بحث عن الصعاليك
يتحدث هذا المقال عن الصعاليك، فعلى الرغم من أن معنى الصعاليك في القواميس العربية يشير إلى الفقراء الذين لا يمتلكون قوت العيش، إلا أننا نعرف اليوم أن هناك نوعًا آخر من الصعاليك، وهم مجموعة من العرب الذين عاشوا في العصر الجاهلي وكانوا يمتهنون الفن ويؤلفون الشعر. وبسبب تمسكهم بجمال الخلق وابداع الخالق، رفضوا الإنسياق تحت أي معاهدات أو اتفاقيات بين القبائل قد تحد من حريتهم وتكبح خيالهم، وتمردوا ضد رؤسائهم ليصبحوا بلا مأوى. يقدم هذا المقال سيرة تاريخية لهؤلاء العرب المتمردين، وذلك عبر موقع موسوعة.
بحث عن الصعاليك
منذ أن ظهر الإنسان على هذه الأرض، ولد معه الخوف من الانقراض واختفاء ذكره، لذلك اهتم منذ البداية بتوثيق يومياته ومغامراته. وقد بدأت في عصر الحجر القديم بنقش الجدران بالرسوم، حيث أظهروا مهارتهم في استخدام الألوان والنحت وبناء المباني. ثم جاء العصر الجاهلي، حيث استخدموا الشعر لتوثيق تاريخهم، وأصبحوا ماهرين في استخدام الكلمات وفهم معانيها. وكتب الشعراء أبيات شعرية فريدة من نوعها، حيث عبروا عن آرائهم دون خوف من زعيم القبيلة أو من الآخرين. وهذا دفع كل قبيلة للتخلص من هؤلاء الشعراء المتطرفين الذين يختلفون عنهم فكريا، ومن هنا جاء انقسام الشعراء إلى:
- صعاليك الخلعاء: هم الذين تعمقوا في الشعر وأبدعوا فيه، ولكنهم رغم ذلك كانوا عنيفين وميالين للجريمة، وقد أدت أفعالهم إلى حروب مثل حرب الفجار التي اندلعت بين 586 و 592 م.
- صعاليك الجواري السود: في الزمن القديم، عندما كان العرب يتزوجون من الجواري الحبشيات، كان الأطفال الذين يولدون من هذه الزيجات يعتبرون غير شرعيين، وذلك لأن الأب العربي من الطبقة الأشرافية كان يرفض الاعتراف بهم.
- الصعاليك المحترفين: هم أشخاص رفضوا الحرية بدون محبة للجريمة أو العديمين النسب، فاختاروا الصعلكة كسبيل للعيش، وتعلموا الفروسية وشاركوا في الحروب لنصرة الضعفاء والمساكين.
أشعار الصعاليك
تميز شعر الجاهلية بغناه في التعبير وتنوعه الكبير في مقدماته التي تناولت موضوعات عديدة مثل الرثاء، والبكاء على الأطلال، والهجاء، والشكر والامتنان، والحب والكراهية، ووصف الرحلة والصاحب في السفر. ويشكل جسم القصيدة الموضوع الأساسي الذي يختلف عن المقدمة، ثم تأتي الخاتمة لتناقش موضوعًا آخر، وبذلك تتكون القصيدة من آلاف الأبيات التي تتحدث عن العديد من الموضوعات في نفس الوقت.
وصل الصعاليك ليغيروا هذا النمط السائد ورغم محبتهم للحرية والتأمل والإنطلاق، فضلوا التركيز على موضوع واحد فقط في كل قصيدة وعملوا على تغيير بنيتها المعتادة وعدم الالتزام بالتسلسل الزمني الذي يتضمن المقدمة والخاتمة.
كان العرب يمتهنون غزو قبائل التجارة، ولكنهم كانوا يجمعون المال والطعام ليوزعوه على الفقراء ومن يحتاج من الأهل حتى بعد طردهم من قبائلهم، كانوا يمدون لهم يد العون، ولذلك أشادت أشعارهم بالخلق الحسن والكرم وحسن الضيافة والأخلاق الواجب توافرها في العرب، وآتى ذلك في قصيدة “أبي خراش الهذلي”.):
وإني لأثوي الجوع حتى يملني.
فيذهب لم يدنس ثيابي ولاجرمي.
وأغتبق الماء القراح فانتهي.
إذا الزاد أمسى للمز لج ذا طعم.
أرد شجاع البطن قد تعلمينه.
وأوثر غيري من عيالك بالطعم
مخافة أن أحيا برغم وذلة.
وللموت خير من حياة على رغم.
أبرز شعراء الصعاليك
شظاظ الضبي
هو واحد من أشهر الصعاليك المحترفين الذين ساعدوا فقراء قبائل التيماء، ومن شعره:
رب عجوز من نمير شهبره.
علمتها الإنقاض بعد القرقره.
الشنفري الأزدي
يعتبر أحد صعاليك الخلعاء، حيث يفضل مصاحبة الماشية على صحبة البشر كما يتضح من أشعاره عندما يقول:
أقيموا بني أمي، صدور مطيكم فإني.
إلى قوم سواكم لأميل!
أبو خراش الهذلي
هو أحد الأشهر من الصعاليك، حيث اتخذها أسلوب حياته للانتقام من القبائل التي قتلت أخوته، ومن أشعاره:
ولا بطلًا إذا الكماة تزينوا.
لدى غمرات الموت بالحالك الفدم.
عروة بن الورد
وهو الأمير الذي يحكم الصعاليك، الذي جمعهم وقادهم في الغزوات وسبل العيش لمساعدة الفقراء، وقال في شعره:
وأني لا يريني البخل رأي.
سواء إن عطشت وإن رويت.
ويمكنكم الإطلاع على مزيد من المعلومات عن هذا الشاعر الصعلوك من خلال:(قصة حياة الشاعر عروة بن الورد).
