التعليموظائف و تعليم

بحث شامل عن اللغة العربية

تراث اللغة العربية | موسوعة الشرق الأوسط

اللغة العربية الفصحى

اللغة العربية لغتنا هي أصل عريق من أقدم اللغات المعروفة، بل هي الأولى التي بدأت منها اللغات الأَخر، إنها اللغة التي سميت بها الأشياء كالشجر والأرض والإنسان وغير ذلك، علمها الله سبحانه لأول إنسان في الوجود والنبي الأول آدم أبو البشر عليه صلوات الله وسلامه.

لقد مرت فترات في التاريخ لم يتم تسجيل التغييرات التي حدثت في العالم آنذاك أو حالات اللغات في تلك الفترات التي سبقت عصر الجاهلية الدينية قبل الإسلام، ولهذا تم فقدان الرابط الدال على استمرارية هذه الفترات.

هذه هي الفترات التي سبقت النبوة المحمدية والتي تراوحت بين زمن النبي عيسى عليه السلام وزمن النبوة المحمدية. ومع ذلك، تشير الأدلة التاريخية العربية إلى أن اللغة العربية لها أصالة قديمة، وذلك بسبب استمرارية استخدامها من قبل أهل العرب. وعندما نزل القرآن الكريم بهذه اللغة، وعد الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه الأخير من التحريفات التي تعرضت لها الكتب السابقة، ليبقى الناس على اتحاد ومنهج واحد دون انحراف أو ظلم أو تحيز.

كانت اللغة العربية محفوظة بشكل جيد، ومن الصعب التعرف على من حفظها بالضبط ولكن كان أهل اللغة في العصور السابقة يتقنونها بشكل كبير ويحفظونها بسهولة، وكانت معجزة القرآن التي نزلت تحديًا لهم وأثبتت أنهم كانوا على خطأ في بعض الأحيان وأن اللغة العربية هي أم اللغات والأصل لكل اللغات، وكان ذلك محفزًا لهم لتحسين لغتهم والتحدث بها بشكل أفضل.

مع تقدم التطور والاكتشاف وظهور الصناعات الحديثة وانتشار الوهن والتقليدات العمياء للفاسقين وأصحاب الأموال في رذائلهم، بدأت المصطلحات اللاتينية تستهوي هؤلاء الأشخاص وتدخل في أحاديثهم، ولم يكن هذا العامل وحده ما أدى إلى تغير اللغة واختفاء وهجر بعض ألفاظها، بل إن عامل الاحتلال الأجنبي للدول العربية بالقوة العسكرية وسيطرة المعتدين على مقاليد الأمور أدى أيضًا إلى تغييرات فكرية دينية عقائدية كثيرة جدًا، حيث تم إهمال السنن وتراجع الإيمانيات بشكل كبير.

 

اللغة العربية | موسوعة الشرق الأوسط

ومع تعنيف المستشرقين والكتاب الذين لا يجيدون اللغة العربية ولا يعرفون دين الإسلام، وهذا يشمل المنحازين والمغرضين، فقد حدث اختلاط لمفاهيم الحلال والحرام عند العامة، ومع هذا الخلط بدأ الهجر الفعلي للقرآن الكريم ولغته العربية الفصحى، وظهور عبارات على سبيل الحكمة ولكنها في الواقع تخالف المعتقد الإسلامي الصحيح، مع تداخل الكلمات المترجمة ضمن الكلمات العربية.

أحد أكبر الأمثلة التي نشاهدها في الجزائر اليوم هو استخدام الفرنسية كلغة أساسية بدلاً من العربية، باستثناء بعض العبارات المحرفة بالعربية بلهجة غير واضحة. وفي مصر، نشهد الآن انتشارًا لتدليل الناس وتباهيهم بمعرفة بعض الكلمات الأجنبية التي يستخدمونها في حياتهم اليومية بطريقة سيئة مبنية على الكبرياء والزيف. وعلى الرغم من الاتفاق العام في العالم العربي على فهم اللغة العربية الفصحى، فإن النطق بها والتحدث بها لم يعد شائعًا كما كان من قبل، ونحن نحزن على فقدان لغتنا العربية الفصحى الغالية علينا ونبكيها بأحر الدموع.

يحزننا على لغة جميلة وعد المؤمنين بنطقها في جنات الآخرة، وهي جنات عدن مرفوعة على مقامات، لا يصيبهم فيها أي ضرر، وقد كانوا يحفظونها بتلاوة القرآن الكريم ودراسته واعتبارها جزءًا من هويتهم وفخرًا بتراثهم.

العلماء والطلاب والدارسون المخلصون الذين بقوا موجودين معينون على حفظ اللغة وتفسير معانيها وبلاغتها، ولقد أثمرت جهودهم في ينابيع اللغة ومعانيها، ونفع بها الناس والمسلمون والعرب، وهم أهل الإخلاص والنقاء والإيمان بتعاليم الدين الصحيح، وردهم الله بالخير والجمال على طريق الحق والفهم الواعي

في مدح اللغة العربية:

اللغة العربية الفصحى الضائعة بين جهل وتجاهل وهذيان على مدار عقود زمنية طويلة وجدنا البلاغة الشعرية والنثرية المستمدة من حلاوة وينبوع اللغة العربية المتجدد، استشعرها فحول من الشعراء والكتاب، وأبدعوا بها أنماطا مختلفة من النظم الغنائي والمديح والفخر والمقامات والخطب البلاغية والمقالات الأدبية والقصص الروائي الأدبي وغير ذلك.

بعضهم يمجد اللغة العربية بأشكال مختلفة من الشعر والنثر، ولكن في رأيي، أفضل ما قيل في إثناء اللغة العربية هي القصيدة التي ألفها حافظ إبراهيم، شاعر النيل:

رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي   *** وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي

رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني ***   عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي

وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي       ***        رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي

وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية      *** وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ

فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ***        وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ

أنا البحر في أحشائه الدر كامن    *** فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

عند قراءة هذه الأبيات وبقية القصيدة، يشعر القارئ بالاعتزاز الذي يشعر به الشاعر تجاه اللغة العربية، وهو اعتزاز صادق يتماشى مع الحقيقة والواقع. وقد صاغ الشاعر هذه الأبيات بروعة وجمال يظهران جمال العربية وحلاوة بيانها، ويستطيع الذين يدرسونها فهمها ونطقها واستشعارها بشكل خاص.

ويشعر هذا الشخص بالأسى والحزن لمصير اللغة التي يعشقها، والتي تعرضت للإهمال والتجافي من قبل أهلها. وعلى الرغم من ذلك، فهو ممتن للشظايا التي تُركت له، ويتحدث عنها بشغف وحب، ويشعر وكأنه يتحدث بدلاً منها. ويعبر عن حزنه على تجاهل أهلها للجواهر المكنونة داخلها، ويشعر بالإحباط لأن الحقائق تحولت للباطل في عقولهم، ويتمنى أن يتم فهم الحقيقة وتقدير قيمة اللغة التي يحبها.

لغتناالعربية | موسوعة الشرق الأوسط

 

دعتهم ولكن رأت فيهم الإعراض والتشبث بالأمور التافهة والزائلة، فقررت أن تحسب حياتها وتطلب التعويض من الله تعالى بحفظه لها بدلاً من تلك الأشخاص الذين لا يستحقونها، وإذا تركتهم لوحدهم، لكانت من بين اللغات المفقودة والمنقرضة من أزمنة بعيدة.

يصف ذلك الكلام الذي يلقيه الأعداء على الإسلام بأنه وهم باطل لا يعتمد على دليل مدروس أو معروف، ويتجاهل احتمالات اللغة الحية والتطور الزمني الذي يشهدها، ويتمسك بالزعم الباطل دون حقيقة، وبالتالي لا يحزن ولا يتضايق لتلك الأكاذيب التي يتم توجيهها بلا دليل.

اللغة هي أم ولادة الألفاظ والكلمات والأساليب، ومنها تنبثق لغات بلاغية بديعة يأخذ اللب والروح بنظم مفهوم واختيار دقيق. وعندما عجز أهل اللغة عن استيعاب جمال أولادها من الكلمات والألفاظ واكتفوا بما لا روح فيه ولا جمال، تراجعت اللغة وخبأت درر الكلمات والألفاظ والأساليب، إذ لا يستحقها إلا الأكفاء الذين يدركون قيمتها وكيفية المحافظة عليها. تخفي اللغة بناتها من ذوي الأطماع والفاسدين وغير المؤهلين.

وفي انتقادها لهم، استنكرت اتهامهم لها بأنها مجرد أداة محفوظة في كلام الخالق الحق وأنها لم تتجاوز حد استيعابها وتوضيح معانيها، فكيف يمكن لها الآن أن تصف بعض الآلات والمخترعات والمعدات الصلبة التي ليس لها وجود آخر غير اسمٍ واحد، على عكس المعاني العميقة التي تحملها والتي تشكل أنظمة حياتية لجميع البشر.

اللغة العربية مثل البحر، فهناك أسرار وأنماط مختلفة من الكائنات والحقائق والتاريخ لا يزالون يكتشفونها. ولا يزال العلماء واللغويون يبحثون في جواهر اللفظ والكلمة في اللغة العربية، ويسعون لفهمها واستشعار جمالها وبلاغتها، مثلما يفعلون مع البحر.

أهمية الحفاظ على لغة العرب:

  1. يجب الحفاظ على فهم صحيح لكتاب الله ودستوره في الأرض، لتنظيم الحياة في الدنيا والآخرة.
  2. حفظا للتاريخ وأمجاده المشرفة للعلماء العرب.
  3. تحفظًا لدرر اللغة العربية، ومحاسنها، وبراعتها الأدبية والفنية، وروعة الشعور بالجمال الأسلوبي في كل جوانب الحياة.
  4. لأنها هويتنا وتراثنا الأصيل الذي تم حفظه وسيظل محفوظًا، ويرمز إختيار الله تعالى للبشرية بحملها لمعاني ومعجزات كلامه وعلمه إلى أناشيد قلوبنا وعقولنا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى