الشعوب السامية
من هم الشعوب السامية؟ ربما سمعت عن الشعوب السامية عبر التلفزيون أو قرأت عنها في كتاب أو صحيفة. إذا كنت مهتمًا بالأبحاث والدراسات المتعلقة بهذا الموضوع، فإنك بالتأكيد تريد معرفة الحقائق وراء كل تلك الأوراق والدلائل المتضاربة. ولكن أين توجد الحقيقة؟ توجد الكثير من الآراء المتعارضة حول أصل الشعوب السامية وسلفها، سواء كان ذلك في الديانات الأبراهامية مثل اليهودية والإسلام أو في الثقافات والدول. لكن دعنا نتعرف أولاً على معنى مصطلح السامية من كل جانب.
معنى كلمة السامية
السامية هي كلمة مشتقة من اسم سام بن نوح عليه السلام، وتعتبر تصنيفًا للشعوب بناءً على الانتماء الديني والعرقي، وتشترك هذه الشعوب في الديانة واللغة. في اليهودية، وتحديدًا في التوراة، يُذكر أن نوح عليه السلام ركب السفينة مع زوجته وأولاده بعد الطوفان، وكان معه ابنه الأكبر سام وابنه الأوسط حام وابنته الأصغر اليافث. ويُقال أن النسل السامي ينحدر من سام، ويُقتصر على اليهود والذين يتحدثون باللغات السامية، أما حام فهو أصل الحامين ويُشير إلى الشعوب الساكنة في أفريقيا وجزء من آسيا والتي تتحدث لغاتٍ غير سامية أو لغاتٍ أفروآسيوية. ومن أبناء حام كوش والكوشيون هم أهل النوبة الذين سكنوا منطقة حوض النيل في أسفل صعيد مصر، كما يأتي من أبناء حام مصرايم وهو أبو المصريين، ويأتي من بعده كنعان بن سام بن نوح عليه السلام، وينحدر من نسله اليافثيون
السلالات الأوروبية
يُقال إن يافث هو أبو السلالات الأوروبية، وأن نوح قد منحه منطقة شمال البحر الأسود. ولكن كل تلك القواعد والأسس كانت خالية من الدلائل القطعية التي تثبت حتمية المسألة بأن اليهود هم الشعب السامي، نسبةً لسام بن نوح عليه السلام، وأن البشر الباقين ينتمون للسلالات الأخرى. ولكن لماذا يدافع البشر الباقون، وتحديدًا العرب، عن هذه المسألة؟ وهل هناك مشكلة في أن تكون ابنًا لحام أو لسام أو حتى يافث؟ بالفعل، كانت هناك مشكلةٌ من أكبر المشاكل العرقية القديمة والحديثة. ولم يتوقف اليهود عند هذا الحد من حتمية أصلهم، بل زادوا المشكلة بأنهم ادعوا وجود الكثير من الأقوال والآراء التاريخية اليهودية المنسوبة للتوراة، والتي تقول إن لحام كان ملعونًا من أبيه نوح، وأنه أول من شرب الخمر على الأرض، وأنه رأى نوحًا عاريًا وهو نائمٌ ولم يستر عورته، فلعنه نوح هو وأولاده أجمعين.
السامية والعنصرية
كانت هناك العديد من المعتقدات التي تترسخ في أذهان اليهود بأن جميع أولاد حام ملعونون، وهؤلاء هم الذين يمتلكون بشرة سمراء. ومن هنا بدأ تطور فكرة التحديث في أمريكا وأوروبا. وقد حدثت حادثة مشهورة في عام 1991 حيث تم رفض تعيين اثنين من المرشحين لوظيفة قضائية من قبل مجلس الشيوخ لأنهما من أصل إفريقي. وقد أكد أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ذلك، وهو نفس الشخص الذي هاجم قرار تعيين كوندوليزا رايس في عام 2005. وفي بداية القرن الواحد والعشرين، كان هناك تمرد إعلامي مروع يتعلق باليهودية، حيث قامت وسائل الإعلام الأمريكية بترويج فكرة أن اليهود هم الشعب السامي الوحيد من بين الشعوب الأخرى، واستند ذلك إلى التلاعب بالنص الديني. وبالتالي، تم تنظيم العديد من الحملات العالمية للرد على هذه المسألة. وقام اليهود بشكل خاص في أمريكا بإطلاق حملات دفاعية تهدف إلى مكافحة ما يعرف بالعداء للسامية، والذي يشير إلى أن اليهود – الشعب السامي – يتعرضون للاضطهاد في جميع أنحاء العالم .
معاداة السامية
من بين الأشكال التي يعدها اليهود من معاداة السامية كانت اتهامات الديانة المسيحية من الأزل بأن اليهود هم من قاموا بصلب يسوع واضطهاد تلاميذه وتسميم أبار المسيحيين والتضحية بالأطفال كقرابين. وهناك أمثلة أخرى في العصر الحديث تتسم بالبعد السياسي أكثر من الديني، كحملات مثل الوحدة الألمانية في أوروبا التي تشير إلى عدم توافق الروح اليهودية مع الهوية الألمانية، ومن ثم بدأت الحروب النازية على يد أودولف هتلر عام 1919، مما دفع اليهود للخروج من ألمانيا، وفي عام 1933 بعد تولي الحزب النازي الحكم، سن قوانين معادية لليهود وحرق كتبهم، وفي عام 1938 تم تدمير جميع المعابدهم ومتاجرهم على يد النازيين، وأطلق على تلك الليلة ليلة الكريستالة نسبة للزجاج المكسور في متاجر اليهود. وكذلك كانت هناك أمثلة – على حد قول اليهود – في الدين الإسلام وبعض الأحداث التي يعتبرونها أمثلة للاضطهاد، مثل نهب الكثير من اليهود في بغداد بعد سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني، وفي عام 1838 تم نهب وتدمير أملاك يهود صفد بعد انتشار أنباء عن تورطهم في الربا في ذلك الوقت. وكانت هناك العديد من الحملات التي وقفت إلى جانب اليهود في تلك المسألة، بما في ذلك الحكومة الأمريكية، حيث تم إقرار قانون يجرم معاداة السامية في الولايات المتحدة عام 2004 لمراقبة ومكافحة معاداة السامية، والذي يرصد العديد من المواقف المعادية للسامية في آخر ثلاثة أشهر من عام 2003. وكما لوحظ زيادة ملحوظة في الآونة الأخيرة في المنطقة العربية، سواء في شكل كتب أو أعمال فنية، مثل مسلسل فارس بلا جواد الذي استند إلى كتب بروتوكولات حكماء صهيون. ولا يزال الصراع قائم حتى الآن، والجدل الأصلي يتعلق بما إذا كان اليهود حقا من أبناء سام؟؟
اصل السامية
كان هناك رد من بعض المؤرخين وظهرت أقوال تقول أن بعض الناس صدقوا بنوح وركبوا مع أبنائه على السفينة، وبالتالي ليس نسل البشر مقتصرا على أبنائه الثلاثة فقط، بل هناك الكثير من الأنساب الأخرى. ظهرت أراء تناقض الرأي اليهودي في هذه المسألة، وظهرت أيضا أراء تقول أن جميع البشر من نسل نوح فقط، استنادا إلى ما ورد في القرآن الكريم `وجعلنا ذريته هم الباقين`. تمت العديد من الأبحاث حول هذا الأمر، وأظهرت أن سام كان من سلالة البشر الذين يتميزون بلون بين الأبيض والأصفر، وهم الذين سكنوا الجزيرة العربية، مثل العرب والكنعانيين والفينيقيين والبابليين واليهود، وليس فقط اليهود. أما أبناء حام، فكانوا يسكنون أفريقيا ويتميزون باللون الأسود. وكان هناك من يافث، وهم الذين يتميزون باللون الأبيض أو الأصفر، مثل الهندو-أوروبيين والأوروبيين. لا يزال هناك جدال بين الأطراف حول أصل ونسب الشعوب السامية، وهل يقتصر ذلك على اليهود فقط أم أن هناك العديد من الشعوب التي تشترك معهم في النسب. هل يتعرض اليهود للاضطهاد أم أنهم متهمون بالعنصرية ضد الشعوب والأعراق الأخرى.
المراجع :