قام العديد من علماء التاريخ الطبيعي والجيوغرافيا وعلم الإنسان والعلوم الطبيعية والإنسانية بإجراء البحوث حول التنوع الحيوي لفهم وجود المخلوقات المتنوعة في الكون وأهميتها. تختلف البيئات في كل بلد، مما يؤدي إلى تنوع المخلوقات الحية وتغيرها وفقًا للبيئة التي تنمو فيها. تؤثر هذه المخلوقات على البيئة وتتأثر بها، وتؤثر على حياة الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر. في هذا المقال على الموسوعة، سنعرف كل شيء عن التنوع الحيوي، ونقوم بإجراء بحث شامل حول كل جوانبه وأنواعه ومخاطره وفوائده.
مفهوم التنوع الحيوي
يعني التنوع الحيوي، أو (Biodiversity)، جميع الكائنات الحية التي تعيش في بيئة واحدة، سواء كانت حيوانات، نباتات، حشرات أو حتى الإنسان. وهذا التنوع ليس عشوائيا أو مستقلا بذاته، بل يوجد علاقات وترابط بين كل كائن والآخر، وهناك تطور واضح في بعض الأصناف وفقا للبيئة التي يعيشون بها. ومع مرور الوقت، يزداد وضوح ما يسمى علماء التاريخ الطبيعي “الانتقاء الطبيعي”، ويبحث العلماء عن الروابط بين الكائنات الحية وجميع أنواع الأشكال. ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى علم “أصل الأنواع” الذي أطلقه العالم داروين ويعتقد أنه البذرة التي عمل عليها العلماء لتطويرها ومتابعة حركة التنوع البيولوجي بحرص ودقة لما فهموه عن تأثيره على الحياة البشرية.
ببساطة، التنوع الحيوي يشمل جميع الكائنات الحية، بدءًا من البكتيريا وصولاً إلى الثدييات الأكثر تطورًا بما في ذلك الإنسان.
اهمية التنوع الحيوي
يحظى التنوع الحيوي بأهمية كبيرة في الحفاظ على توازن النظام البيئي بشكل عام، حيث يؤثر حتى وجود البكتيريا التي تعد من أبسط وأضعف المخلوقات الحية على حياة الإنسان عند تعرضها للخطر سواء بالنقصان أو الزيادة عن معدلاتها الطبيعية في البيئة. وتتمثل أهمية التنوع الحيوي في النقاط التالية:
- الأهمية الصحية: يعتمد صنع الأدوية بالكامل على الكائنات الدقيقة والنباتات، ونادرًا ما يتم استخدام أي شيء من الحيوانات. فعلى سبيل المثال، تصنع 70% من العلاجات التي نعتمد عليها من النباتات، مثل حبوب الأسبرين التي يتم استخلاص مكوناتها من شجرة الصفصاف الاستوائية.
- الأهمية الإقتصادية: يلعب التنوع الحيوي دورًا هامًا في صناعة العالم، حيث يعتمد عليه الاقتصاد العالمي بشكل عام، ويوفر لنا التنوع الفرصة للاطلاع على التركيبات الوراثية الفريدة، ويتطلب البحث المستمر في التنوع الحيوي لتحسين الإنتاجية الزراعية والتعرف على تراكيب النباتات والحيوانات وتحليلها لاستخلاص الألياف والأنسجة التي تعزز صناعات مختلفة، مثل الصناعات العلمية والطبية والتجارية، بما في ذلك الصناعات الدوائية، وبالتالي تلبية احتياجات البشر دون التأثير على توازن البيئة.
- الأهمية الأخلاقية والجمالية: نحن جميعًا جئنا إلى هذه الأرض من أصل واحد، أو على الأقل أصول متشابهة. لذلك، فإن الأرض ملك للجميع. تخلق الكائنات الحية المتنوعة حول الإنسان قيمة جمالية وأخلاقية في حياته، وتعطي هدفًا راقيًا لأصحاب النفوس السامية للحفاظ على التنوع الحيوي وحمايته من خطر الانقراض والتشتيت.
بحث عن التنوع الحيوي والكائنات الحية
تقوم الكائنات الحية بالاعتماد على بعضها البعض بشكل مباشر وغير مباشر في حياتها، حيث يؤثر كل ما يحدث في البيئة الواحدة على بعضه البعض. ويعتبر الاعتماد المتبادل بين الفصائل المختلفة الرابطة الأساسية لاستمرار الحياة على كوكب الأرض. فعلى سبيل المثال، إذا حدث انخفاض في مستوى الأكسجين المتاح في المياه البحرية، فإنه يؤدي إلى هجرة الكائنات البحرية من تلك المنطقة، وغالبًا ما لا تستطيع الهرب بسرعة كافية لتجنب الاختناق والموت، مما يؤدي إلى نفوق عدد كبير من الكائنات البحرية في بعض المناطق بسبب تلوث البحار، ويؤدي ذلك بالتأكيد إلى اضطرابات في التوازن البيئي في تلك المنطقة وقد يؤدي إلى انقراض بعض أنواع الطيور أو هجرتها بشكل دائم عن البيئة، ويؤثر ذلك بدوره على الحيوانات وتربة الأرض المحيطة بالبيئة. وينتج عن هذه الحركة الضارة تأثيرات سلبية على الإنسان وحياته.
الحيوانات الآكلة للحوم وأهميتها فى التنوع الحيوي
كمثال على التنوع البيئي، يمكننا النظر إلى الأسود والذئاب كأنواع من الحيوانات اللاحمة، وعلى الرغم من أنها حيوانات مفترسة وقد يعتقد الإنسان أن وجودها يشكل خطرًا على حياته وسلامته، إلا أن الحيوانات اللاحمة بأنواعها المختلفة تلعب دورًا رئيسيًا في توازن البيئة وحفظ التنوع. على سبيل المثال، لاحظ العلماء انخفاض عدد أربعة من أنواع الحيوانات اللاحمة، مثل الأسود والذئاب والدببة والنمور، بسبب نقص الموارد المائية أو انتشار الجرافات في الغابات أو التعدي على السهول والوديان. وقد أدى هذا النقص إلى انخفاض عدد الفرائس التي كانت تتغذى عليها تلك الحيوانات في الفترة القصيرة، مما أدى تباعًا إلى تدمير الحشائش والنباتات التي تعتمد عليها تلك الفرائس. في النهاية، اختفت الحشائش من بعض المناطق التي حدث فيها هذا الخلل، مما أدى إلى موت الفرائس بسبب الجوع، وتسبب ذلك في تلوث التربة وجفافها، وفي النهاية، انتهت الحياة تمامًا في تلك المناطق بسبب هذا الخلل في أعداد الحيوانات اللاحمة.
دور البشر فى حفظ التنوع الحيوي
تم الانتباه إلى أهمية صيانة وحفظ التنوع البيولوجي في أوائل القرن التاسع عشر، حيث تم تطوير اتفاقية عالمية للحفاظ على التنوع الحيوي بعد إجراء بحث عن التنوع الحيوي وكشف عدد كبير من الكائنات الحية التي تعرضت للانقراض أو التغيير البيولوجي أو التطور السلبي بسبب الخلل في النظام البيئي المحيط بها.
تتطلب الاتفاقية الحفاظ على موارد البيئة الحيوية باستخدام مستدام، وذلك بالحفاظ على مصادر المورد وعدم استخدام كميات زائدة منه، وحماية الموارد الجينية الخاصة بالأصناف وعدم استخدام التكنولوجيا لتغيير خصائصها بشكل يؤثر على البيئة.
لذلك، يجب على البشر فهم الخطوات التالية عند التعامل مع كل شيء في نظامنا البيئي:
- يتطلب الالتزام بالاتفاقية وتطبيقها عدم استنزاف أي مورد حيوي، حتى لو كانت الأرباح مؤقتة، لأن العواقب ستكون باهظة الثمن علينا جميعًا في المستقبل.
- يتم اعتماد مبدأ التنمية المستدامة في التعامل مع التنوع البيولوجي، دون إفراط في الاستخدام أو الاستنزاف.
- يتضمن التعايش بسلام مع الكائنات الحية الأخرى الابتعاد عن قتل أي حيوان أو قطع نبات دون حاجة وبشكل عشوائي.
لقد تم تدمير أكثر من 60 ألف نوع من النباتات، وتقلصت المساحات الخضراء بنسبة 55٪، وتم إبادة 6 آلاف نوع من الحيوانات. يواجه أي بحث عن التنوع الحيوي وحش الهندسة الوراثية والتكنولوجيا، الذي يستهلك ثقافة الحفاظ على التنوع الحيوي في سعيهم للتقدم في الأبحاث حتى على حساب البيئة بأكملها، مما يعرض حياة الإنسان نفسه للخطر.
المراجع :