لو كان الفقر رجلا لقتلته
هذه المقولة `لو كان الفقر رجلا لقتلته`، التي تختلف آراء الناس حول من قالها، فمن يشير إلى أنها قيلت عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهناك آراء أخرى ترجح أن سيد الحكمة والبلاغة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو من قالها. وسنتحدث اليوم عن هذه العبارة في موضوعنا من موسوعة.
فطبيعة الحاجة الشديدة والفقر تجعل الإنسان يعيش حياة مؤلمة، حيث لا يمتلك سوى قليل من المال الذي لا يكفي لتلبية احتياجاته الأساسية واحتياجات أسرته. لذلك، فإن هذه المقولة صحيحة بشكل كبير وتعكس الظروف التي يواجهها الأفراد في حياتهم.
الفقر هو مشكلة كبيرة في المجتمعات، تطارد المواطنين كالشبح، وتجعلهم يشعرون بالعجز والعجز عن معرفة ما يجب عليهم فعله وما إذا كان بإمكانهم جلب المال أم لا.
لو كان الفقر رجلا لقتلته
رأى سيدنا على بن أبي طالب الانعكاس السلبي للفقر الذي يحيط بأخوه الإنسان، فهذه الحاجة من شأنها أن تدفع الفرد إلى سلوكين مختلفين، ويسلك الإنسان أحدهم طبقاً لدرجة الوعي الذي لديه، وتربيته. فالفقر قد يدفع الشخص إلى التسول الأخلاقي، وهو ما يسبب بعد ذلك الانحراف، واختفاء القيم الإيجابية، ويتسبب في نشر النفاق، والفساد.
تتزايد الأمراض الاجتماعية داخل المجتمع، مثل النصب، والاحتيال، والرشوة، والسرقة، والحصول على أموال بطرق غير مشروعة، مما يؤدي إلى الصمت تجاه الظلم.
أما السلوك الآخر، فيدفع الفرد إلى البحث عن سبب هذا الاحتياج وراءه، ومن ثم يحرضه للثورة ضد السلطات، لأنه يعتقد أن هؤلاء الذين يسيطرون على الحكم ويستولون على الثروات والأموال هم السبب الرئيسي لهذا الفقر، وهذا هو وجهة نظره.
الفقر يهدد المجتمع
يعتبر معوق رئيسي لتحقيق مقاصد الإسلام بأقسامها المختلفة وهم ثلاثة: المقاصد الحاجية، الضرورية، التحسينية. فنجد أن الفقر جاء مع الكفر، حيث قال نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام:”اللهم أني أعوذ بك من الكفر والفقر…”.
يؤدي الفقر إلى عدم الرضا والحقد والحسد بين الأفراد والطبقات الاجتماعية، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الفقر يمكن أن يكون سببًا للكفر، وبالتالي فإن العدل والمساواة بين الأفراد ضرورية لتحقيق الاستقرار في المجتمعات.
ونجد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حذر من انتشار فتنة الفقر داخل المجتمعات، حيث أخبرتنا عائشة رضي الله عنها أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الفقر وفتنته، فقال: “اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، ومن عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر.
قصة عن الفقر
هناك العديد من القصص التي تبين أن الفقر قد يؤدي إلى الثروة والأزمات داخل الدولة، ومنها ثورة الشعب ضد الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- التي انتهت بمأساوية، وأثر ذلك على الحركة الاجتماعية فيما بعد.
انتشرت عن الإمام علي بن أبي طالب مقولة “نصير الفقراء”، حيث كان رائدًا في الإيثار ومعاديًا للاستئثار. فمن يتسبب في فقر الناس ويذلهم بسبب احتياجهم، ويؤدي إلى ولادة الفقر في المجتمع، فإنه يستحق القتل بالحق.
يجب أن ندرك في النهاية أن الفقر هو ظاهرة تعاني منها العالم بأكمله، وتتضمن جوانب اجتماعية واقتصادية ونفسية، وتعني العجز عن توفير المتطلبات الضرورية للحياة.
لذلك، من المهم مراقبة مؤشرات الفقر داخل المجتمعات ومعرفة أسبابها وكيف يمكن توفير فرص مناسبة للمواطنين، حتى يتمكنوا من العيش بحياة كريمة والتخلص من الفقر الذي يلازمهم. يساعد ذلك على تحقيق العدل والمساواة داخل المجتمع ويساعد أيضًا في تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات، دون أن يشعروا بالانتقام أو الغضب تجاه بلدهم أو معيشتهم.