موضوع عن الوطن

الوطن هو المكان الذي نموت في أحضانه، وهو المنزل الذي نشأنا فيه والشارع الذي لعبنا فيه ومشينا فيه، والمدرسة التي تعلمنا فيها، وهو الأرض التي أطعمتنا والماء الذي روينا ظمأنا به، والمصنع الذي كسانا والمأوى الذي آوانا. وهو الأهل والأصدقاء والعشيرة، وهو الذكريات والحنين. فحب الوطن من الإيمان، والعمل على رفعته يدخلنا أعلى الجنان.

موضوع عن الوطن وأهميته

تخيل أنك لا تملك عائلة أو أصدقاء، ولا تعرف أحدًا تتحدث معه، أو أنك تعيش في الصحراء حيث لا يوجد أحد لتحدث معه أو تجلس معه. سيكون حالك في غاية الصعوبة والمشقة، بالإضافة إلى الألم الذي سينتابك بسبب الوحدة النفسية التي ستشعر بأنها تمزق قلبك من الداخل.

• إذا كنت بلا وطن ونظرت إلى الأمم التي دمرتها الحروب السابقة والمعاصرة، ستسأل ما هو المعنى الحقيقي للوطن، والجواب سيأتي إليك بما لم تقرأه في الكتب وما لم تسمعه في الأخبار.
• فالوطن هو الكيان الذي يشبه الأسرة، حتى إذا تباعدت أفرادها في جميع أنحاء العالم، فإنهم في النهاية سيعودون إلى بلدهم الأصلي وثقافتهم الأصلية التي لن ينسوها أبدًا.
•   الوطن يمثل الحضارة والتراث الذي نحن نتمسك به، وهو الجذور العميقة التي تحمل آثارًا طيبة لعدة مئات من السنين، حيث يفتخر بها أبناؤه ويفخرون بتلك القيم التاريخية العريقة والمعالم الفريدة التي تجسد ذلك الماضي الخالد.
  
• الأب هو الداعم الحقيقي والخير لأولاده، وهو الحب الكبير الذي يجمع كل الأبناء، والانتماء للوطن هو شرف كبير لكل فرد، وهو مسيرة طويلة لا تنتهي، وليس الانتماء للوطن مجرد كلمات تكتب أو شعارات تردد، بل هو فعل يمارس بشكل يومي يعكس للآخرين الأخلاق والثقافة والعادات والتقاليد التي تتعلق بهذا الوطن.
• يحتل الوطن مكانة خاصة في قلوب المواطنين، حيث يشكل محور حياتهم ويستحق الفداء والتضحية، ويجب على الإنسان الفخر به والتفاني في خدمته.
• الوطن هو المكان الذي يحمل ذكرياتنا الجميلة منذ الطفولة وحتى الكبر، حيث تتعلم الأجيال الجديدة وتدرس، وتعمل وتكتسب رزقها في أرض الوطن، وتتمتع بالخيرات والنعم، ولذلك فإن الوطن يستحق التضحية والإخلاص والحب والعطاء.
• يجب على كل مواطن أن يتعرف على حضارته وتراث بلاده، وأن يفهم التاريخ والثقافة، ليفتخر ويعتز بوطنه، كما يجب على أبناء الوطن العمل بكل جد واجتهاد والسعي لازدهار الوطن ورفعة مكانته، والتصدي لكل من يعتدي على حقوق الوطن.
• يتجلى حب الوطن الحقيقي في صدق المشاعر والأفعال التي تدل على انتماء الأبناء إلى وطنهم وحبهم له وتعلقهم به، بالإضافة إلى فخرهم واعتزازهم بأرض الوطن واستعدادهم الكامل للتضحية والعطاء من أجل الوطن، والالتزام بجميع القوانين والأنظمة من أجل تعزيز سمعة الوطن.

الوطن في الإسلام

حث الإسلام على محبة الناس ورد الجميل، فكيف إذا كان المصمم للجميل هو وطنك، بل وإذا أردت فسمه أمك الثانية.

• لا يوجد دليل أفضل على أهمية الوطن في الإسلام من قول النبي صلى الله عليه وسلم عن وطنه مكة: “والله إنك لأحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت”، فانظر كيف كان صلى الله عليه وسلم يتألم لمغادرة وطنه بالدموع والاشتياق.
• نظرًا لزيادة اشتياق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى موطنه ومكان مولده، أنزل الله سبحانه وتعالى الآية القرآنية “إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ” لتعزيز ارتباطه بمسقط رأسه ومكان مولده.
• جعل الإسلام الدفاع عن الوطن فرضًا وجعل ثواب ذلك عظيمًا، حيث إن الجندي الذي يموت دفاعًا عن وطنه فهو من الشهداء، ولا يُدري ما هي منزلته عند الله، فالشهيد يشفع في سبعين من أهله، إضافة إلى ثوابه بأنه يسكن الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والصالحين.
• حب الوطن وحب الديار من الأشياء التي طبعها الله في قلوب الإنسان، ويترتب على ذلك حب الأرض والوطن الذي ربطه القرآن بحب النفس، إذ قال الله تعالى: `وَلَوْ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنكُمْ`.
• أشترط الله حب الوطن بالدين في القرآن الكريم، حيث قال `لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين`.
• وبسبب شدة حب الرسول لوطنه “مكة” قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اللهم اجعل المدينة حبيبة لنا مثل ما جعلت مكة حبيبة لنا أو أحب.
• عندما جاء أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل على عائشة رضي الله تعالى عنها، فسألته كيف كانت مكة، فأجاب بأنها كانت جميلة ومزدهرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصيل: “يا أصيل، اترك القلوب تطيب.

الوطن في أعين الشعراء

إذا بحثت في أقوال الشعراء المختلفة، ستجد أنهم تقريبا جميعا تحدثوا عن وطنهم سواء كان ذلك فخرا أو حزنا أو فرحا أو دعوة للبناء والإصلاح، ومن القصائد الرائعة التي قيلت في حب الوطن كان قول الشاعر الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي من قصيدته التي يقول فيها:

أيا وطني لقيتك بعد يأس

كأني قد لقيت بك الشبابا

وكل مسافر سيئوب يومًا

إذا رزق السلامة والإيابا

ولو أني دعيت لكنت ديني

عليه أقابل الحتم المجابا

وانظر إلى الأبيات التي قالها الشاعر والأستاذ الكبير مصطفى صادق الرافعي

بلادي هواها في لساني وفي دمي

يمجدها قلبي ويدعو لها فمي

ولا خير فيمن لا يحب بلاده

ولا في حليف الحب إن لم يتيم

ألم ترأن الطير إن جاء عشه

فآواه في أكنافه يترنم

وأيضًا قول الشاعر ماجد العثماني:

وطني إليك تحيتي وسلامي

الحب يغمرني يزيد هيامي

وطني وإن ساءوا إليك بجمعهم

لا لن أكون إلا بحب غرامي

ابن الأبار القضاعي، الشاعر الأندلسي، يعبر عن حبه لوطنه ودياره ويبكي على فراقهم بكلمات مؤثرة):

أَبَيْنٌ واشتياقٌ وارتياعُ؟

لقد حُمِّلتَ ما لا يُستَطاعُ

تملّكني الهوى فأطعتُ قسراً

ألاَ إنّ الهوى ملِكٌ مطاعُ

وأذهلني الفراق بإمكانية حدوثه، ومن لا يتألم لفراق الأحباب؟

وليس هوى الأحبة غَير عِلقٍ

لديَّ فلا يُعارُ ولا يُباعُ

فَلِلعبَراتِ بَعدهمُ انحدارٌ

وللزفَرَات إثرَهُمُ ارتفاعُ

نأَوْا حقاً ولا أدري أيُقضَى

تلاقٍ؟ أو يُباح لنا اجتماعُ؟

عبر الشاعر إبراهيم طوقان عن بلده ودافع الحب الذي بداخله وأنه مستعد للتضحية بنفسه فداء لأرض الوطن، قال:

كلما حاربت من أجلك..أحببتك أكثر

أي ترب يختلف عن هذه الترب، ترب من المسك والعنبر

لا يوجد أفق أجمل من هذا الأفق، فالدنيا مُعطرة

كلّما دافعت عن أرضك..عود العمر يخضّر

واجبنا نحو الوطن

يُعَد حب الوطن أمرًا فطريًا فطرَ الله الناس عليه، ولذلك، إذا أحببت شخصًا، فأنت تحرص على مصلحته وتحميه وتدافع عنه لأنك تحبه، فما بالك إذا كان الشخص الذي تحبه هو وطنك الذي له عليك أفضال كثيرة.

• لذلك يجب علينا الالتزام بولائنا لوطننا الغالي والعمل على تعزيزه والتضحية بما هو غالٍ وثمين من أجله، وكذلك من حق الوطن علينا ألا نتناحر فيما بيننا.
• يجوز لنا أن نختلف في الرأي، ولكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإضرار بوطننا العزيز. ومن حقوق الوطن أيضًا أن نقوم بعملنا بإتقان، وذلك لأن الإنسان عند إتقان عمله يستفيد منه شخصيًا ويفيد وطنه، مما يعود عليه بالفائدة في النهاية.
• الوطن هو كالأم التي تعطي بدون مقابل، وإذا قمت بإعطائها ستعيد لك العطاء بأضعاف مضاعفة. ولذلك، يجب علينا الحفاظ على بلادنا من الخونة والأعداء والتصدي لأي محاولة لتدميرها أو سرقتها أو الإضرار بها بأي شكل من الأشكال.

ندعو الله تعالى أن يحفظ بلادنا ويبارك لنا فيها، وأن يجعلنا دائما على مستوى المسؤولية التي تتطلب منا العمل والاجتهاد والتخطيط الجيد والعمل الجماعي بحماس وحب، لنصبح حقًا أفضل الأمم بين الأمم.

أسئلة شائعة