الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

تفسير سورة الحجرات ابن عثيمين (الجزء الثاني)

koran 040fz 2 enl e1551792285725 | موسوعة الشرق الأوسط

نتحدث اليوم عن تفسير سورة الحجرات للشيخ ابن عثيمين وهو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي، ولد الشيخ عام (١٣٤٧ هـ ١٩٢٩م) في عنيزة من مدن القصيم، نشأ في أسرة بسيطة تحب العلم والقرآن الكريم، وبدأت موهبته المبكرة وتأثر بالشيخ عبد الرحمن السعدي وعدد من العلماء، ودرس العلوم المختلفة، وكان لا يحب التمجيد، وعمل في التعليم والخطابة والتأليف لسنوات طويلة من حياته، وتوفي رحمه الله بعد معركة مع المرض في عام ٢٠٠١م في جدة وصلي عليه في المسجد الحرام ودفن في مكة، وفي هذا المقال نلقي نظرة على جانب من النور الذي أنزله الله تعالى على الشيخ في التفسير، بما في ذلك تفسير سورة الحجرات لابن عثيمين مع الموسوعة.

هذا هو الجزء الأول من التفسير اضغط هنا للوصول إلي تفسير سورة الحجرات الجزء الثاني .

فوائد سورة الحجرات

فضل سورة الحجرات

  • نجد أن السورة بدأت بنداء الإيمان، أي أعتقد أنها تحتوي على إرشاد للمؤمنين في جوانب حياتهم.
  • تحدثت السورة عن الآداب التي يجب مراعاتها مع سيد الأنام، مثل خفض الصوت وتشريف النداء.
  • ثم تحدثت عن ضرورة التأكد من صحة الشائعات وأخبار الفاسقين غير الموثوق بهم، لتجنب الوقوع في مشاكل قد تسبب الندم فيما بعد.
  • ثم تحدثت عن مخالفة بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض المواقف خوفًا من المشقة، مما يدل على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته.
  • هذه هي فوائد الجزء الأول من تفسير سورة الحجرات، وسيتم ذكر المزيد من الفوائد في الجزء الثاني بإذن الله.

تفسير سورة الحجرات ابن عثيمين (الجزء الأول)

الآية 1

((يا أيها الذين آمنوا، لا تقدموا قبل الله ورسوله واتقوا الله، إن الله سميع عليم))

نداء الإيمان

في بداية السورة، ينادي الإيمان، إما بأمر الخير أو بنهي الشر، وأن الاستجابة لهذا النداء من شروط الإيمان، وهذا ما تحدث عنه الشيخ في بداية المحاضرة.

معنى التقدم

  • يشرح الشيخ معنى النهي عن التقدم، ويوضح أنه يعني النهي عن مقدمة النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل، أو أن المعنى هو عدم مقدمة أي شيء بين يدي الله ورسوله. كما يشرح بعض الأمثلة على ذلك، مثل تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين قبل حلوله، فكأنه تقدم على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

البدع وأنواعها وطرقها

  • يتحدث الشيخ عن البدع بأنواعها ويشير إلى أن البدعة هي من أشد أنواع التقدم، حيث يبدو حال المبتدع كما لو كان يحاول اللحاق بما فاته من الرسول أو الشريعة التي كملت كما ذكر الله تعالى.
  • فإذا كان فعل المبتدع يؤدي إلى الكمال في الدين، فإن الدين قد استكمل في قوله العزيز المتعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) {المائدة: 3}، وإذا كان المبتدع يتضمن الطعن في الدين، فوصفه الشيخ بأنه أحد أشد أنواع التقدم.
  • ثم يتحدث الشيخ عن أنواع البدع فيقول: توجد البدع بأنواع متعددة، بدع في العقيدة والأقوال والأفعال.
  • ثم يتكلم عن بدع العقيدة وأنها تأتي من طريقين: التمثيل والتعطيل.
  • يعتبر التمثيل إثباتًا لصفات الله تعالى وتمثيلها بصفات المخلوقين، في حين يعتبر التعطيل إنكاراً لما وصف به الله تعالى نفسه، ويمكن أن يكون الإنكار إنكارًا لتأويل الكتاب أو السنة، وإذا كان هذا الإنكار إنكارًا للحق فهو كفر
  • ثم يتحدث الشيخ عن البدع القائلة والأدعية التي لم تذكر في السنة الشريفة.
  • ثم يتحدث عن بدع الأفعال ويذكر لها أمثلة، مثل التصفيق عند الذكر وهز الرأس أثناء التلاوة بقصد التعبد، والتمسح بالكعبة بغير الحجر الأسود والركن اليماني، والتمسح بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وحجرة قبره الشريف ومنبره وجدران مقبرة البقيع.
  • يصدر الشيخ حكمه العام على هذه البدع باعتبارها تقدمًا بين يدي الله ورسوله، ثم يستمر في ذكر أمثلة أخرى على البدع.

التقوى

  • يواصل الشيخ تفسيره للآية الأولى بحديثه عن قوله تعالى: (واتقوا الله).
  • ويشار إلى أن المعنى هو اتخاذ الوقاية من عذاب الله، ويشار إلى أن طريق تحقيق التقوى هو الامتثال للأوامر وتجنب المحظورات.
  • يتحدث النبي عن نوع من الناس الذين يتكبرون عندما ينصحون بالتقوى ويرفضون ذلك بحجة أن الله تعالى أمر الأشرفين منهم وأشرف الخلق بالتقوى، ثم يذكر لهم قول الله تعالى: (يا أيها النبي، اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) (الأحزاب: 1) وغيرها من الآيات.
  • يتحدث ثم عن أن ترك القيام بالتقوى قد يكون كفرًا أو لا يكون، وذلك لأن التقوى هي الالتزام بالأوامر وتجنب النواهي.
  • ترك الصلاة يعد تركًا للتقوى ويعتبر كفرًا، فالشخص الذي يترك الصلاة يعتبر كافرًا.
  • وهكذا يستمر في إعطاء الأمثلة، مؤكدًا أن التقوى هي معنى شامل لكل الشريعة الإسلامية.

إن الله سميع عليم

  • ذكر العلامة ابن عثيمين أن هذه الجملة جاءت للتحذير من الوقوع في التقدم المذكور، وقال إن الله سميع لما تقولون عليم بما تقولون وما تفعلون.
  • يشمل العلم مجالات أوسع وأشمل من السمع لأن السمع يتعلق بالمسموع فقط، بينما العلم يتعلق بالمسموع والمرئي وغيره.
  • ثم يتم ذكر أن السمع الذي أنعم الله به عليه هو سمع يدرك ويجيب.
  • يمكن أن يشير الإدراك إلى الإحاطة والشمول، مثل هذه الآية: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) {181-آل عمران}، أو التهديد مثل قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) {181-آل عمران}، أو التأييد كقول الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: (لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) {46-طه}.
  • سماع الإجابة يعد استجابة من الله لمن دعاه.
  • وعندما يقال (عليم) في القرآن الكريم، فإن ذلك يعني أن الله تعالى هو صاحب علم شامل، وعندما يؤمن المؤمن بأن الله تعالى سميع وعليم، فإنه يتبع الأوامر ويتجنب المحظورات.

الآية 2

يقول تعالى: يا أيها الذين آمنوا، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون).

  • يتحدث الشيخ عن العلاقة بين الآية الأولى والثانية، فالأولى تحث على عدم التقدم والانية تحث على عدم رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم.
  • يعد نداء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة للتشريف والتعظيم، لذلك يجب عليكم الاستجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لكم.
  • لا تنادوا عليه بالاسم فحسب، ولكن قولوا: يا رسول الله، يا نبي الله.
  • أشار الشيخ إلى أن الآية تشير إلى أن من يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، قد يفشل في عمله دون أن يشعر به.
  • ذكر الشيخ أن ثابت بن قيس كان يخطب نبي الله صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع، وعند نزول هذه الآية جلس في بيت حزين وتغيب، فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم وخفف عنه وأخبره بأنه من أهل الجنة.

الآية 3

يقول تعالى: إن الذين يتجاهلون أصواتهم عندما يتحدث رسول الله، فإنهم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، ولهم مغفرة وأجر كريم.

  • يذكر الشيخ أن الله نهى عن رفع الصوت على نبيه، وحذر من العواقب السيئة لهذا الفعل؛ وأشاد بالذين يخفضون أصواتهم عندما يتحدثون معه.
  • ثم تم ذكر السر في استخدام اسم الإشارة “أولئك” للتعظيم من شأن هؤلاء، حيث يدل على بعد منزلتهم ورفعتها.
  • ثم شرح الشيخ معنى الامتحان بأن الله عليه الاختصاص يختبرنا لنصفي الخبيث من الطيب.
  • ثم صرح الله تعالى بثوابهم، وهو مغفرة لذنوبهم وأجر على أعمالهم الصالحة.
  • وفيه إشارة إلى أن التقوى تحتل مكانًا في القلب.

الآية 4

يقول تعالى (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم غير عاقلين).

  • أوضح الشيخ أن هذه الآية تشير إلى الأشخاص الجفاة الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ينادونه من وراء حجرات نسائه حتى يخرج إليهم.
  • وفي هؤلاء قال الله تعالى:  (معظمهم غير متزن) أي ليس لديهم العقلية الصحيحة.

أنواع العقل

  • ثم يذكر الشيخ أن للعقل أنواعًا: عقل رشد وعقل تكليف.
  • أما عقل الرشد فهو العكس التام للسفه وهو الشرط الأساسي لتصرف في المال.
  • أما عقل التكليف فهو مضاد للجنون وهو الشرط الأساسي في التكاليف.
  • ويشير إلى أن قوله تعالى (أكثرهم) يدل على أن بعض الناس كانوا مؤدبين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعوا أصواتهم عليه.

الآية 5

يقول تعالى (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم).

  • لو صبروا لكان ذلك أفضل بكثير بالنسبة لهم، لأنهم سيحتفظون بالآداب اللازمة في التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت نفسه سيتم تلبية احتياجاتهم.
  • وقول الله تعالى “والله غفور رحيم” هو إشارة إلى أن الله تعالى غفر لهم ورحمهم، وهذا أمر من كرم الله، فإن الله تعالى يغفر ما دون الشرك والمشرك لمن تاب، لأن الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها.

الآية 6

يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا أتاكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

  • أوضح الشيخ أن الفاسق هو الذي انحرف عن دينه وعقيدته ومروئته، والمقابل هو الفاسق العدل الذي يحافظ على دينه ومروئته.
  • يعني ذلك أنه إذا جاء إلينا شخص فاسق في دينه ولكن لم يصل إلى حد الكفر، فإنه ليس عادلاً، وذكر الشيخ بعض صفات الفاسق.

صفات الفاسق عند ابن عثيمين

ذكر الشيخ ابن عثيمين بعض صفات الفاسق، وعلى الرغم من اختلاف العلماء في بعض هذه الصفات، ومنها:

  • لا يهتم بنفسه ويتجول بين الناس بلا هدف.
  • يتحدث برفع صوت.
  • يأتي بأغراض منزله ويجول بها في الأسواق.
  • الحالق لحيته ل مخالفته قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى).
  • فهذا فيما يتعلق بابن عثيمين، لا نأخذ بخبره ولا نرده، بل نتحقق، وهذا التباين ضروري في قراءة (فتثبتوا).
  • يذكر فائدة حبره بأنه يدفعنا للتساؤل ويذكر أمثلة على ذلك.
  • ذكرت الحكمة من التأكد من صحة خبر الفاسق حتى لا نصدر حكمًا خاطئًا نندم عليه، وتحذيرًا من انتشار الأخبار الكاذبة وتحذيرًا من النميمة، وذكرت بعض الأحاديث في هذا الصدد.
  • ويجب التأكد من صحة الأخبار والفتاوى التي ينسبها البعض إلى العلماء والتي لم يتحدثوا بها، وذلك خاصة في عصر الإشاعات الذي نعيش فيه.

