشكيلي في المخطوطات المزخرفة التي كان يصنعها الرهبان في الكنائس في ذلك الوقت. وقد ألهم هذا الفن الفنانين الإيطاليين مثل ليوناردو دافنشي الذي رسم لوحته الشهيرة “العشاء الأخير” والفنانان جيوتو ورفائيل الذين صنعوا المدارس المختلفة للفن التشكيلي.

في القرن السابع عشر، احتلت هولندا المرتبة الأولى في الإبداع الفني بفضل ظهور العديد من الفنانين التشكيليين الذين طوروا هذا الفن، ومن بين أشهر هؤلاء الفنانين رامبرانت الذي استخدم الفن التشكيلي في لوحاته ذات الطابع الديني التي تعبر عن قصص الكتاب المقدس، وظهر أيضًا فيرمير الذي استخدم التشكيلية لرسم لوحات تعبر عن الحياة اليومية الهولندية وتفاصيلها المهمة.

في نهاية هذا القرن، تمكّن الفنانون من إدخال أنواع مختلفة من الإضاءة وإحداث ثورة في الألوان والتأثير البصري، وجاء القرن التاسع عشر ليزدهر هذا الفن الرائع أكثر في فرنسا، حيث ظهرت ما يسمى بالمدرسة الانطباعية التي تضمّ مجموعة من أشهر رسامي فرنسا في ذلك الوقت مثل كلود مونيه وأوجست رينوار وبول سيزان، حيث أدخلوا العصرية والتطور الذي شهدته أوروبا بعد الثورة الصناعية، والذي انعكس على شكل المجتمع وظهر ذلك في لوحاتهم.

أهم المدارس التشكيلية

المدرسة التشكيلية الواقعية

بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وما نجم عنها من مقتل الملايين من الأشخاص، ومع ظهور الثورات الاجتماعية في أوروبا وانتشار الفقر والجوع، تخلص الفنانون من رومانسيتهم ومحاولاتهم للهروب من الواقع بالخيال وتجميل الحقيقة. أسسوا حركة الواقعية كشاهد تاريخي على أسوأ حقبة عاشها الإنسان منذ وجوده على الأرض.

تحتوي لوحات هذه الفترة على رسم الشخصيات الاجتماعية البارزة التي لعبت دورًا في التحرر المجتمعي، ورسم الشخصيات الديكتاتورية الظالمة، مع تخليد ذكرى الرموز الدينية البارزة التي قادت الكنيسة من الظلمات إلى النور. ولهذا السبب، في هذه المدرسة، تم تجاهل رسم المناظر الطبيعية والتخلي عن التجريد لتكون لوحاتهم بمثابة دليل تاريخي حقيقي.

المدرسة التشكيلية الإنطباعية

اعتمد فنانو المدرسة الإنطباعية مبدأً واحدًا، وجعلوه رمزًا للمدرسة، وهو أن الحقيقة والجمال موجودان في العقل وليس فيما تراه العين، ولذلك تمرد الفنانون على النمط اليومي التقليدي في لوحاتهم، وخرجوا خارج الغرف المغلقة والأماكن المحدودة، وابتكروا عوالمًا من إبداعهم الخاص.

أظهر فنانو هذه المدرسة مهارات رائعة في رسم المناظر الطبيعية من وجهة نظرهم الخاصة، ولذلك كانت هذه المدرسة العامل الرئيسي في تطوير منهج النور والظل، وقد تميز فنانو هذه المدرسة بإضافة لمسات شرقية إلى لوحاتهم من حيث الألوان والزخارف وأي شيء يخرج عن الواقع الأوروبي ليظهر الابتكار.

المدرسة التشكيلية الرمزية

تُعَدُّ إحدى المدارس الفنية التشكيلية البارزة، وظهرت مباشرةً بعد المدرسة الإنطباعية، لذلك يسميها الكثيرون بـ(مدرسة ما بعد الإنطباعية)، وتتلخص تلك المدرسة في أنها تُعبِّر عن الواقع بأشكال هندسية تعبر عنه من وجهة نظر الرسام، حيث تبنت هذه المدرسة فكرة أن الهندسة هي العلم الأول الذي يتولد منه جميع الكون من حولنا.

تعد المدرسة الرمزية واحدة من الفنون التي تجرد رسوماتها من الواقع وتعيد صياغتها بأسلوب فني مميز قد يصعب على البعض فهمه. بالإضافة إلى الأشكال الهندسية مثل المربعات والدوائر والمثلثات، تتميز بألوانها الجريئة والغريبة، وتشمل اللوحات الرمزية عناصر زخرفية مميزة. وبسبب هذه الخصائص، تحتل اللوحات الرمزية مكانة بارزة في المتاحف والمنازل التي تتميز بديكورات عالية الفخامة.

المدرسة التشكيلية التعبيرية

هذه المدرسة هي تلك التي سمحت لهنري ماتيس وهنري روسو وبيكاسو بتوجيه أعمالهم نحو ترك الذات والتعبير عن الواقع. حدث هذا في ألمانيا عام 1910، حيث قرروا أن الفن ليس مجرد رسم للواقع كما هو أو كما تتخيله العيون البشرية. بل يتضمن الفن دمج الواقع مع التجارب العاطفية والقيم الروحية الدينية لتحقيق السلام النفسي.

تميزت لوحات تلك المدرسة بعدم اهتمامها بالنور والظل وعدم اتباع القيم اللونية المتعارف عليها، بل رسمت بدون قيود فنية وضعتها الإنسان، كما تم تبسيط اللون وتجاهل التفاصيل المعقدة والأشكال الهندسية والخطوط المستقيمة والرسومات الحادة، مما جعلها تتمتع بطراز مستقل بنسبة كبيرة.

المدرسة التشكيلية السريالية

الحركة السريالية هي حركة تجمع بين الخيال والواقع، تهدف إلى منح النفس البشرية مساحة للتعبير عن الأحلام الغامضة التي تراها في النوم، والتعبير عن الأحلام التي تراها في اليقظة، وهي البوابة التي تسمح للخيال بالتواجد مع الواقع في مكان واحد. وعندما ظهرت هذه المدرسة، ازدهرت معها فنون تفسير الأحلام والسحر، وتم تضمين التصورات الخيالية والرغبات المكبوتة داخل اللوحات.

نشأت هذه المدرسة في فرنسا وازدهرت في القرن العشرين، ولا تزال لوحاتها غير مفهومة وغامضة للجمهور، حيث تحتوي على رسائل ضمنية وغير مباشرة، وتمزج بين واقع الفنان وخياله، مما يجعلها صعبة التفسير لأي شخص آخر، إلا إذا درس حياة الفنان بالتفصيل لمعرفة خلفيته وكيفية تفكيره في الأمور.

المدرسة التشكيلية المستقبلية

تمثل هذه الاتجاهات في الفن التشكيلي المعاصر التي بدأت في إيطاليا وازدهرت في فرنسا، وهي تهدف إلى محاربة الماضي بكل التفاصيل والمدارس المتعددة، وتعبر في الوقت نفسه عن الإنسان المعاصر وحياته التي تتسم بالسرعة والتغير المستمر. ولذلك، تزدهر في هذه الحركة استخدام الظل والضوء في اللوحات لتعكس العالم الحقيقي.

تولي لوحات تلك المدرسة اهتمامًا بالتفاصيل، حيث ترسم النقاط والخطوط والأشكال الهندسية وتستخدم كل الألوان للتعبير عن مغزاها، وهو الصراع الحضاري والإنساني الذي نعيشه في الوقت الحالي. وفي اللوحات المستقبلية، نرى سباق الخيول والناس في الهواء الطلق بملابس فضفاضة تحركها الهواء، ونرصد أيضًا وجود البحار والأعاصير والرياح العاتية

أهم رسامي الفن التشكيلي

فنسنت فان غوخ

هو أحد أشهر الفنانين الذي عرفتهم البشرية، وليس فقط أحد مشاهير الفن التشكيلي. فعلى الرغم من أنه كان من فناني القرن التاسع عشر، إلا أن لوحاته تُباع حتى الآن وتُصنف كأغلى اللوحات في العالم، حيث تُباع بمبالغ لا يُمكن للعقل تصورها.

اختار فان غوخ مسيرته الفنية في المدرسة ما بعد الإنطباعية أو المدرسة الرمزية بسبب حياته المليئة بالحزن والأسى والتي انتهت بالانتحار. وقرر فان غوخ أن يرسم الواقع كما يراه هو، فرسم سماء النهار باللون الأزرق الداكن ورسم وجهه الحزين المملوء بالأسى والكآبة، ورسم الفتاة التي كانت بجانبه في أيامه الأخيرة وكان عمرها ١٢ عامًا على أنها شابة يافعة في العشرين من عمرها.

في الخمس سنوات الأخيرة من حياته، رسم فان غوخ أكثر من 800 لوحة زيتية بأسلوب فني يختلف عن الواقع، إذ حاول تجاوز آلامه من خلال الرسم. كان يرسم اللوحات على مدار الأيام دون تناول الطعام أو النوم، ولكن هذا لم يكن علاجًا فعالًا، وانتهى بموته بعدما كتب لأخيه عبارته الشهيرة “وداعًا يا ثيو لن ينتهي البؤس أبدًا.

بابلو بيكاسو

هو أحدُ الفنانين التشكيليين المعروفين بذوقهم الرفيع وفنهم الراقي، وكانوا يختارون الطبقات الرفيعة، وهو أحد الفنانين الذين ولدوا والفن يجري في دمِّهم، وقالت والدته إنَّ أول كلمةٍ نطق بها بيكاسو كانت “قلم رصاص” الذي كان يلعبُ به أيضًا، ولأنَّ والده كان أحدَ رسامي إسبانيا، فعلَّمَ ابنَهُ أصولَ الرسم منذ سنِّ السابعةِ، وجعلهُ ماهِرًا في التعاملِ مع الزيت.

بعد سفره إلى فرنسا، والتي تعتبر عاصمة الفنون في العالم، بدأ بيكاسو في رسم الكاريكاتير وإطلاق مجلة فنية لعرض إبداعاته، وكانت الحرب العالمية الثانية لها دور كبير في حياته الفنية حيث رسم أشهر لوحاته “حياة هادئة مع الجيتار.

الجمعية السعودية للفنون التشكيلية

أسست المملكة العربية السعودية جمعية الفنون التشكيلية في الرياض كداعم أساسي للفنانين التشكيليين السعوديين، وتوفر لهم الدعم المادي وتساعدهم في عرض أعمالهم من خلال تنظيم المعارض والندوات والورش الفنية والتدريبية، وذلك في إطار جهود المملكة لمواكبة التطور الإبداعي والفني في العالم.

تتوفر العديد من فروع الجمعية في جميع أنحاء المملكة، وليس فقط في الرياض، حتى يتمكن الفنانون المتواجدون في المملكة من الاستفادة من خدماتها. وقد نجحت الجمعية في مبادرة رواق الفنية التي تتضمن مجموعة من الأنشطة والندوات التي تستهدف الفنانين والباحثين في الفن التشكيلي وحتى المثقفين الذين يهتمون بهذا النوع من الفن.

يمكنكم الإطلاع على مزيد من المعلومات حول:فن التشكيل المعاصر واستخدام مواد متنوعة

المصادر: 1، 2، 3، 4.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى