متى عرف العرب الكتابة
في هذه المقالة، سنوضح متى عرف العرب الكتابة. تُعد الكتابة من أهم العوامل التي أثرت في التاريخ البشري تأثيرًا كبيرًا، فمن خلالها تم تسجيل تواريخ الحضارات والشعوب والقوانين التي سارت عليها، بالإضافة إلى استخدامها في التواصل بين البشر وتدوين المكتشفات ومختلف العلوم لحمايتها من الضياع. وقبل ظهور الكتابة، كان يتم التعرف على تواريخ الحضارات من خلال تحليل الرموز والصور والرسومات التي خلفتها تلك الحضارات. فهل كان العرب أول من عرفوا الكتابة وعلموها لغيرهم؟ وفي أي قرن عرف العرب الكتابة؟ سنُجيب على تلك الأسئلة في السطور التالية عبر موقع موسوعة.
متى عرف العرب الكتابة
- قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب الإشارة إلى أن الكتابة هي التعبير عن اللغة باستخدام الحروف الأبجدية وعلامات الترقيم.
- تُستخدم الكتابة كوسيلة للتواصل البشري ولنقل الأفكار بطريقة مفهومة ومكتوبة.
- كان الكلام هو الوسيلة الأساسية للتواصل قبل ظهور الكتابة، فالإنسان يتمتع بقدرة على النطق تظهر مع ولادته، وهذه القدرة تتجسد في لغة محددة يتم استخدامها وفقًا للبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد.
- قبل ظهور الكتابة، كان التواصل بين الناس في العصور البدائية يتم عن طريق الإيماءات والأصوات، ومع تطور العصور ظهرت وسائل التواصل المختلفة، وتم استخدام التشكيلات والرسوم، وهذا ساعد على ظهور الكتابة.
متى عرف العرب الكتابة في أي قرن
- كانت هناك خلافات بين المؤرخين حول زمن اكتشاف العرب للكتابة وفي أي قرن بالضبط. ومع ذلك، كان هناك اتفاق على أن الإنسان هو من ابتكر الكتابة.
- واجتازت الكتابة خلال التاريخ العديد من المراحل التي ساعدت على تطورها منذ ظهورها الأول وحتى الآن.
- أشارت العديد من الدراسات إلى أن أول كتابتين ظهرتا في الشرق الأدنى القديم، حيث ظهرت الكتابة المسمارية في بلاد الرافدين والكتابة الهيروغليفية في مصر.
- تبدأ المرحلة الأولى لظهور الكتابة بالكتابة المسمارية، وهي الكتابة التي ظهرت في العراق، وتتمثل في نقوش تُرسم على ألواح طينية أو معدنية أو حجرية أو شمعية، حيث يتم استخدام آلات حادة للكتابة عليها وهي طرية، ثم تحرق حتى تتصلب، وفي عام 3600 قبل الميلاد ظهرت أول لوحة تم كتابتها بهذه الطريقة، وظلت هذه الطريقة مستخدمة حتى القرن الأول الميلادي.
- في المرحلة الثانية، ظهرت الكتابة الهيروغليفية في مصر، وذلك في الفترة ما بين عامي 3300 و3200 قبل الميلاد، واستوحى المصريون هذه الكتابة من السومريين، واستخدموا الحيوانات والطيور والقلم والمطرقة وأجزاء من جسم الإنسان في رسم الحروف. واستخدم المصريون الكتابة الهيروغليفية لرسم النقوش الدينية على المعابد والنصب التذكارية، واستمرت هذه الكتابة حتى القرن الرابع قبل الميلاد.
- المرحلة الثالثة هي المرحلة التي ظهرت فيها الكتابة الهيراطيقية، والتي استخدمت في تدوين الوثائق القانونية والإدارية، وكان يتم استخدام ورق البردي والحبر في تلك الكتابة، وظل استخدامها قائمًا حتى القرن السابع قبل الميلاد.
