التعليموظائف و تعليم
قصيدة عن اللغة العربية للاذاعة المدرسية
هذه هي القصيدة الأكثر شهرة عن اللغة العربية التي يمكن إذاعتها في المدارس، وقد كتبها الشاعر المصري حافظ إبراهيم الذي وُصف بأنه “من عجائب الزمان في عصره” وأحد أشهر شعراء العصر الحديث. ولد حافظ إبراهيم في عام 1872 في عائلة فقيرة، لكنه ترك وراءه إرثًا من القصائد الشعرية العظيمة، وخاصة تلك التي تدافع عن مكانة اللغة العربية، بما في ذلك قصيدته “اللغة العربية تتحدث عن نفسها” التي تعبر عن حبه للغة العربية ومكانتها الفضلى بين اللغات. كان حافظ إبراهيم شخصًا سخيًا وكريمًا، وكان يدافع بشدة عن اللغة العربية طوال حياته.
وإليكم من موسوعة شرح قصيدة اللغة العربية لحافظ ابراهيم وبيان جمال ما تضمنته من أبيات.
قصيدة عن اللغة العربية للاذاعة المدرسية
قصيدة ” اللغة العربية تتحدث عن نفسها ” للشاعر حافظ إبراهيم
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أضيق اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي
وَلَو تزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ
بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ وَشَتاتِ
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ
لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ
حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ
أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً
مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً
فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ
إِلى لغة لم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى
لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً
مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
تحليل قصيدة ” اللغة العربية تتحدث عن نفسها “
- كتب الشاعر حافظ إبراهيم هذه القصيدة للدفاع عن حبه للغة العربية والحفاظ على مكانتها وقيمتها عند العرب والمسلمين، حيث تمثّل هذه اللغة الحافظة لدينهم الإسلامي وتشريعاتهم الدينية، ومن خلالها يكتبون وينشرون علومهم وآدابهم.
- ظهرت في فترة من الزمن أصوات تتهم اللغة العربية بعدم قدرتها على استيعاب المعارف والعلوم الحديثة، ونشأ خلاف بين أهل اللغة العربية بين مؤيد ومعارض. جاء حافظ إبراهيم ليعلن بأبيات شعرية قوية صراخه بوجه هؤلاء المدعين ودفاعه عن مكانة اللغة العربية، من خلال مخاطبتهم بأبيات شعرية وكأنها تحادث أهلها وتستحثهم على الإخلاص لها وتعظيم مكانتها وأمجادها.
- في هذه الأبيات، يصف حافظ إبراهيم اللغة العربية ويجعلها تحزن على عدم احترام أهلها لها، ويعبر عن دهشته من الناس الذين يتهمونها بالضعف والتقصير. يقول إنه عندما علم بالهجوم الظالم والتهم الجائرة التي توجهت ضده، شعر بالاستياء واتهم نفسه بالتقصير، لكنه اكتشف أن هؤلاء المتهمين كانوا كاذبين، وأن اللغة العربية ليست عقيمة بحيث يريدون تدميرها. بالرغم من ذلك، إنها لا تزال لغة نابضة بالحياة، وتستطيع الاستمرار في العصر الحديث والمعاصرة لأي زمان أو مكان. ومع ذلك، فإنه يحتاج إلى دعم وحماية من الناس الذين يحبونها ويستخدمونها بكل فصاحة.
- تظل اللغة العربية مدهشة بطريقة تعبيرها، حيث يتعجب البعض من اتهامها بالتقصير، وهي اللغة التي تحمل كتاب الله. وكيف يمكن لها أن تقصر في أي شيء آخر، مثل تعبير عن اسم مخترع أو وصف آلة، حيث لا يمكن مقارنتهم بأي شيء أمام كتاب الله. فاللغة العربية بحر واسع ممتد الأطراف، ويتواجد في داخلها درر المعاني والألفاظ، ولذلك يجب على الناس الاستفسار من أهل اللغة العربية الأوائل عن ما تحويه من صدفات ودرر تعبيرية بالغة.
- بعد ذلك، تنتقل اللغة العربية في حديثها إلى التوبيخ لأبنائها بسبب قولها: “إن أوشكت على الانتهاء أو الموت، ألا يفترض بكم أن تكونوا أطبائي ودوائي، فهل تسعدكم الأصوات الغربية التي تشبه صوت الغراب الأسود التي تدعو لدفني وأنا لا زلت حية، فأنا أرى أخطاء يومية في الجرائد تقتلني وتدفعني إلى القبر بقسوة دون أن يتحرك أحد منكم للدفاع عني.
- تعود اللغة لتنبيهنا مرة أخرى إلى أنه لا ينبغي لأبنائنا أن يتخلى عن اللغة العربية، ويتحولوا إلى لغة غربية لا يوجد لها أصل. فاللغة العربية مزيجٌ من اللغات الأجنبية التي أضافها الإفرنج وأفسدوها بإضافة كلمات ومفردات أجنبية مختلفة، مما يشبه انتشار سم الأفاعي في المياه النقية الزلال.
- وفي نهاية القصيدة، بعدما شكت اللغة العربية من معاملة أبنائها، جاءت برجاء إلى كُتاب اللغة العربية والعارفين بأصولها، مطالبة إياهم بأن يؤمنوا بمكانتها، وأن يستفيدوا من علومها النابضة بالحياة، ليجدوا فيها السعة والتجدد في استخدام ألفاظها المبدعة والفصيحة، وأن يعيدوا إحياءها من جديد، لأن موتها ليس كموت أي لغة أخرى، بل إن مع موتها يموت المسلمون والأمة المسلمة كلها.