عندما تدخل الروح الجسد، يتم تسميتها بالنفس، حيث تشعر وترى وتسمع وتشم وتتذوق من خلالها. تبدو هذه الكلمات بسيطة ومفهومة، ولكنها في الحقيقة تحمل الكثير من القواعد والقوانين التي تحكم النفس البشرية، لذلك يجب توضيح معناها وشرحها بشكل جيد.
يتناول هذا الموضوع العديد من المفاهيم الأساسية التي تدور حول النفس البشرية، وكيفية تقويم النفس البشرية، ومكونات النفس البشرية، وغيرها من المفاهيم التي سوف نتعرف عليها الآن.
يتكون الإنسان من ثلاثة جوانب رئيسية وهي العقل والقلب والنفس، ولذلك فإن دين الإنسان يتحكم به عقله، حيث إذا ضعف العقل فإن الإنسان ليس له دين ولا يحاسب عليه شيء من الفرائض الدينية، وأما الصفات مثل الحب والكراهية والجود والبخل والخوف والشجاعة فهي تتواجد في القلب، وأما النفس فهي التي تحث الإنسان على الشهوات والرغبات، ويمكن معرفة مفاهيم النفس البشرية وأنواعها من خلال قراءة هذا المقال في الموسوعة.
لكن ما هو قوى النفس البشرية وما هي أنواعها ؟
- تتكون النفس البشرية من صورة الإنسان التي تعبر عن هواه ورغباته وشهواته، وتعد إحدى آثار الروح التي تمنح الشخص القوة لأداء خواصها بأمر الله تعالى. وورد عن بعض السلف الصالح: `إذا دخلت الروح الجسد سميت نفسًا، وبها تحس النفس وتشعر وتبصر وتسمع وتشم وتذوق`.
- النفس هي التي ترى الأشياء بالعين وتسمع الأصوات بالأذن وتحس الأشياء بمسام الجلد وتتذوق الأطعمة باللسان، أما الأحاسيس مثل الخوف والشهوة والتقرب من الله والحب والكراهية، فهي مسؤولية النفس البشرية، وعندما يأخذ الله الروح ويترك الجسد، فإن كل هذه الأحاسيس تنتهي وتموت النفس، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: “كل نفس ذائقة الموت.
- توجد عدة قوى أساسية تحكم الإنسان، مثل قوة الشهوة وقوة الغضب وقوة العقل، ويتفوق نوعٌ من تلك القوى على الأخرى، فإذا سيطرت قوة الشهوة فقط على الفرد، فإنه يصبح مثل الحيوانات، وإذا سيطرت قوة العقل فقط، فإنه يفقد كل العواطف والمشاعر والحواس، وإذا سيطرت قوة الغضب فقط، فإن الفرد يتحول إلى وحش يدمر كل ما يصادفه.
مراحل تطور النفس:
1-النفس اللوامة:
ذُكر في كتاب العزيز بسم الله الرحمن الرحيم عن النفس اللوامة:
صدق الله العظيم: `لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة.` وبذلك، ربط الله بين يوم القيامة والنفس اللوامة، حيث تقوم النفس اللوامة بفعل الخير دائمًا وتكره فعل المعصية، ولكنها تعيش في صراع دائم بين الخير والشر، وفي بعض الحالات، تميل النفس إلى الشر وتصبح نفسًا أمارة.
2-النفس الأمارة:
تميل النفس الأمارة إلى ارتكاب المعاصي والذنوب، وعادةً ما يكون صاحبها في غفلة عنها ويقوم بارتكاب الكبائر، وهذه النفس دائمًا ما يكون الشيطان مسيطرًا عليها ويحرِّضها على ارتكاب كل ما هو خطأ، وقد قتل الشيطان فيها الحياء والعفة، حيث قال الله تعالى: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا.
3-النفس المطمئنة:
النفس المطمئنة هي نفس راضية مسلمة أمرها إلى الله سبحانه وتعالى، هي نفس تتقي الله سبحانه وتعالى وتبعد عن الدنيا وعن شهواتها ولا ترغب سوى في رضا الله سبحانه، وقد قال الله تعالى:
يقول الله في القرآن الكريم: ”يا نفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”.
ما وسائل ضبط النفس البشرية وانضباطها؟
هناك العديد من الوسائل التي يستخدمها الشخص للتحكم في النفس البشرية، وهي أمور سهلة التطبيق، ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع الأمور التالية:
- يجب أولاً على الشخص أن يعترف بعيوب نفسه وأن الكمال لله سبحانه وتعالى، ويجب عليه اتباع ما أمر الله به في الكتاب العزيز. ويقول الله تعالى: `لقد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه`، أي إذا أراد الله خيرًا لعبده، فسيعرفه على عيوبه ويدله عليها. لذلك يجب على الشخص أن يكون صريحًا مع نفسه وأن يعترف بعيوبه ويحاول تصحيحها.
كيف يعرف الشخص عيوبه؟
يتطلب هذا الأمر من الشخص عدد من الأشياء وهذه الأشياء هي:
- أولاً، يتم مراقبة سلوكه وسلوكه والجهاد من أجل التمييز بين الصواب والخطأ.
- الخطوة الثانية هي مراقبة أفعال الآخرين، وإذا رأيت شيئًا سيئًا في سلوكهم، عليك مقارنته بنفسك، وإذا وجدت شيئًا سلبيًا في نفسك، عليك التخلص منه.
- يجب على الإنسان محاربة الأمراض النفسية والتخلص من الأخطاء والصفات السلبية، فالأخطاء النفسية كثيرة ويجب التخلص منها، ومن ضمن هذه الأمور:
قد ذكر ابن القيم رحمه الله بعض أخطاء النفس البشرية فقال:يقولون: `في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان، وهوى بلعمر، وحيل أصحاب السبت، وتمرد الوليد، وجهل أبي جهل`.
لذلك، يجب علينا التخلص من هذه العيوب والعمل على تقويم أنفسنا باستمرار. ويتطلب ذلك النضال والمجاهدة لتحقيق هذا الهدف.