شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول
تعرف عزيزي القارئ على شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول في مقالنا اليوم على موقع موسوعة، حيث قام هذا الشاعر بإلقاء العديد من القصائد في مدح وحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو من أجلاء الشعراء، واسمه حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد وكنايته أبا الوليد، وكان له مكانة كبيرة، وأعلن إسلامه بعد الهجرة بعهد سيدنا محمد (ص)، وحصل على لقب شاعر الرسول، وكان أكبر من سيدنا محمد بثمانية أعوام.
كان يدافع دائمًا عن الرسول وينتمي إلى قبيلة الخزرج في المدينة المنورة، وهو من الشعراء المخضرمين، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة، لذلك دعونا نتعرف في السطور التالية على إحدى قصائده مع شرحها، فقط عليك متابعتنا.
شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول
قصيدة بعنوان عفت ذات الأصابع فالجواء وإليكم جزء منها:-
عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ
يُبارينَ الأَسِنَّةِ مُصغِياتٍ عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ
فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا اِعتَمَرنا وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ
وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن يَشاءُ
وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُنداً هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِقاءُ
لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن مَعَدٍّ قِتالٌ أَو سِبابٌ أَو هِجاءُ
فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن هَجانا وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ الدِماءُ
وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ عَبداً يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ
شَهِدتُ بِهِ وَقَومي صَدَّقوهُ فَقُلتُم ما نُجيبُ وَما نَشاءُ
وَجِبريلٌ أَمينُ اللَهِ فينا وَروحُ القُدسِ لَيسَ لَهُ كِفاءُ
أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ
هَجَوتَ مُحَمَّداً فَأَجَبتُ عَنهُ وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ
أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ
هَجَوتَ مُبارَكاً بَرّاً حَنيفاً أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ الوَفاءُ
فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُم وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ
فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
فَإِمّا تَثقَفَنَّ بَنو لُؤَيٍّ جَذيمَةَ إِنَّ قَتلَهُمُ شِفاءُ
أولَئِكَ مَعشَرٌ نَصَروا عَلَينا فَفي أَظفارِنا مِنهُم دِماءُ
وَحِلفُ الحَرِثِ اِبنِ أَبي ضِرارٍ وَحِلفُ قُرَيظَةٍ مِنّا بُراءُ
لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيه وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ
مناسبة القصيدة
- صاغ حسان بن ثابت هذه القصيدة في العام السابع للهجرة، عندما تم التوصل إلى اتفاق وصلح بين قريش والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتضمن الاتفاق أن يذهب المؤمنون إلى مكة لأداء مناسك الحج بعد عام من توقيع الاتفاق.
- لكن قريش لم تلتزم بالعقد وخرقته وشنت هجومًا على المسلمين، وهنا بدأ نبينا الكريم في تجهيز جيشه وإعداده بشكل قوي لمحاربة المشركين بالله وفتح مكة.
- فقديمًا كان الشعر وسيلة إعلام قوية تهز الأجساد والقلوب، وهنا طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من حسان أن يلقي الشعر، فقال له: `اهجُهُم يا حسان، فإن شعرك أشد عليهم من وقع السيوف`.
شرح القصيدة
- قام حسان بكتابة هذه القصيدة لتمجيد المسلمين وإشادته بالأعمال البطولية التي قاموا بها، سواء كانوا من المهاجرين أو الأنصار، كما أنه كان ينتقد أهل قريش. وقد توعد بأنه إذا أصرت قريش على خرق العهد، فسيتم قتل المشركين من بينهم عند فتح مكة، وإذا لم يسمحوا للمؤمنين بأداء مناسك العمرة، فسيهدد الكفار من خلال شعره، ويؤكد لهم أن الحق سينتصر بالتأكيد.
- استخدم حسان في إحدى الأبيات أسلوب دعائي بهدف التأثير على الآخرين، وبالنسبة للكلمة التي تثير النقع، فهي كناية عن المعركة الشديدة
- يدعو المسلمون على الخيل بالموت إذا لم يحاربوا الأعداء في معركة عنيفة تحدث فيها الكثير من الغبار، وذلك بالقرب من منطقة كداء التي تقع على أطراف مكة المكرمة.
- يتم استخدام الكناية في أحد الأبيات للتعبير عن سرعة الخيل واستعدادها للقتال، ويتم استخدام كلمة “الأسل الظماء” كاستعارة مكنية يتم فيها تشبيه الإنسان بالرماح المتعطشة للقتال ودم المشركين، وتعبر أيضاً عن سرعة الخيول في الصعود واستعدادها للقتال ضد المشركين، ويتم وصفها بهذه الطريقة لإثارة الرعب والخوف في قلوب المشركين.
- تتحدث القصيدة بشكل عام عن الخيول التي توجد في ساحة المعركة لمواجهة الأعداء والقضاء عليهم، حيث ستكون مثل المطر عندما يواجهونها، ولن يستطيع الأعداء الرد على ما يتعرضون له، حتى لو حاول نساءهم التصدي لها بخمورهن، وهذا يدل على انتصار المسلمين وفرار المشركين من ساحة المعركة.
- في حال تم تكملة الاتفاق مع المسلمين، سيتحدث عن تراجع العداوة والخلاف، وسيتم الكشف عن الكفر وإذا لم يعترض الكفار على طريق المسلمين، فسيتم الذهاب لفتح مكة وزيارة بيت الله الحرام دون أي عداء.
- فإذا لم يستسلموا للمؤمنين، فسيحدث حرب كبيرة وسينتصر المسلمون ويحققون النصر العظيم، وهذا ما وعدهم الله.
الإشادة بالإسلام في أبيات حسان بن ثابت
- يُشيد حسان بن ثابت في الأبيات بالدعوة الإسلامية، ويصف جبريل بأنه روح القدس، ويقول أنه لا يوجد مثيل له في نقل الدعوة للنبي مُحمد صلى الله عليه وسلم.
- ثم يشير إلى أن الله أرسل النبي محمد لينقل الحق إلى البشر واختبار إيمانهم أو كفرهم.
- ثم ينتقل إلى إيمانه بالرسول ورسالته، ويطلب من كفار قريش أن يقبلوا الدعوة ولا يرفضوها.
- يدين حسان الهجاء والكلام السيئ الذي يتعرض له الرسول من المشركين، وينتقد بشدة أبا سفيان والكلمات السيئة التي قالها عن الرسول، حيث يصف أبا سفيان بأنه يمثل الشر، بينما يمثل سيدنا محمد الخير.
- بعد ذلك، يمدح النبي الكريم ويصفه بأنه صالح وبار ومبارك وصادق ووفي وهو رسول الله.
- يسخر في قصيدته من قريش بعد ذلك، ويقول أنهم ليس لهم قيمة أو وزن، ولا يعنون أي شيء.
ثم ينتقل إلى هذا البيت: فإنّ أبي ووالِدَهُ وعِرْضي لِعِرْضِ مُحُمَّدٍ مِنْكُمْ وِقاءُ
- ويتضح حبه الشديد لنبينا الكريم، حيث يعرب عن قدرته على التضحية بجده ووالده وعرضه، مقابل الدفاع عن الرسول.
- ويصف نفسه بأن لسانه حادٍ مثل السيف، وأن شعره غزير وعميق مثل البحر، الذي يوضح من خلاله قدراته الشعرية والأدبية الرفيعة، ويشير إلى عدم قدرة أي شخص على مواجهته أو منافسته في الشعر.
- في نهاية القصيدة، يعتز بشعراء المسلمين ويخاطب الكفار بأن المسلمين لديهم قدرة كبيرة على الرد على أي حديث، وأنهم قادرون على القتال في المعركة حتى لو كانت شديدة، وأن القتال فيها يصبح عنيفًا.