الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

هل يجوز الصلاة في السيارة

neon sign main | موسوعة الشرق الأوسط

هل يجوز الصلاة في السيارة

مع تطور الحياة الحديثة والمواصلات العامة والخاصة التي لم تكن موجودة في أيام نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، تطرأ العديد من المسائل الفقهية التي لم تكن معروفة من قبل. إن الإجابة على هذه الأسئلة ضرورية لكل مسلم ومسلمة ملتزم بأداء الصلوات الخمس كونها ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام الخمسة. ويتفق جميع المذاهب الإسلامية على جواز الصلاة في السيارة ولكن بشروط، وهناك بعض العلماء الذين اعترضوا على ذلك. لذلك، في هذه المقالة، سنتحدث بالتفصيل عن كيفية أداء الصلاة في السيارة وفي وسائل المواصلات المختلفة الأخرى، وكل ما يتعلق بشروطها وكيفية أدائها.

جواز الصلاة في السيارة

الصلاة تنقسم إلى نوعين، الفريضة والتي تشمل الصلوات الخمس المفروضة على كل مسلم ومسلمة بالإضافة إلى صلاة الجمعة، وتعتبر فعلها واجباً وتركها محرماً، والنافلة والتي يؤديها المسلم تطوعاً تقتدياً بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتعتبر فعلها مستحباً وتركها جائزاً، وتشمل صلاة الضحى والشروق والقيام والجنازة والعيد، والسنن التي كان يؤديها النبي بعد الصلوات المفروضة، وبسبب وجود النوعين من الصلاة، فإن هناك حكمان مختلفان لأدائهما داخل وسائل المواصلات العامة:

صلاة النافلة

أجازت دار الإفتاء المصرية صلاة النافلة في وسائل المواصلات المختلفة التي تستغرق مدة طويلة للراكب، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى `وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ`. واتفقت التفاسير على أن أي مكان تشرق وتغرب منه الشمس فهو لله، ومنها يجوز للمصلي الصلاة في أي مكان، ولكن يبقى هناك بعض الأسئلة الهامة مثل: هل يلزم الراكب القوم بالصلاة وهو جالس؟ وهل يجب على المصلي الراكب استقبال القبلة؟ وهل تختلف الصلاة إذا كان الراكب مسافرًا أو في المدينة؟ ومن هنا تظهر ثلاثة مسائل يتم الإجابة عنها بشكل مفصل:

المسألة الأولى: يسمح بأداء صلاة النافلة في السيارة أثناء السفر، حتى لو كان الراكب جالسًا ولم يتوجه باتجاه القبلة، وهذا ما ورد في السنة النبوية، حيث قال ابن عمر: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في السفر على راحلته حيثما توجهت به يومئ إيماءً صلاة الليل، ما عدا الفرائض، ويؤتر على راحلته)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي صلاة النوافل والرواتب على ناقته، وكان يؤتر عليها صلاة الوتر أيضًا، ولكنه لم يصلي عليها أي صلاة مكتوبة، وذلك خلال السفر فقط، ولذلك يجوز للسائق أو الراكب في السيارة أن يصلي فيها صلاة النافلة مثل الضحى والشروق وغيرها، دون توجيه نحو القبلة، نظرًا لأن حركة السيارة تتغير باستمرار، وكذلك يجوز للشخص الصلاة جالسًا، ولكنه يومئ عند الركوع والسجود، ويجعل إيماءته للسجود أكبر من إيماءته للركوع.

المسألة الثانية: فيما يتعلق بصلاة النافلة في السيارة التي تكون متوقفة وجالسا باتجاه القبلة وبدون السفر، اتفق العلماء على جواز أداء صلاة النافلة للمسافر وغير المسافر في السيارة التي تكون متوقفة ومتجهة نحو القبلة. وفي هذه الحالة، يصلي الشخص وهو جالس، ومع ذلك، تعتبر صلاة القائم أفضل، وذلك استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: `من صلى وهو قائم فإنه أفضل، ومن صلى وهو جالس فله نصف أجر القائم`. وهذا متفق عليه بين العلماء. استنادا إلى ما ورد في الحديث الشريف، فإن صلاة النافلة صحيحة للشخص الذي يصلي في سيارته طالما أن السيارة متوقفة، سواء كان المسافر أو غير المسافر. يجب عليه تحديد اتجاه القبلة، ولا يترتب على ذلك إلغاء شرط استقبال القبلة في هذه الحالة، ولا يوجد عائق في أداء الصلاة والشخص جالس، وفي هذه الحالة يحصل على نصف أجر الشخص الذي يصلي وهو قائم.

المسألة لثالثة: تختلف آراء العلماء فيما يتعلق بأداء صلاة النافلة داخل السيارة المتحركة وجالسًا وخارج اتجاه القبلة ودون السفر، حيث ينقسمون إلى فريقين :

  • في القسم الأول، يتم إنكار جواز صلاة غير المسافر في سيارة متحركة، وذلك بسبب عدم قدرتها على استقبال القبلة حتى يتم النزول إلى الوجهة المقصودة، وبالتالي لا يوجد اضطرار لترك الصلاة القائمة، وهذا هو الرأي السائد بين العلماء.
  • ذهب القسم الثاني إلى جواز الصلاة، وهذا هو رأي أتباع المذهبين الشافعي والحنفي، وهو أيضًا رأي الإمام الطبري والإمام الأوزاعي،
  • قام الشيخ عبد الله بن عقيل بتأليف قصيدة بعنوان `تُحْفَةُ القافلة في حكم الصلاة على المسافر`، وفي هذه القصيدة يتم اباحة الصلاة لمن يركب السيارة المتحركة، ويمكنهم أداء السنن والرواتب فقط، ولكن لا يفضل للسائق أداء الصلاة خلال القيادة، حيث إن السائق هو المسؤول عن السيارة ومن الممكن أن يتوقف لأداء الصلاة.
  • يجوز للراكب الصلاة النافلة وهو جالس، وإن كان غير مستقبل القبلة، وإن كان في سيارة متحركة، ويسري ذلك للمسافر فقط دون المقيم، وأجمع على ذلك الشيخان المعاصران محمد بن عثيمين وعبد العزيز بن باز رحمهما الله.

صلاة الفريضة

لا يجوز أداء صلاة الفريضة في المواصلات، سواء كانت السيارة أو القطار أو الباخرة أو الطائرة، ما لم يكن هناك عذر، وتشمل هذه الأعذار:

  • الخوف من التعرض للأذى على النفس أو المال من الأعداء أو الحيوانات المفترسة.
  • الخوف من فقدان الاتصال برفقاء الرحلة أو السفر.
  • أن يشعر الإنسان بالخوف من الأمطار والوحل.
  • عندما يتذكر المسلم خروج وقت الصلاة المكتوبة عن إرادته قبل أن ينزل من وسيلة المواصلات، إذا كانت هذه الصلاة من الصلوات القصيرة أو المجموعة مثل صلاة الظهر والعصر أو المغرب والعشاء، ينبغي له جمع هاتين الصلاتين، وهذا هو الأمر الذي اتفق عليه العلماء. أما إذا كانت الصلاة التي تخاف أن يفوتها من الصلوات التي لا تجمع ولا تقصر، مثل صلاة الفجر، أو إذا كان وقت السفر سيستغرق وقت كل من الصلاتين، فيجب عليه التحقق من العذر وأداء الصلاة في مكانه مراعاةً أركان الصلاة (مثل استقبال القبلة والصلاة واقفًا إن أمكن). قبلاء الأئمة الثلاثة الحنفية والمالكية والحنبلية العذر في هذه الحالة، بينما يوجب الشافعية إعادة الصلاة بعد النزول من وسيلة المواصلات.

الصلاة في السفينة

وفقًا للمذاهب الفقهية الأربعة، يجوز الصلاة (الفريضة والنافلة) في السفن في الحالات المحددة سابقًا، وقال الإمام الكسائي أنه يجوز الصلاة على أي حيوان، سواء كان لحمه مأكولًا أو لا. وبالتالي، يمكن الصلاة في السفن أو القوارب أو الزوارق. ومع ذلك، فهل يجب القيام في الصلاة في السفن أم يمكن الجلوس؟ وقال الإمام الشافعي إذا لم يخش الشخص الغرق أو لم يشعر بألم في رأسه أو بدوران البحر، فالقيام هو الأفضل. وإذا شعر بأي من هذه الأعراض، فالجلوس هو الأفضل. واستند الإمام الشافعي في هذا الرأي إلى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر عندما بعثه إلى الحبشة وسأله كيفية الصلاة في السفينة، فأجابه أن يصلي قائمًا إلا إذا خشي الغرق.

 الصلاة فى الطائرة

أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، بجواز صلاة المسلم في الطائرة، وذلك لأن العلماء يقيسون البحر بالبر، ولكن لا يقيسون الهواء الذي تحلق فيه الطائرة على شيء. ومن شروط صحة الصلاة وجود أرض ملموسة والهواء محسوس، ومع ذلك، فقد أجاز جمعة صلاة النافلة في الطائرة فقط. وإذا توفي المسافر وهو على متن الطائرة دون أداء إحدى فرائض الصلاة، فإنه يموت وليس عليه شيء، لأنه لم يترك الصلاة بسبب الكسل أو الانشغال أو العبث، وإنما تركها لأنه لم يستطع تحقيق شروطها التي لا تقل أهمية عن أهمية الصلاة نفسها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى