بحث عن التضامن الاجتماعى
يُعرَّف التضامن الاجتماعي بأنه الاندماج في إحدى المجتمعات بين مجموعة من الأفراد، ويشير إلى درجة هذا الاندماج ونوعه، كما يشير إلى الروابط التي تصل بين شخص وآخر في المجتمع. وتختلف الأسس التي يقوم عليها التضامن الاجتماعي من مجتمع إلى آخر، ففي المجتمع البسيط يقوم التضامن على أساس القيم المشتركة والقرابة، بينما في المجتمعات المعقدة فإن أسس التضامن الاجتماعي تصبح أكثر تعقيدًا.
أهميه التضامن الاجتماعي
في ظل الانقسام والتفرق الذي يعاني منه معظم المجتمعات العربية، أصبح هناك حاجة ملحة إلى مفهوم التضامن بين المجتمعات العربية وبين الأفراد داخل كل مجتمع، حتى نتمكن من استعادة مكانتنا التي فقدناها منذ عدة سنوات. ويتمثل التضامن في الحالة التي يجب السعي إليها لنرتقي بين الأمم، وتكمن أهمية التضامن في الفوائد العديدة والآثار الإيجابية التي ينتج عنها المجتمع عند تفعيل هذا المفهوم، ومن أهم الفوائد للتضامن:
- التضامن هو ركيزة المجتمع الرئيسية، فالمجتمع الذي يتمتع بالتضامن بين أفراده يكون قويًا ومتماسكًا، بينما المجتمعات التي لا تولي اهتمامًا لمفهوم التضامن تكون هشة وضعيفة، وقابلة للانحدار مع الوقت وتسهل السيطرة والتحكم فيها.
- التضامن هو الوسيلة التي يتم من خلالها تحقيق أهداف المجتمعات وغايتها، لأن الفرد الواحد لا يستطيع تحقيق غاياته بمفرده، وإنما يحتاج إلى التضامن مع أفراد آخرين، حتى لا يكون الفرد ضعيفًا، فهناك الكثير من الأمور الحياتية التي تتطلب التضامن، حتى يقوم كل فرد بتقديم مهاراته وجهده للتكاتف والوصول إلى الهدف النهائي.
- يتم من خلال التضامن تفريج الكروب وإزالة الهموم، وذلك عن طريق إحساس كل فرد بأخيه في المجتمع والوقوف بجواره في المشكلات التي يواجهها.
- يستخدم التضامن كوسيلة لزيادة الإنتاج في الشركات، فالشركة التي يتعاون فيها العاملون ويتضامنون سويًا، تكون قادرة على تحقيق الأرباح بطريقة أكثر فعالية من أي شركة أخرى لا يوجد لديها تضامن أو تعاون.
- أدركت العديد من الدول قيمة التضامن وأهميته في المجتمع، لذلك أسست العديد من التكتلات بهدف التضامن والتواصل لتحقيق أهداف المجتمعات، مثل منظمة التعاون الإسلامي التي تجمع جميع الدول الإسلامية، ومثل الاتحاد الأوروبي الذي يجمع جميع الدول الأوروبية تحت مظلة واحدة وأهداف اقتصادية وسياسية واحدة.
مسئولية التضامن الاجتماعي
يتحمل كل فرد في المجتمع مسؤولية التضامن ويتم تحديدها بناءً على قدراته والمكان الذي يشغله في المجتمع. وهناك العديد من المجتمعات التي لا تقتصر التضامن فيها على الأشخاص المحيطين فقط، بل تعتبر هذه المجتمعات أن التضامن يجب أن يشمل كل شخص يحتاج إلى مساعدة وتضامن، بغض النظر عن الدين واللغة والاهتمامات السياسية. ويعتبر هذا هو أعلى مستويات التضامن، ولذلك، فإن التخلي عن التضامن يعد تخليًا عن الإنسانية، ويعتبر الشخص المتضامن هو الشخص الراقي والمتحضر الذي يدرك أهمية رسالته وهدفه في الحياة.
مفهوم التضامن في الاسلام
التضامن جزء أساسي ورئيسي من الشريعة الإسلامية، وهناك العديد من الشواهد والدلائل على ذلك. وهناك فريضتان فرضهما الله عز وجل على المسلمين، وهما معنى واضح للتضامن؛ فريضة الصوم وفريضة الزكاة، وهما من أركان الاستلام الخمسة. ففريضة الصوم فرضها الله عز وجل حتى يشعر الغني بالفقير وبالجوع الذي من الممكن أن يشعر به بعض الفقراء بشكل عملي. كما أن فريضة الزكاة التي تضمن للفقير أموال تعينه على قضاء حوائجه. وتعتبر هاتان الفرضتان هما من أسمى معاني التضامن. ويقول الحديث الشريف عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد.” وكما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.” وإذا دلت هذه الأحاديث فأنها تدل على أعظم معاني التضامن، العلاقة التي يجب أن تكون بين المسلمين. لذلك فإن قيمة التضامن في الاستلام هي القيمة الشاملة لكل معاني الحياة، وهي التي وصلت بالإنسان المسلم لعدد كبير من القرون ليكون في قمة الرقي والتحضر. وما وصلت إليه الدول الإسلامية من انحدار وإسفاف، فإنه لم يحدث إلا بعد أن انتشرت الأنانية وحب الذات والاهتمام بالنفس فقط.
أهميه التضامن بين أفراد المجتمع
- عندما شيدت الحضارات مبانيها ومنشآتها وأفرادها، لم يتم ذلك باستخدام الأسمنت والحديد والحجر، بل تم بناؤها بواسطة العقول المفكرة التي تعاونت وتشاركت في الأفكار لبناء هذه الحضارات، ولولا هذا التعاون والتضامن بين أفرادها، لتدمرت تلك الحضارات.
- المجتمع والفرد هما عنصران أساسيان لا يمكن فصلهما، فالمجتمع بلا فرد هو مجتمع مهجور ومتهدم، وكذلك الفرد بلا مجتمع هو فرد متصدع. وخلق الله الفرد بفطرته بحيث لا يمكنه العيش بمفرده. وفقًا للنظرية الاجتماعية التفاعلية، فإن الفرد لا يمكنه التعلم بمفرده منفصلًا عن المجتمع، حيث يحتاج إلى المشاركة والتوجيه باستمرار ليتمكن من صنع المعرفة واكتساب الخبرات.
- التضامن يُعَدُّ من أعلى القيم الإنسانية، حيث يتم من خلاله مساعدة الفرد للأفراد الآخرين، وكذلك تسهيل طريقهم ومساعدتهم في الخير وإبعاد الشر عنهم.
أهميه التضامن الاجتماعي بين الأفراد والمجتمعات
-
التضامن السياسي
يتم التعاون السياسي بين الدول من أجل تحقيق المصالح المشتركة، وتبادل المنافع والخبرات والعلوم، وذلك لصالح هذه الدول، ويتم التضامن السياسي بين الدول التي تتشارك بعض الروابط المشتركة، مثل دول الاتحاد الأوروبي التي شكلت الاتحاد، والدول الإسلامية التي شكلت منظمة التعاون الإسلامي.
-
التضامن النفسي
من أهم فوائد التضامن هو منع الفرد والمجتمع من الانعزال، لأن الانعزال يسبب العديد من الأضرار مثل اعتماد الفرد والمجتمع على الأنانية والتطلع السلبي للآخرين، مما يؤدي إلى زيادة الأضرار. لذلك، يعد التضامن النفسي واحدًا من أهم أنواع التضامن، وهو لا يعتمد بشكل كبير على المصالح ولكنه يعتمد على حب الآخرين.
-
التضامن الاقتصادي
التضامن الاقتصادي هو توفير قوت اليوم والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي لجميع أفراد المجتمع. يتم ذلك من خلال مشاركة أفراد المجتمع بأفكار تهدف إلى تحسين الظروف الاقتصادية ومحاولة تحقيق الرفاهية لجميع أفراد المجتمع. كما يتضمن التضامن الاقتصادي عدة درجات، حيث يركز أعضاء المجتمع على تحسين الظروف الاقتصادية للمجتمعات الأقرب إليهم.
مظاهر التضامن بين أفراد المجتمع
أحد أهم مظاهر التضامن بين أفراد المجتمع هي إنشاء الدول التي تتكون من مجموعة من الأفراد الذين يعيشون في مجتمع واحد ويربطهم عدد من الروابط، ويسعون لتحقيق العديد من الأهداف التي تخدم فرد المجتمع. وتظهر هذه المظاهر في العديد من الأشكال، وكانت بداية تشكيل الدول بهذه الطريقة:
-
التعليم
في البداية، يتطلب التعليم إرادة من الفرد، ولكن يحتاج إلى دعم المجتمع. يعتبر التعليم منظمة تشاركية بين الفرد والمعلم، ولكن في الوقت الحالي، بين الفرد والمعلم والدولة. يحتاج الطالب إلى تعلم والمعلم إلى إعطاء المعرفة والدولة إلى وضع المناهج وبناء المدارس. يؤدي التضامن بين هذه العناصر الثلاثة إلى نجاح العملية التعليمية، ولكن حدوث خلل يؤدي إلى فشلها، وهذا الفشل يؤثر بشكل عام على المجتمع.
-
التواصل الاجتماعي
يشير التواصل الاجتماعي إلى أنه من الأهمية بمكان التخلص من الخلافات والتعصب والبحث عن كل ما هو مشترك والعمل على تعزيزه.
-
العمل التطوعي
يعتبر العمل التطوعي من أهم وأبرز مظاهر التضامن، حيث يعمل الفرد المتطوع من أجل خدمة المجتمع دون البحث عن أي مصلحة شخصية، وهو الفرد الذي يحمل رسالة ويحاول أن يكون قدوة، ويعتبر هذا الفرد أساس مفهوم التضامن.
خلاصة مفهوم التضامن
التضامن هو الذي يبني المجتمعات ويشيد الحضارات، ويتمثل في تعاون الأفراد لخدمة الدين والوطن والأسرة. وعدم التمسك بمفهوم التضامن وانتشار مفاهيم الأنانية وحب الذات بين المجتمعات والدول يؤدي إلى الابتعاد عن هذا المفهوم. لذلك، يجب علينا التشجيع على التضامن بين أفراد المجتمع وإعلاء قيمة الأفراد الذين لديهم رسالة وهدف داخل المجتمع، وخاصة في ظل الابتلاءات التي تمر بها الدول الإسلامية.
المراجع: