أسأل الخبراءالمراجع
ما هو خطأ هتلر الفادح
كانت ألمانيا النازية في فترة من تاريخها قوة لا تقهر حيث احتلت أراضًا واسعة من الدول المجاورة لها، حتى وصلت لاحتلال فرنسا وروسيا، ورغم طموحات هتلر الكبيرة، إلا أنه وجد نفسه في النهاية منتحرًا بين أنقاض دولته العملاقة، فما هو الخطأ الفادح الذي ارتكبه هتلر ليدمر نفسه ودولته؟ سنتعرف عليه اليوم في هذه المقالة.
من هو هتلر
- هو الزعيمُ النازيُّ الذي تولّى رئاسةَ ألمانيا من عام 1933 حتى عام 1945، وقد جعلَ من البلادِ دولةً قويةً اقتصاديًّا وعسكريًّا في فترةٍ قصيرةٍ جدًّا، وهي ستُّ سنواتٍ فقط. ويعدُّ من أبرزِ الشخصيَّاتِ السياسيَّةِ في تاريخِ أوروبا والعالمِ أجمع، وقد ولد في النمسا عام 1889. عاشَ هتلر الطفلَ في ظروفٍ صعبةٍ، حيثُ كان والدهُ ينهرهُ ويضربهُ هو وأمَّهُ، ولربَّما كانَ هذا هو السببُ في أنه أصبحَ مقدامًا عنيفًا لا يخاف.
- اهتم هذا الشخص بفكرة القومية الألمانية منذ كان طفلاً، وهذا دفعه للسعي لتحقيقها عندما تولى الحكم. فعندما تولى الحكم، أعلن بأن ألمانيا تنتمي إلى الجنس الآري وهو الأنبل، ولذلك يجب عليها أن تسود أوروبا وتحكمها جميعًا. ولعله وجد غايته في الحزب النازي الذي نادى بالقومية، حيث ازدهرت الأيديولوجية النازية بعد الحرب العالمية الأولى، إذ رأت أن رأس ألمانيا قد أصبح في الوحل بفعل معاهدة فرساي التي قسمت البلاد وجعلت بريطانيا وفرنسا يتحكمون بها.
- وبالتالي، دعت الحركة النازية إلى تحقيق وحدة ألمانيا مرة أخرى، وأن يأخذوا في الاعتبار حساب الفئات الوسطى والفقيرة التي أضرت بها الرأسمالية، وكان هتلر من أشد أنصار هذه الفكرة، حيث لعب دوراً بارزاً في الحزب النازي حتى وصل إلى السلطة.
هتلر و الحرب العالمية الثانية
- في ظل سعي هتلر لتأسيس إمبراطورية ألمانيا الكبرى، وهوسه بفكرة المجال الحيوي لألمانيا، رأى هو وحكومته أنه يجب الدخول في حرب لتحقيق ذلك، وبدأت الحرب العالمية الثانية عام 1939م بغزو بولندا بعد أن عقدت بولندا اتفاقًا مع الاتحاد السوفيتي، ويمكن تسميته تحالفًا ألمانيًا سوفيتيًا، ومفاده أن روسيا لن تهاجم ألمانيا والعكس.
- ومن الواضح أن الحلفاء لن يبقوا مكتوفي الأيدي أمام هجوم هتلر، ولذلك قرروا أن يعلنوا الحرب على ألمانيا أيضًا، وتم تقسيم بولندا الشقيقة بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا، وبعد ذلك، قامت ألمانيا بتأمين نفسها من دول البلقان، ولم يكن لدى الحلفاء خيار سوى الاحتلال لإبعاد هذه التهديدات، مما دفعهم إلى احتلال المنطقة عام 1941.
- نظرًا لأن الطمع النازي الهتلري كان قويًا من وجهة نظر الحلفاء، وكذلك كان الحلم النازي الهتلري قويًا من وجهة نظر هتلر، فقد انتهكت ألمانيا الاتفاقية التي عقدتها مع الاتحاد السوفيتي بعدم الاعتداء، واحتلت الاتحاد السوفيتي، الذي كان حليفًا لألمانيا، مما يشير إلى انتهاك واضح للاتفاقية، ولذلك أصبح الاتحاد السوفيتي حليفًا للحلفاء ضد ألمانيا.
خطأ هتلر الفادح
يمكن القول بأن خطأ هتلر ليس خطأً واحدًا فقط، بل هي مجموعة من الأخطاء التي تتراكم في:
الخطأ الأول
- تعتبر الهجمات على الاتحاد السوفيتي في وقت لم يتمكن فيه من إحكام قبضته بالكامل على الجبهة الأوروبية، قرارًا سيئًا من قبل ألمانيا، حتى وإن كان مستشاروه قد نصحوه بعدم احتلال الاتحاد السوفيتي، بسبب الآثار السلبية التي قد تؤثر على الاقتصاد الألماني.
- وعلى الرغم من تقدم الجيش الألماني واحتلاله مساحات كبيرة من روسيا، إلا أن الشتاء حل وأصبح الجميع يدرك قسوته في روسيا. وفي ذلك الوقت، لم يكن للجنود المعدات الكافية أو المؤن أو الملابس الثقيلة التي تمكنهم من المحاربة في ظروف البرد القارسة.
- بالإضافة إلى أوامر هتلر بمعاملة شعب الاتحاد السوفيتي بطريقة سيئة، فإنه لم يمدّهم بالطعام وجعلهم يموتون من الجوع والفقر والمرض والبرودة، مما أدى إلى فقدانه لهم كحلفاء، وفي النهاية تقدم الجيش الأحمر وانسحب الجيش النازي، وتمكنت روسيا من استعادة أراضيها مرة أخرى.
الخطأ الثاني
- لم يقم بناء أسطول كبير من الغواصات، ولكنه كان يمتلك عددًا قليلاً منها فقط، واكتفى ببناء أسطول سطحي بحري من البوارج. ولو بنى أسطولًا من الغواصات، لكان قادرًا على عزل بريطانيا عن الولايات المتحدة ومنع وصول الإمدادات إليها.
الخطأ الثالث
- كان إعلان الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الأخطاء؛ حيث إن الولايات المتحدة تمتلك قوة اقتصادية هائلة، وكانت بسهولة قادرة على تدميره. ومع ذلك، ظن حكام اليابان أن تحالفهم سينقذهم من شر أمريكا، معتقدين أنهم أنشأوا أقوى تحالف بري وبحري في العالم.
الخطأ الرابع
- عنصرية هتلر دفعت العلماء اليهود وغيرهم لترك ألمانيا، خاصة بعدما قام بإقامة الهولوكوست وترحيل الملايين منهم إلى الغيتو ومراكز القتل، وكانت ألمانيا تشتهر بعلمائها في مجال الفيزياء النووية والكمية، مثل العبقري شرودنجر الذي قدم إسهامات عظيمة في ميكانيكا الكم.
الخطأ الخامس
- صرف هتلر الكثير من الأموال التابعة لميزانية الدولة، في بناء أسلحة عملاقة غير فعالة ولا فائدة منها، مما أرهق الميزانية الألمانية بلا داعٍ، وكان من الممكن أن يركز اهتمامه على أنواع أخرى من الأسلحة التي تفيده في الحرب مثل الغواصات أو الشاحنات الكبيرة أو الدبابات المتينة.
الخطأ السادس
- لم يتمكن هتلر من تجنب الغارات الجوية البريطانية التي استهدفت مدينة كولونيا الألمانية، حيث تعرضت المدينة لقصف بالقنابل، وهذه الحرب كانت أول معركة تدمر فيها الحلفاء العمق الداخلي في ألمانيا، وهذا الحدث شجع الحلفاء على الاستمرار في قصف المناطق الحيوية في ألمانيا، مثل المصانع، واستمر ذلك حتى عام 1945.
لو لم يرتكب هتلر أخطاء فادحة عديدة، لتمكن من اجتياح أوروبا وتأسيس إمبراطورية ألمانية قوية.