- تطورت الكتابة عبر التاريخ حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة وهي الكتابة الأبجدية، التي ابتكرها الفينيقيون الذين سكنوا بلاد الشام، وكانت بدايتها عندما كُتب على غطاء الجبيل الذي دُفن فيه جثمان احيرام ناووسه 22 رمزًا يقابلهم 22 حرفًا، وانتقلت تلك الأبجديات إلى الإغريق واليونان ومنها إلى مختلف الحضارات المتوسطية.
هل عرف العرب الكتابة قبل الإسلام
- هناك اختلاف في وجهات النظر بين المؤرخين حول معرفة العرب للكتابة قبل الإسلام.
- يعود هذا إلى أن فريقًا منهم اعتقد أن المراد بـ “الجاهلية”، أي في الفترة قبل الإسلام، يعني الجهل بالكتابة والقراءة والعلوم، ولم يدركوا أن كلمة “الجاهلية” لها معنى ديني بحت، حيث تعني الجهل بالإيمان بالله والتوحيد والديانات السماوية.
- عند نزول القرآن الكريم، ظهرت فيه كلمات تعرفها العرب وتفهمها، مثل الألواح والكتاب والقلم.
- مثل قول الله تعالى في سورة الفرقان: “وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا”.
- تُشير تلك الآية إلى أن بعض الناس في الماضي قبل الإسلام كانوا يكتبون التاريخ والأخبار والقصص.
- بعد قدوم الإسلام، كان لدى قريش مجموعة من 17 رجلاً يعرفون جميعًا الكتابة، وكانوا يتنافسون في هذا المجال، وكانت شفاء بنت عبد الله العدوية واحدة منهم.
- كان الصبيان في المدينة يتعلمون الكتابة من أحد اليهود الذين يُدعون بـ `ماسكة`.
- يفضل الكتابة عند الناس الذين كانوا يكتبون في المدينة، مثل أبو عبس بن كثير، وبشير بن سعد، وسعيد بن زرارة، وأوس بن خولي، وأسيد بن خضير، ورافع بن مالك، وأبي بن كعب، والمنذر بن عمرو، ومعن بن عدي، وزيد بن ثابت.
- في عصر الجاهلية، تأسست مدارس في مكة والمدينة والحيرة والأنبار والطائف وغيرها، حيث كان الأطفال يتعلمون فيها الكتابة العربية.
- تعلم عدي بن زيد العبادي الخط العربي والخط الفارسي.
نظريات نشأة الكتابة العربية
تناولت أربع نظريات مختلفة نشأة الكتابة العربية والخط العربي، وهذه النظريات هي:
نظرية التوقيف
- تقوم تلك النظرية على فكرة أن الكتابة هي إلهام وتوفيق من الله عز وجل، حيث علَّمها الله لسيدنا آدم عليه السلام، وذلك وفقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ.
- وأيضًا وفقًا لقوله تعالى في سورة العلق: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”.
- يعود الكتابة إلى سيدنا آدم من قِبَل الله، ولذلك كتبت جميع الكتب.
- تقول إحدى الروايات أن سيدنا آدم كان أول من كتب الكتاب العربي والسرياني قبل وفاته بنحو 300 عام.
- يتم نقش الكتابة على الطين وطهيه، وعندما تغمر الأرض بالماء ثم ينحسر، تظهر الكتابة الخاصة بكل قوم.
- يقال إن سيدنا إسماعيل عليه السلام كان أول من وضع الكتاب العربي على لفظه ونطقه.
- وجاءت بعض الأقوال التي أشارت إلى أن سيدنا إدريس وأبناءه هم الذين كتبوا أول ما كتب بعد سيدنا آدم عليه السلام، وأمر بجمع المصاحف.
- وضع سيدنا إسماعيل الكتابة العربية لأول مرة.
- ولذلك لا يوجد اتفاقٌ ثابتٌ حول أول من استخدم الكتابة في تاريخ الإنسانية.
النظرية الجنوبية الحميرية
- هناك نظرية أخرى مدعومة من بعض الناس، تفيد بأن الخط العربي يمكن أن يكون مشتقًا من الخط المسند الحِمَيري.
- يُقال أيضًا أن أهالي الحيرة اعتمدوا على تعلمهم للخط العربي من أهالي الأنبار، وأن أهالي الأنبار تعلموه من اليمن.
- لم يستند أصحاب هذه النظرية إلى دليل قاطع يثبت صحة نظريتهم، وهناك اختلاف واضح بين خطوط الحِمَيْر في اليمن والخط العربي الذي يستخدم حاليًا.
- ويذكر ابن خلدون أن دولة التبابعة في اليمن قد شهدت تطورًا كبيرًا في فن الخط العربي من حيث الإتقان والجودة، ومن ثم انتقل هذا الفن إلى الحيرة خلال حكم آل منذر مجددي ملك العرب في العراق.
- هناك بعض الأمم الشمالية التي اشتقت خطوط الكتابة من الخط العربي الشمالي، مثل الخط اللحياني والخط الثمودي والخط الصفوي.
النظرية الشمالية الحيرية
- هي النظرية التي توضح كيف وصلت الكتابة من إقليم الحيرة إلى الحجاز.
- يعد البلاذري واحدًا من أشهر المؤرخين العرب الذين يدعمون النظرية الشمالية الحيرية.
- ذكر البلاذري عن ابن عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن جده وعن الشرقي بن القطامي أنهما قاما بقياس هجاء اللغة العربية على هجاء السريانية بمساعدة ثلاثة من طيئ بيقة، وتعلمت ذلك منهم أهل الأنبار، وفرد من أهل الحيرة تعلم ذلك من أهل الأنبار.
- بهذا أصبح الخط العربي معروفًا لأهل الحجاز والعراق والشام ومصر.
النظرية الحديثة
- يتفق المؤرخون على نقطة واحدة، وهي أن اتصال العرب بالمدينة كان السبب الرئيسي في تعرفهم على الكتابة.
- سكن العرب في الأطراف التي تحيط بشبه الجزيرة، مثل اليمن وسوريا وحوران ووادي الفرات ونجد النبطية.
- بعد انفصالهم عن الحياة البدوية، استقرت القبائل العربية وبدأت تعيش في المدن وتعتمد أساليب الحضر في الحياة.
- وبسبب طول فترة تعرض الشام للحضارة الرومانية، تأثرت القبائل التي هاجرت إلى الشام بشكل أكبر بالحضارة الرومانية.
- يوجد بعض قبائل الأعراب التي تواصلت مع عرب الجنوب واستقروا في منطقة شمال الحجاز وخليج العقبة والمنطقة المتصلة بها بدمشق، ونجحت هذه القبائل في صناعة ثقافتها الخاصة المختلفة عن ثقافة العرب الجنوبيين.
- استمدت تلك القبائل العربية الخط النبطي من الخط الآرامي، وازدهرت عاصمتهم لأكثر من خمسة قرون، فأصبحت واحدة من أهم المراكز التجارية للقوافل التي تجتاز طريق سبأ اليمن والبحر المتوسط.
- رغم اختفاء مملكة النبط في أوائل القرن الثاني الميلادي، إلا أن الأسلوب الذي كانوا يستخدمونه في الكتابة بقي مستخدمًا من قبل الأعراب لمدة ثلاثة قرون.
- يوجد ثلاث مراحل في تاريخ الكتابة التي مر بها سكان الأقاليم الشمالية.
- تُعَدُّ المرحلة الأولى هي تلك التي انتقلت فيها الآرامية وكتابتها التي اتخذها الأنباط قبل استخدامهم الخط الخاص بهم.
- المرحلة الثانية شهدت تحولًا من الآرامية المربعة الحروف إلى النبطية.
- “مرحلة الخط النبطي بشكله المعروف والذي يميل إلى الاستدارة تُعرف باسم مرحلة النضج وهي المرحلة الثالثة.
وهكذا، وصلنا إلى ختام مقالنا الذي شرحنا من خلاله متى بدأ العرب في الكتابة، وما إذا كان العرب قد عرفوا الكتابة قبل الإسلام، كما تحدثنا عن نظريات نشأة الكتابة العربية، ويمكنكم متابعة المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.
المراجع