بحث عن الصيام

يتضمن هذا البحث كل ما يتعلق بالصيام، الذي هو واحد من العبادات التي فرضها الله عز وجل على عباده لتحقيق إسلامهم واقترابهم من خالقهم، وذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يشمل أركان الإسلام الخمسة، والله عز وجل لم يفرض الصيام على عباده إلا لحكمة تعلمناها من النصوص الشرعية في الكتاب والسُنة، وسنوضح في هذا البحث تعريف الصيام وشروطه وفضائله.

بحث عن الصيام

• تعني الصيام لغويًا أن يمسك الإنسان نفسه أو يحجب نفسه عن شيء ما بالقول أو الفعل، ويأتي مصدر الفعل `صام` منه.
• يعرف الصيام بأكثر من تعريف في الفقه بحسب كل مذهب، فالحنفية تعرفه بأنه إمساك الإنسان عن المفطرات الثلاثة وهي الطعام والشراب والجماع في وقت محدد يسبقه النية.
• يعرِّف الشافعية الامتناع بأنه ترك الإنسان لفعل معين في وقت محدد، بينما يعرِّف المالكية الامتناع بوجود النية لترك شهوات الفم والفرج أو ما يقوم مقامهما، ويكون ذلك قبل الفجر.
• يمكن القول إن الصيام في الإسلام يعني الامتناع عن تناول المفطرات بنية سابقة، حيث تشمل هذه المفطرات الطعام والشراب والجماع، بالإضافة إلى الأدوية التي تدخل جسم الإنسان، ويبدأ هذا الامتناع منذ طلوع الفجر حتى غروب الشمس.
• لقد فرض الله عز وجل على كل مسلم بالغ عاقل قادر صيام أيام شهر رمضان بالكامل، ولكي يكون الصيام صحيحًا يجب على المسلم أن يعقد النية والعزم قبل بدء الصيام، كما يجب أن يكون الصائم طاهرًا؛ فلا يجوز للمرأة الصوم في فترة الحيض والنفاس، وإذا أفطرت في تلك الأيام؛ فلا بد من قضاء الصيام بعد انتهائها، وذلك تنفيذًا لقول الله عز وجل في سورة البقرة: “فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
• يوجد في الإسلام عدة أنواع من الصيام، الأول هو صيام الفريضة، وهو الصيام الذي يتعين على المسلمين صيامه في شهر رمضان، وكذلك صيام الكفارات وصيام المنذور. النوع الثاني هو صيام التطوع، ويتم تطوع المسلم بهذا الصيام على الرغم من عدم وجود نصوص واضحة تستحب به الصيام في هذا اليوم. النوع الثالث هو الصيام المندوب، والذي يشمل صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وأول ستة أيام من شوال وشهري شعبان ومحرم و9 أيام من ذي الحجة، بالإضافة إلى صيام الاثنين والخميس أسبوعيًا، وثلاثة أيام شهريًا.

الصوم في الإسلام

• الصيام هو عبادة فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة في المدينة المنورة، وكانت هناك أمم سابقة فرض عليها الصيام كما جاء في قول الله تعالى في سورة البقرة: `يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون`.
• كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم أول المسلمين الذين صاموا، وصام معه أصحابه رضي الله عنهم.
• ومن بين الدلائل التي تدل على وجوب الصوم على المسلمين، رواية العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أوجبت الصيام. فقد روي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: “أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يثور رأسه، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا. فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا.

فضائل الصيام

فرض الله تعالى الصيام على عباده لتحقيق العديد من الفوائد في الدنيا والآخرة، ومنها:

فضائل الصيام في الدنيا

• الصيام هو تشريفا لقدر الله عز وجل، لأنه عبادة خالية من الرياء، ويعلم الله وحده قدر ثوابها وتضاعف حسناتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به.
• قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه: `قلت: يا رسول الله، أوصني بأمر ينفعني الله به`. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: `عليك بالصوم، فإنه لا مثل له من الأعمال الصالحة`.
• يعد الصوم واحدا من الوسائل التي تحمي المسلم من الوقوع في الذنوب والمعاصي والشهوات، وبالتالي يزيد حسناته في الدنيا وينجيه الله من عذاب الآخرة، وفقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نقله أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: “الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإذا قاتله أحدهم أو شتمه فليقل: إني صائم مرتين.
• عند صيام المسلم، يمارس صبرًا في طاعة الله وامتناعه عن المعاصي، ويحتمل ما يحدث له من جوع وعطش وكسل بصبر، وهذا هو الصبر الذي يجازى عليه المسلم، كما ذكر الله تعالى في سورة الزمر: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”.
• يستجيب الله تعالى لدعاء الصائمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: `ثلاث دعوات مستجابة: دعاء الصائم، ودعاء المظلوم، ودعاء المسافر`.
•  الصوم هو من الأسباب التي تؤدي إلى غفران الله لذنوب وخطايا عباده، وفي حديث عن حذيفة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تجدد للرجل فتنة في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• رائحة فم الصائم هي أحب وأطيب عند الله سبحانه وتعالى من رائحة المسك، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفس محمد بيده، إن لفم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك.
• عندما يفطر المسلم بعد صيام طويل، يشعر بالفرح لأنه تمت إشباع جوعه وعطشه، ويشعر بالفرح أيضاً لأنه سيحصل على أجر عظيم من الله تعالى بسبب الصيام. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم “للصائم فرحتان يفرح بهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه.
• الصيام يعتبر سببا لتنقية النفس والقلب من أي شعور بالقسوة والحقد والغل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر تزيل وحدة الصدر`.

فضائل الصيام في الآخرة

• الصيام من الأسباب التي يحصل بها العبد على الشفاعة يوم القيامة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: رب إني منعته الطعام والشراب في النهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم في الليل، فشفعني فيه، فيشفعان له.
• وعد الله تعالى الصائمين بالمغفرة يوم القيامة، فقد قال عز وجل في سورة الأحزاب: `والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما`.
• الصوم من أسباب دخول الجنة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم. فيقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، وبمجرد دخول آخرهم يُغلق، فلم يدخل منه أحد آخر.” وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم “من صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به دخول الجنة.

الصوم وأحكامه

من مظاهر لطف الله عز وجل بعباده ورحمته بهم، شرع الصيام لتحقيق العديد من الأحكام والفوائد، وتشمل:

• الصوم من الوسائل الهامة التي يتحقق بها طاعة العبد لله عز وجل وتقويته.
• يقترب الإنسان من ربه تعالى عن طريق أداء فريضة الصوم، وبذلك يحصل على رضاه ومحبته ودعمه، ويجد دائمًا نفسه بين يديه.
• عند صيام الإنسان، ينتصر على شهواته ويتغلب على شيطانه.
• صيام الإنسان يعد تدريبًا للنفس على الصبر وتعزيز قدرتها على التحمل.
• يشعر المسلم الصائم بنعمة الله تعالى عليه.

وصلنا إلى نهاية مقالنا، حيث قدمنا دراسة شاملة عن الصيام، شرحنا فيها بالتفصيل تعريف الصيام وشروطه وأحكامه وفضائله، ويمكن متابعة المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.

المراجع

• 1
• 2
• 3