أسأل الخبراءالمراجع

لماذا سميت الخنساء بهذا الاسم القصة الحقيقية

Add a heading349 | موسوعة الشرق الأوسط

سنجيب اليوم على السؤال حول سبب تسمية الشاعرة الجليلة الخنساء بهذا الاسم من خلال مقالنا في موسوعتنا، إذ هي تلك الصحابية المخضرمة التي ولدت في منطقة نجد خلال عام 575م الموافق لـ 24هـ، واسمها الحقيقي هو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد من بني رياح، ثم من بني سليم.

عاشت الخنساء في فترة الجاهلية وبعدها في فترة الدين الإسلامي، وأسلمت ودخلت إلى الإسلام، وفي السطور التالية سنتحدث عنها بشيء من التفصيل ونوضح سبب تسميتها بالخنساء، فقط تابعنا.

لماذا سميت الخنساء بهذا الاسم

  • يُطلق على السيدة تماضر هذا الاسم بسبب صغر حجم أنفها، ووجود ارتفاع بسيط في نتوء أنفها الذي يشبه ملامح الظباء والبقر الوحشية، ويُعتبر هذا السمة من الصفات الزينية المرغوبة، وكانت تُعرف باسم الخنساء في الجاهلية والإسلام.
  • وفي كتاب زهر الأدب قال الحصري:تُلقب بالخنساء كنايةً عن الظبية وكذلك الذئاب.
  • تعني كلمة الذلف قصر الأنف، وهي إحدى صفات حيوان الظباء.
  • كانت تشتهر بالجاذبية والجمال والحزم والعقل، وكان لديها جاه ونسب عاليين.
  • تشتهر بقوتها الشخصية وحريتها في التعبير عن الرأي، مما يجعل الآخرين غير قادرين على التحدث معها أو انتقادها.
  • كان يُطلق عليها لقب أم عمرو.

زواج الخنساء

  • تزوجت امرأة طبقًا لما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن زواجها من زهير بن جذيمة، ولد لها منه.
  • في البداية، كانت ترفض فكرة الزواج من أي شخص آخر غير أبناء عمها.
  • رفضت الزواج من سيد بني جشم وسيد آل بدر ودردي بن الصمة الذي خطبها، بسبب تعصبها لابن عمها ولقبيلتها التي تنتمي إليها.
  • لم يعارض والدها قرارها بعدم الزواج، على الرغم من أن الفتيات ليس لديهن حق الرفض، فلا يسمح لهن بذلك، ولكن الخنساء تختلف عنهن كثيرًا، فهي تُعامل بلطف ورعاية من قبل عائلتها.
  • قد تزوجت الخنساء بالفعل من ابن عمها، وهو رواحة بن العزى السلمي، وكان يعاملها بسوء ويستغل أموالها وأموال أخيها، وتضحي الخنساء كثيرًا وتُحافظ على كبريائها، حتى يتعلق بها ويبقى معها، ولكنه كان مُقامرًا وانحرف عن الطريق الصحيح بشكل كبير.
  • وكانت تشتكي لأخيها كثيراً، وتوضح له ما وصلت إليه حالها، وفي هذا الوقت كان يقسم صخر أمواله بينه وبين الخنساء.
  • انفصلت المرأة عن زوجها بعد فترة وجيزة من الزواج، ورغم ذلك كان لديها ابن يدعى عبد الله.
  • تزوجت بعد ذلك من مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه ستة أبناء هم عمرة، زيد، معاوية، عباس، يزيد، وعمرو، وكان معروفًا عن زوجها بالسخاء والكرم، وكان يحب الجدية والعمل، ويستغل أي فرصة أمامه لتعيش أسرته حياة كريمة
  • بعد وفاة زوجها، شعرت بالحزن الشديد عليه، وكتبت قصيدة حزينة للتعبير عن مدى حنينها له، فهي تروي أن مرداس كان من أشجع الناس وكان لديه مروءة عالية.

الخنساء والرسول

  • اعتنقت الخنساء الإسلام في عام 630 ميلادية، الموافق للعام الثامن هجريًا.
  • ذهبت مع قوم بني سليم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان معي أبناء عمي وأبنائي، واعتنقت الإسلام وأعلنت إسلامي.
  • كان عمرها في ذلك الوقت يتراوح بين الخمسين والستين عامًا.
  • يُقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب بشدة الشعر الذي يتلقاه.
  • عندما ذهبت المرأة مع قومها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبدأت في إلقاء قصيدتها، أعجب بها النبي وقال لها `هيه يا خنساء`.
  • تُقال قصة هذه السيدة في التاريخ الإسلامي كمثال على الصبر في مواجهة المحن والابتلاءات، فضحت بأربعة من أبنائها وحفزتهم للالتحاق بالجهاد، وفعلاً ذهبوا للقتال واستشهدوا جميعًا.
  • ظهرت بكل قوتها ولم تبدي أي علامات على الحزن أو البكاء، مما يدل على حبها ووفائها للإسلام.
  • عندما أوقف عمر بن الخطاب المرأة عن البكاء والندب على أخوتها معاوية وصخر، فإنها توقفت بالفعل عن ذلك.

قصة الخنساء مختصرة

  • كانت هذه الفتاة الوحيدة في عائلتها، ولذلك حظيت برعاية واهتمام كبيرين، وخاصة من شقيقيها معاوية وصخر.
  • تأثرت سلوكيات وشخصية الخنساء، فهي تتميز بالفصاحة والبلاغة مثل سكان نجد، وقد نشأت في أسرة أل شريد، وهم من سادة وأشراف العرب.
  • كانت تعيش في الناحية الشمالية الشرقية من مدينة يثرب داخل صحراء الحجاز، وتمتد جذور قبيلتها حتى بني سليم.
  • ويتبين أن والد الخنساء ذهب إلى كسرى، وذلك مع وفود عربية أخرى التي ذهبت إلى هناك.
  • في بداية حياتها كانت حياتها هادئة ومستقرة، ولم يشوبها أي قلق أو اضطراب أو خوف، ولكن بعد وفاة أخوتها بدأت رحلتها مع الحزن والشعر.
  • تعد الخنساء من أشهر الشعراء العرب وأكثرهم ذكاءً في فترتي الجاهلية والإسلام، وتتمتع بمهارات عالية في هذا المجال.

قتل أخوات الخنساء

  • تأثرت بشدة بمقتل أخوتها، حيث تم قتل أخيها معاوية بأيدي دريد وهاشم ابن حرملة في عام 612 ميلادية.
  • ثم حثت أخته الثانية صخر على الانتقام لأخيها، حتى قتل دريد بالفعل على يد صخر، ولكن صخر أصيب بطعنة وبعد فترة قصيرة توفي بسببها، وكان ذلك في عام 615 ميلادية في يوم كلاب.
  • كانت الخنساء تبكي عليهم بشدة، وتحديدًا على صخر الذي كان يحمل مكانة خاصة في قلبها.
  • بدأت بقول الشعر بغض النظر عن مرحلة إسلامها، ويقول البعض إنها استمرت في البكاء حتى أصابها العمى.

شعر الخنساء

  • كانت الخنساء شاعرة مخضرمة، ويعني هذا المصطلح في اللغة العربية أنها عاشت في عصر الإسلام وعصر الجاهلية، وتعتبر من بين الشعراء الذين عاشوا في الفترتين
  • نظرًا لأن والديها وأمها كانوا شعراء، وكذلك بعض أقاربها.
  • اشتُهرت بالرثاء الذي ألقته بعد وفاة أخوتها معاوية وصخر اللذان قتلا في الجاهلية.
  • في البداية، قالت بعض الأبيات البسيطة التي وصفت حزنها على فقد الأخوات، حيث كانت تحبهن كثيرًا.
  • يتميز شعر الخنساء بالتكرار والمدح والتفجع والبكاء، حيث كانت تتبع نمطًا واحدًا.
  • كان شعرها متميزًا بالحزن والأسى، وكان يصل إلى حد الدموع.
  • في بعض الأوقات ذهبت إلى سوق عكاظ، حيث كان يذهب إليه الشعراء من كل مكان لإلقاء قصائد الشعر الخاصة بهم على الذبياني، فذهبت خنساء إلى هناك وتنافست مع جميع الشعراء المتواجدين وتقدمت عنهم.
  • وقال لها الذبياني:لولا أن أبا بصير (أي الأعشى) ألقى شعرًا يمدحها، لكنت أقول لها: إنكِ أشعر من الجن والإنس، وفيما بعد قال لها أيضًا: واللهِ ما رأيتُ ذاتَ مثانةٍ أشعرَ مِنْكِ!، وذلك بعد أن قصَّدَها حسان بن ثابت والأعشى.

يُذكر أن الخنساء كانت تتميز برقة مشاعرها وحساسيتها، وكانت دموعها لا تتوقف بسبب كثرة بكائها على أخوتها، ومن هذا المنطلق قامت بكتابة الأبيات الشعرية التي تحرك المشاعر وتجعل العين تدمع عند فراق الأحبة. وقد وهبت حياتها وعقلها وقلبها وشعرها لنعي أخوتها،

وها هي بعض أبيات قصيدة الرثاء لأخيها صخر

قذًى بعينكِ أمْ بالعينِ عوّارُ                   أم ذرَّفتْ إذْ خلت منْ أهلهَا الدَّارُ

كأنّ عيني لذكراهُ إذا خطرت                 فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمر               لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ

تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا           إذْ رابهَا الدَّهرُ أنَّ الدَّهرَ ضرَّارُ

لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ               وَالدَّهرُ في صرفهِ أحوالٌ وَأطوارُ

قدْ كانَ فيكمْ أبو عمرٍو يسودكمُ              نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ

يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ                     أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ

مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة ٍ        لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ

يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني                  صخرٌ وَللدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرارُ

وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا                      وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ

قصائد متنوعة للخنساء

هناك مجموعة أخرى من الأشعار التي قالتها الخنساء لرثاء أخيها صخر، ومن المعروف أن القافية في شعرها تكون ممزوجة بالحزن والألم والوجع.

زاد حزنها عليهم قول عمر بن الخطار بأنهم لن يدخلوا الجنة، وسيكونون في النار.

في إحدى المرات نظر سيدنا عمر إلى خنساء بين الخطاب، فقال لها: “ما هذه الندوب يا خنساء؟.”، فأجابت: “من طول البكاء على أخوي”، فقال لها عمر: “أخواك في النار”، فقالت له: “ذلك أطول لحزني عليهما.

إحدى الأبيات التي قاتلها لرثاء صخر كانت كالآتي:-

بَكَت عَيني وَعاوَدَها قَذاها            بِعُوّارٍ فَما تَقضي كَراها

على صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ           إِذا ما النابُ لَم تَرأَم طِلاها

فَتى الفِتيانِ ما بَلَغوا مَداهُ             وَلا يَكدى إِذا بَلَغَت كُداها

حَلَفتُ بِرَبِّ صُهبٍ مُعمِلاتٍ             إِلى البَيتِ المُحَرَّمِ مُنتَهاها

وقالت عن معاوية بأحد أبيات الشعر

أَلا ما لِعَيْنَيْكَ أَمْ ما لها؟                      لَقَدْ أَخْضَلَ الدَّمْعُ سِرْبالَها

أَبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو مِنَ آلِ الشَّرِيْــدِ             حَلَّتِ الأَرْضُ أَثْقالَها؟

هناك أبيات شعرية أخرى قالها ابن سلام والتي تمكنت من خلالها من الانضمام إلى طبقة المراثي، وهذه الأبيات هي:

إِنَّ الزَّمانَ، وما يَفْنَى لَهُ عَجَبٌ            أَبْقَى لَنا ذَنَبًا، واسْتُؤْصِلَ الرَّاسُ

إِنَّ الجَدِيْدَيْنِ فِي طُولِ اخْتِلافِهِما         لا يَفْسُدانِ، ولَكِنْ يَفْسُدُ النَّاسُ

وحينما تذكرت أخيها بإحدى الليالي    الصعبة والعكرة قالت في رثائه:-

يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ       كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ

إنّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ                   ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا          وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ

من أقوال الخنساء

  • الزمن، وما يفنى له عجب، يترك لنا ذنبًا، ويزيل الرأس، فالجديدان في طول اختلافهما لا يفسدان، ولكن يفسد الناس.
  • أقول لمن يأتيني بحالة يائسة، وقد كشف الناس سري، يا أخي! إما أن تبقى معنا، فأنت فرع من قوم كريم النسب، فإن كنت تعرفت عليك فقد أعطيتك الأمانة، لتعتني بالأيتام الصغار.
  • سواء أقدمت على الانتقام بالعين أو احتملت المعاناة بصمت، فإن فراق الأحبة يؤلم القلب ويجعل الدموع تسيل على الخدين.

الخنساء وموت أولادها

  • حثت الخنساء أولادها على الذهاب للجهاد والانضمام إلى الجيش مع عمر بن الخطاب لدعم الدين الإسلامي.
  • تأثر أولادها بالكلمات التي قالتها لهم عندما كانت توجه لهم النصيحة والوعظ، فقالت لهم: “يا بني، لقد أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وتعلمتم ما يعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية.
  • ونصحتهم بالثبات والصبر والرباط، وأخبرتهم أن المجاهدين لهم مكافأة عظيمة عند الله عز وجل.
  • نتيجة لذلك، ذهب الأبناء للجهاد، وفي معركة القادسية تم استشهادهم جميعاً.
  • عندما وصل هذا الخبر إلى الخنساء، لم تبكِ، ولكن أنزل الله الصبر على قلبها.
  • وقالت مقولة رائعة في هذا الوقت، واشتهرت عنها وهي:الحمد لله الذي شرّفني بشهادتهم، وآمل من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.

وفاة الخنساء

  • توفيت في عام 645 ميلادي (24 هـ) وكان عمرها 71 عامًا، وظلت مؤمنة بالإسلام حتى وفاتها، ثم جاء تولي عثمان بن عفان الخلافة.
  • قبل وفاتها، ورثت الشاعرة عمرة الشعر لابنتها وابنها عباس بن مرداس.
  • ونلاحظ أن ابنتها عمرة كانت تتخصص في شعر الرثاء الذي يسبب البكاء.
  • وأيضاً ورث عباس الشعر عن أمه.
  • يظهر أن عمرة رثت أخاها عباس عندما توفي في الشام، وأيضاً رثت يزيد عندما قتله هارون بن النعمة بن الأسلت، وكان شعرها يشبه في الحديث والرثاء لأمها لمعاوية وصخر.
  • تم تسجيل تاريخ وفاتها في ديوان بيت المال.

وبهذا ننهي مقالنا لهذا اليوم، حيث تحدثنا عن الشاعرة الخنساء وقدمنا معلومات متنوعة عن حياتها وشعرها وأبنائها، نأمل أن تكون هذه المعلومات مفيدة لكِ. ونترككِ الآن في رعاية الله وحفظه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى