من هم طالبان وماذا يريدون
تمكنت حركة طالبان المتشددة من السيطرة الكاملة على العاصمة الأفغانية كابول بعد مرور أكثر من عشرين عامًا على الإطاحة بالحكم المتشدد للحركة على يد القوات العسكرية الأمريكية في أفغانستان. وجاء هذا الأمر بموجب اتفاق بين حركة طالبان والولايات المتحدة وحلفائها في حزب الناتو، يتضمن سحب جميع القوات العسكرية من أفغانستان بشرط عدم السماح لتنظيم القاعدة أو أي جماعات إرهابية أخرى بالعمل في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الحركة.
إذا كنت تتساءل من هم طالبان وماذا يريدون، فستجد الإجابة بالتفصيل في هذه السطور على موقع موسوعة، فتابعنا.
من هم طالبان وماذا يريدون
حدد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن موعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بالكامل في 11 سبتمبر 2021، والذي يتزامن مع الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر.
وفي تصريح لحركة طالبان لقناة بي بي سي، قالت إن أي قوات أجنبية تبقى في داخل أفغانستان بعد الموعد النهائي للانسحاب ستكون عرضة للخطر لأنها تعتبر قوات محتلة، وهذا ما أثبتته طالبان بوصفها قوة قتالية هائلة في أفغانستان وتشكل تهديدًا خطيرًا للبلاد وحكومتها.
أصدرت حركة طالبان تهديداتها بزعزعة استقرار الأوضاع في باكستان، بعد سيطرتها على بعض المناطق في الشمال الغربي من البلاد، وتم اتهامها بالفعل بتنفيذ سلسلة من الهجمات الانتحارية في البلدان المجاورة.
نشأة حركة طالبان
ظهرت حركة طالبان لأول مرة في أوائل التسعينيات في شمال باكستان بعد انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، لتبدأ طالبان في الظهور بشكل أكبر بفضل عناصرها المسلحة من الباتشون في بداية خريف عام 1994.
ويُعتقد عادةً أن حركة طالبان ظهرت لأول مرة من خلال المدارس الدينية التي تنتهج نهجًا دينيًّا محافظًا، وانتشرت الحركة في مناطق الباتشون في باكستان وأفغانستان بهدف تحقيق الأمن والسلام وتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية الصارمة فور وصولها إلى السلطة في أفغانستان.
تم تطبيق حركة طالبان في أفغانستان وباكستان عقوبات صارمة مثل الإعدام العلني للمدنيين الذين تمت إدانتهم في قضايا القتل أو الزنا، كما تم بتر أيدي المدانين بالسرقة بعد إثبات إدانتهم.
أصدرت حركة طالبان أوامر بإطلاق اللحى عند الرجال وإجبار النساء على ارتداء النقاب، وحظر استماع الموسيقى ومشاهدة التلفزيون والذهاب إلى السينما، ومنعت الفتيات اللواتي تجاوزن عمر العاشرة من الذهاب إلى المدارس للحصول على التعليم.
على مدى التاريخ، نفت باكستان مسؤوليتها عن تأسيس حركة طالبان المتشددة، ولكن من المؤكد أن هناك العديد من الأفغان الذين انضموا إلى الحركة في بدايتها وتلقوا تعليمهم في المدارس الدينية في باكستان. وكانت باكستان واحدة من ثلاث دول اعترفت بحكم طالبان عندما وصلت إلى السلطة في منتصف التسعينيات وحتى عام 2001. وكانت باكستان آخر دولة قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع حركة طالبان.
قيادات حركة طالبان
قاد الملا عمر حركة طالبان في البداية، وهو رجل دين فقد إحدى عينيه خلال مقاتلته للقوات السوفيتية في الثمانينيات من القرن العشرين. ومع ذلك، أعلنت طالبان في أغسطس 2015 أن زعيمها الملا عمر توفي منذ عامين، وأخفت هذا الخبر، وفي سبتمبر 2015، أعلنت طالبان أنها توحدت تحت قيادة الملا منصور، الذي كان نائبًا للملا عمر لفترة طويلة.
ورغم ذلك، توفي الملا منصور في غارة أمريكية جوية عام 2016، واختارت الحركة هبة الله أخوند زاده ليحل محله، حيث كان نائبًا له ومتشددًا دينيًا مثله في الصرامة.
تم قتل ثلاثة من قادة حركة طالبان الأكثر بروزًا في غارات جوية شنتها القوات الأمريكية في باكستان، وكان من بينهم ولي الرحمن والملا نظير، كما يشير التقارير إلى مقتل زعيم حركة طالبان حكيم الله محسود في عام 2013 في غارة جوية أمريكية.
من بين الأعمال الهجومية التي انتقدتها حركة طالبان بشدة هي هجومها على منزل الناشطة مالالا يوسف زي في بلدة منغوليا في أكتوبر 2012.
طالبان ملاذ تنظيم القاعدة
تمكنت بؤرة طالبان المتشددة من لفت أنظار العالم إليها بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في الحادي عشر من سبتمبر 2001 واستهدف برجي التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية. كما اتهمت القاعدة بتوفير ملاذ آمن لزعيمها الراحل أسامة بن لادن في أفغانستان، وحماية أعضاء التنظيم الذين اختبأوا هناك بعد ارتكابهم للهجمات. وعلى الرغم من تمكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من الإطاحة بحكم طالبان في أفغانستان، إلا أن زعيم طالبان آنذاك، الملا محمد عمر، لم يتم اعتقاله.
تمكنت حركة طالبان من البزوغ مرة أخرى خلال السنوات القليلة الماضية في أفغانستان، حتى تمكنت من أن تكون أكبر قوة في باكستان، وقد كان حكيم الله محسود هو قائد فرع حركة طالبان في باكستان، وتمكن من قيادة حركته المعروفة باسم حركة طالبان الباكستانية في تنفيذ عشرات الهجمات والتفجيرات الانتحارية في البلاد.
رحب الأفغان بظهور حركة طالبان للمرة الأولى، حيث شعروا بالقلق بسبب زيادة عدد المجاهدين وتصاعد حركة الاقتتال الداخلي بعد طرد القوات السوفيتية من البلاد.
الهجوم الأمريكي على طالبان
تمكنت حركة طالبان بسرعة من التوسع في الجزء الجنوبي الغربي من أفغانستان، كما استولت على إقليم هرات الواقع بجوار إيران في سبتمبر 1995. وبعد عام واحد، تمكنت حركة طالبان من السيطرة على العاصمة الأفغانية كابول بعد إطاحتها بنظام الرئيس برهان الدين رباني ووزير الدفاع أحمد شاه مسعود.
في عام 1998م، تمكن أعضاء حركة طالبان من السيطرة على أكثر من 90% من أفغانستان ونظام الحكم فيها. تم اتهام الحركة بانتهاك حقوق الإنسان والإنسانية والثقافة، ومن بين الأمثلة على ذلك تدمير حركة طالبان لتمثالي بوذا في باميان في وسط أفغانستان في عام 2001، مما تسبب في غضب دولي ضدها.
في بداية أكتوبر عام 2001، قادت قوات التحالف الدولية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، غزوًا لأفغانستان. ولم يستطع نظام حركة طالبان الصمود وانهار بالكامل في الأسبوع الأول من ديسمبر عام 2001. ولجأ زعيم حركة طالبان الملا عمر وأتباعه للهروب، وتم الاعتقاد أنهم لجأوا للاختباء في مدينة كويتا الباكستانية.
عودة حركة طالبان إلى الساحة
على الرغم من وجود أكبر عدد ممكن من القوات الأجنبية داخل باكستان في تلك الفترة، إلا أن حركة طالبان تمكنت من توسيع نطاق نفوذها بشكل كبير، مما جعل مساحات واسعة من أفغانستان غير آمنة، وزادت مستويات العنف في البلاد بشكل كبير إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2001. وقد أدى التراجع العسكري الذي شهدته حركة طالبان خلال العشر سنوات الماضية إلى تقليل الخسائر المادية والبشرية لهم، وجعلهم يعودون بروح الانتقام من جديد.
تمكنت حركة طالبان المتشددة من السيطرة الكاملة على العاصمة الأفغانية كابول، بعد مرور أكثر من عشرين عامًا من الإطاحة بالحكم المتشدد للحركة من قبل القوات العسكرية الأمريكية في أفغانستان.
عادت حركة طالبان للحكم في أفغانستان بناءً على اتفاق مع الولايات المتحدة وحلفائها في حزب الناتو لسحب جميع القوات العسكرية شريطة عدم السماح لتنظيم القاعدة أو أي جماعات متطرفة بالعمل في المنطقة تحت سيطرتهم.
في ختام مقالنا، نوضح لأعزاء القراء من هم الطالبان وماذا يريدون، وللاطلاع على المزيد من الموضوعات يمكن متابعتنا على موقع موسوعة