الآية 7

يقول تعالى: واعلموا أن فيكم رسول الله، ولو أطاعكم في كثير من الأمور لعنتم، ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان، أولئك هم الرشدون.

  •    ذكر الشيخ أن سبب الأمر الذي وقع كان بسبب ورود أخبار مغلوطة عن قوم لم يكن فيهم ما ذكرت، ولذا أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت والتأكد من الخبر الصحيح، وقد رغب بعض الصحابة في معاقبة هؤلاء الأشخاص بناءً على هذه الأخبار المغلوطة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ أي إجراء قبل نزول هذه الآية.
  • يعني مضمون الآية بأنه إذا أطاعتم النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمور، فسيكون ذلك أسهل عليكم وأقل صعوبة، وإذا رفضتم طلبه في بعض الأمور، فسيكون ذلك أفضل لكم وأقل مشقة عليكم، وذكر الشيخ أمثلة أخرى لتوضيح هذه الفكرة.
  • وحتى لو خالفكم في شيء، فالله تعالى حبب الإيمان إليكم وزينه في قلوبكم، بحيث تقدمون طاعته صلى الله عليه وسلم على ما يخالفكم فيه.
  • ثم ذكر أن الله حبب إليكم الإيمان وزينه، أي جعلكم تمارسونه وتستمرون في العمل عليه بلا انقطاع، لذا احرصوا على أن تثبتوا تلك المحبة في قلوبكم.
  • ثم ذكر أنه يكره لكم الكفر الذي يعتبر خلافًا للإيمان، والفسوق الذي يعتبر خلافًا للأخلاق والاستقامة، والعصيان الذي يعتبر خلافًا للطاعة، ويوجد تدرج بين هذه الأشياء من الأعلى إلى الأدنى، وتحدث الشيخ عن أمثلة لكل منها، فالكفر يتمثل في حكم المرتد، والفسوق يتمثل في ارتكاب الكبائر، والعصيان يتمثل في ارتكاب الصغائر.
  • ثمَّ إنَّ الذين جعل اللهُ الإيمان محبَّةً في قلوبِهم هم الذين سلكوا طريق الحكمة والتصرف الحسن، والتي تتضمن الأمور المادية والروحية.

الآية 8

يقول تعالى:(هذا) نعمة من الله وفضل، والله عليم حكيم.

  • يعني ذلك أن الله تعالى يفضل بالقدر على قدرتكم، وليس بما تكسبون، ومن تعلم الله بحسن نيته وقصده وإخلاصه، جعل الإيمان حبيبًا له وزينه في قلبه.
  • أكد أن النعمة في الدنيا متاحة لجميع البشر، في حين أن النعمة في الآخرة مخصصة للمؤمنين فقط، ويحصل المؤمن على النعمتين وهو في حالة فقر أو مرض أو غير ذلك، وبالتالي فهو في حالة نعمة.
  • يعلم الله تعالى السر والأخفى، فهو العليم، ويحكم بحكمة بالغة، فجميع ما يحكم به موافق ومطابق للمصالح.

 

كان ذلك الجزء الأول من تفسير سورة الحجرات بالإضافة إلى بعض الفوائد المستفادة منه، ولذا تابعونا على الموسوعة لتتعرفوا على الجزء الثاني من تفسير الإمام ابن عثيمين لآيات سورة الحجرات من القرآن الكريم.

    المصدر:

تفسير الشيخ ابن عثيمين للقرآن الكريم (بتصرف).

                 

اترك تعليقاً

الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

تفسير سورة الحجرات ابن عثيمين (الجزء الأول)

koran 040fz 2 enl e1551792285725 | موسوعة الشرق الأوسط

نتحدث اليوم عن تفسير سورة الحجرات للشيخ ابن عثيمين وهو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي، ولد الشيخ عام (١٣٤٧ هـ ١٩٢٩م) في عنيزة من مدن القصيم، نشأ في أسرة بسيطة تحب العلم والقرآن الكريم، وبدأت موهبته المبكرة وتأثر بالشيخ عبد الرحمن السعدي وعدد من العلماء، ودرس العلوم المختلفة، وكان لا يحب التمجيد، وعمل في التعليم والخطابة والتأليف لسنوات طويلة من حياته، وتوفي رحمه الله بعد معركة مع المرض في عام ٢٠٠١م في جدة وصلي عليه في المسجد الحرام ودفن في مكة، وفي هذا المقال نلقي نظرة على جانب من النور الذي أنزله الله تعالى على الشيخ في التفسير، بما في ذلك تفسير سورة الحجرات لابن عثيمين مع الموسوعة.

هذا هو الجزء الأول من التفسير اضغط هنا للوصول إلي تفسير سورة الحجرات الجزء الثاني .

فوائد سورة الحجرات

فضل سورة الحجرات

  • نجد أن السورة بدأت بنداء الإيمان، أي أعتقد أنها تحتوي على إرشاد للمؤمنين في جوانب حياتهم.
  • تحدثت السورة عن الآداب التي يجب مراعاتها مع سيد الأنام، مثل خفض الصوت وتشريف النداء.
  • ثم تحدثت عن ضرورة التأكد من صحة الشائعات وأخبار الفاسقين غير الموثوق بهم، لتجنب الوقوع في مشاكل قد تسبب الندم فيما بعد.
  • ثم تحدثت عن مخالفة بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض المواقف خوفًا من المشقة، مما يدل على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته.
  • هذه هي فوائد الجزء الأول من تفسير سورة الحجرات، وسيتم ذكر المزيد من الفوائد في الجزء الثاني بإذن الله.

تفسير سورة الحجرات ابن عثيمين (الجزء الأول)

الآية 1

((يا أيها الذين آمنوا، لا تقدموا قبل الله ورسوله واتقوا الله، إن الله سميع عليم))

نداء الإيمان

في بداية السورة، ينادي الإيمان، إما بأمر الخير أو بنهي الشر، وأن الاستجابة لهذا النداء من شروط الإيمان، وهذا ما تحدث عنه الشيخ في بداية المحاضرة.

معنى التقدم

  • يشرح الشيخ معنى النهي عن التقدم، ويوضح أنه يعني النهي عن مقدمة النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل، أو أن المعنى هو عدم مقدمة أي شيء بين يدي الله ورسوله. كما يشرح بعض الأمثلة على ذلك، مثل تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين قبل حلوله، فكأنه تقدم على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

البدع وأنواعها وطرقها

  • يتحدث الشيخ عن البدع بأنواعها ويشير إلى أن البدعة هي من أشد أنواع التقدم، حيث يبدو حال المبتدع كما لو كان يحاول اللحاق بما فاته من الرسول أو الشريعة التي كملت كما ذكر الله تعالى.
  • فإذا كان فعل المبتدع يؤدي إلى الكمال في الدين، فإن الدين قد استكمل في قوله العزيز المتعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) {المائدة: 3}، وإذا كان المبتدع يتضمن الطعن في الدين، فوصفه الشيخ بأنه أحد أشد أنواع التقدم.
  • ثم يتحدث الشيخ عن أنواع البدع فيقول: توجد البدع بأنواع متعددة، بدع في العقيدة والأقوال والأفعال.
  • ثم يتكلم عن بدع العقيدة وأنها تأتي من طريقين: التمثيل والتعطيل.
  • يعتبر التمثيل إثباتًا لصفات الله تعالى وتمثيلها بصفات المخلوقين، في حين يعتبر التعطيل إنكاراً لما وصف به الله تعالى نفسه، ويمكن أن يكون الإنكار إنكارًا لتأويل الكتاب أو السنة، وإذا كان هذا الإنكار إنكارًا للحق فهو كفر
  • ثم يتحدث الشيخ عن البدع القائلة والأدعية التي لم تذكر في السنة الشريفة.
  • ثم يتحدث عن بدع الأفعال ويذكر لها أمثلة، مثل التصفيق عند الذكر وهز الرأس أثناء التلاوة بقصد التعبد، والتمسح بالكعبة بغير الحجر الأسود والركن اليماني، والتمسح بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وحجرة قبره الشريف ومنبره وجدران مقبرة البقيع.
  • يصدر الشيخ حكمه العام على هذه البدع باعتبارها تقدمًا بين يدي الله ورسوله، ثم يستمر في ذكر أمثلة أخرى على البدع.

التقوى

  • يواصل الشيخ تفسيره للآية الأولى بحديثه عن قوله تعالى: (واتقوا الله).
  • ويشار إلى أن المعنى هو اتخاذ الوقاية من عذاب الله، ويشار إلى أن طريق تحقيق التقوى هو الامتثال للأوامر وتجنب المحظورات.
  • يتحدث النبي عن نوع من الناس الذين يتكبرون عندما ينصحون بالتقوى ويرفضون ذلك بحجة أن الله تعالى أمر الأشرفين منهم وأشرف الخلق بالتقوى، ثم يذكر لهم قول الله تعالى: (يا أيها النبي، اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) (الأحزاب: 1) وغيرها من الآيات.
  • يتحدث ثم عن أن ترك القيام بالتقوى قد يكون كفرًا أو لا يكون، وذلك لأن التقوى هي الالتزام بالأوامر وتجنب النواهي.
  • ترك الصلاة يعد تركًا للتقوى ويعتبر كفرًا، فالشخص الذي يترك الصلاة يعتبر كافرًا.
  • وهكذا يستمر في إعطاء الأمثلة، مؤكدًا أن التقوى هي معنى شامل لكل الشريعة الإسلامية.

إن الله سميع عليم

  • ذكر العلامة ابن عثيمين أن هذه الجملة جاءت للتحذير من الوقوع في التقدم المذكور، وقال إن الله سميع لما تقولون عليم بما تقولون وما تفعلون.
  • يشمل العلم مجالات أوسع وأشمل من السمع لأن السمع يتعلق بالمسموع فقط، بينما العلم يتعلق بالمسموع والمرئي وغيره.
  • ثم يتم ذكر أن السمع الذي أنعم الله به عليه هو سمع يدرك ويجيب.
  • يمكن أن يشير الإدراك إلى الإحاطة والشمول، مثل هذه الآية: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) {181-آل عمران}، أو التهديد مثل قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) {181-آل عمران}، أو التأييد كقول الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: (لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) {46-طه}.
  • سماع الإجابة يعد استجابة من الله لمن دعاه.
  • وعندما يقال (عليم) في القرآن الكريم، فإن ذلك يعني أن الله تعالى هو صاحب علم شامل، وعندما يؤمن المؤمن بأن الله تعالى سميع وعليم، فإنه يتبع الأوامر ويتجنب المحظورات.

الآية 2

يقول تعالى: يا أيها الذين آمنوا، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون).

  • يتحدث الشيخ عن العلاقة بين الآية الأولى والثانية، فالأولى تحث على عدم التقدم والانية تحث على عدم رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم.
  • يعد نداء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة للتشريف والتعظيم، لذلك يجب عليكم الاستجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لكم.
  • لا تنادوا عليه بالاسم فحسب، ولكن قولوا: يا رسول الله، يا نبي الله.
  • أشار الشيخ إلى أن الآية تشير إلى أن من يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، قد يفشل في عمله دون أن يشعر به.
  • ذكر الشيخ أن ثابت بن قيس كان يخطب نبي الله صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع، وعند نزول هذه الآية جلس في بيت حزين وتغيب، فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم وخفف عنه وأخبره بأنه من أهل الجنة.

الآية 3

يقول تعالى: إن الذين يتجاهلون أصواتهم عندما يتحدث رسول الله، فإنهم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، ولهم مغفرة وأجر كريم.

  • يذكر الشيخ أن الله نهى عن رفع الصوت على نبيه، وحذر من العواقب السيئة لهذا الفعل؛ وأشاد بالذين يخفضون أصواتهم عندما يتحدثون معه.
  • ثم تم ذكر السر في استخدام اسم الإشارة “أولئك” للتعظيم من شأن هؤلاء، حيث يدل على بعد منزلتهم ورفعتها.
  • ثم شرح الشيخ معنى الامتحان بأن الله عليه الاختصاص يختبرنا لنصفي الخبيث من الطيب.
  • ثم صرح الله تعالى بثوابهم، وهو مغفرة لذنوبهم وأجر على أعمالهم الصالحة.
  • وفيه إشارة إلى أن التقوى تحتل مكانًا في القلب.

الآية 4

يقول تعالى (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم غير عاقلين).

  • أوضح الشيخ أن هذه الآية تشير إلى الأشخاص الجفاة الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ينادونه من وراء حجرات نسائه حتى يخرج إليهم.
  • وفي هؤلاء قال الله تعالى:  (معظمهم غير متزن) أي ليس لديهم العقلية الصحيحة.

أنواع العقل

  • ثم يذكر الشيخ أن للعقل أنواعًا: عقل رشد وعقل تكليف.
  • أما عقل الرشد فهو العكس التام للسفه وهو الشرط الأساسي لتصرف في المال.
  • أما عقل التكليف فهو مضاد للجنون وهو الشرط الأساسي في التكاليف.
  • ويشير إلى أن قوله تعالى (أكثرهم) يدل على أن بعض الناس كانوا مؤدبين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعوا أصواتهم عليه.

الآية 5

يقول تعالى (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم).

  • لو صبروا لكان ذلك أفضل بكثير بالنسبة لهم، لأنهم سيحتفظون بالآداب اللازمة في التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت نفسه سيتم تلبية احتياجاتهم.
  • وقول الله تعالى “والله غفور رحيم” هو إشارة إلى أن الله تعالى غفر لهم ورحمهم، وهذا أمر من كرم الله، فإن الله تعالى يغفر ما دون الشرك والمشرك لمن تاب، لأن الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها.

الآية 6

يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا أتاكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

  • أوضح الشيخ أن الفاسق هو الذي انحرف عن دينه وعقيدته ومروئته، والمقابل هو الفاسق العدل الذي يحافظ على دينه ومروئته.
  • يعني ذلك أنه إذا جاء إلينا شخص فاسق في دينه ولكن لم يصل إلى حد الكفر، فإنه ليس عادلاً، وذكر الشيخ بعض صفات الفاسق.

صفات الفاسق عند ابن عثيمين

ذكر الشيخ ابن عثيمين بعض صفات الفاسق، وعلى الرغم من اختلاف العلماء في بعض هذه الصفات، ومنها:

  • لا يهتم بنفسه ويتجول بين الناس بلا هدف.
  • يتحدث برفع صوت.
  • يأتي بأغراض منزله ويجول بها في الأسواق.
  • الحالق لحيته ل مخالفته قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى).
  • فهذا فيما يتعلق بابن عثيمين، لا نأخذ بخبره ولا نرده، بل نتحقق، وهذا التباين ضروري في قراءة (فتثبتوا).
  • يذكر فائدة حبره بأنه يدفعنا للتساؤل ويذكر أمثلة على ذلك.
  • ذكرت الحكمة من التأكد من صحة خبر الفاسق حتى لا نصدر حكمًا خاطئًا نندم عليه، وتحذيرًا من انتشار الأخبار الكاذبة وتحذيرًا من النميمة، وذكرت بعض الأحاديث في هذا الصدد.
  • ويجب التأكد من صحة الأخبار والفتاوى التي ينسبها البعض إلى العلماء والتي لم يتحدثوا بها، وذلك خاصة في عصر الإشاعات الذي نعيش فيه.

الآية 7

يقول تعالى: واعلموا أن فيكم رسول الله، ولو أطاعكم في كثير من الأمور لعنتم، ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان، أولئك هم الرشدون.

  •    ذكر الشيخ أن سبب الأمر الذي وقع كان بسبب ورود أخبار مغلوطة عن قوم لم يكن فيهم ما ذكرت، ولذا أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت والتأكد من الخبر الصحيح، وقد رغب بعض الصحابة في معاقبة هؤلاء الأشخاص بناءً على هذه الأخبار المغلوطة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ أي إجراء قبل نزول هذه الآية.
  • يعني مضمون الآية بأنه إذا أطاعتم النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمور، فسيكون ذلك أسهل عليكم وأقل صعوبة، وإذا رفضتم طلبه في بعض الأمور، فسيكون ذلك أفضل لكم وأقل مشقة عليكم، وذكر الشيخ أمثلة أخرى لتوضيح هذه الفكرة.
  • وحتى لو خالفكم في شيء، فالله تعالى حبب الإيمان إليكم وزينه في قلوبكم، بحيث تقدمون طاعته صلى الله عليه وسلم على ما يخالفكم فيه.
  • ثم ذكر أن الله حبب إليكم الإيمان وزينه، أي جعلكم تمارسونه وتستمرون في العمل عليه بلا انقطاع، لذا احرصوا على أن تثبتوا تلك المحبة في قلوبكم.
  • ثم ذكر أنه يكره لكم الكفر الذي يعتبر خلافًا للإيمان، والفسوق الذي يعتبر خلافًا للأخلاق والاستقامة، والعصيان الذي يعتبر خلافًا للطاعة، ويوجد تدرج بين هذه الأشياء من الأعلى إلى الأدنى، وتحدث الشيخ عن أمثلة لكل منها، فالكفر يتمثل في حكم المرتد، والفسوق يتمثل في ارتكاب الكبائر، والعصيان يتمثل في ارتكاب الصغائر.
  • ثمَّ إنَّ الذين جعل اللهُ الإيمان محبَّةً في قلوبِهم هم الذين سلكوا طريق الحكمة والتصرف الحسن، والتي تتضمن الأمور المادية والروحية.

الآية 8

يقول تعالى:(هذا) نعمة من الله وفضل، والله عليم حكيم.

  • يعني ذلك أن الله تعالى يفضل بالقدر على قدرتكم، وليس بما تكسبون، ومن تعلم الله بحسن نيته وقصده وإخلاصه، جعل الإيمان حبيبًا له وزينه في قلبه.
  • أكد أن النعمة في الدنيا متاحة لجميع البشر، في حين أن النعمة في الآخرة مخصصة للمؤمنين فقط، ويحصل المؤمن على النعمتين وهو في حالة فقر أو مرض أو غير ذلك، وبالتالي فهو في حالة نعمة.
  • يعلم الله تعالى السر والأخفى، فهو العليم، ويحكم بحكمة بالغة، فجميع ما يحكم به موافق ومطابق للمصالح.

 

كان ذلك الجزء الأول من تفسير سورة الحجرات بالإضافة إلى بعض الفوائد المستفادة منه، ولذا تابعونا على الموسوعة لتتعرفوا على الجزء الثاني من تفسير الإمام ابن عثيمين لآيات سورة الحجرات من القرآن الكريم.

    المصدر:

تفسير الشيخ ابن عثيمين للقرآن الكريم (بتصرف).

                 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى