الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

من خطيب الأنبياء

islamic wallpaper 1 | موسوعة الشرق الأوسط

من هو النبي الذي حصل على لقب البليغ بين جميع الأنبياء؟ إنه نبي الله شعيب عليه السلام، الذي كان من ذرية مدين وأحد أولاد النبي إبراهيم عليه السلام. دعونا نتعرف على قصة هذا النبي الكريم مع قومه، وما هي الدعوة التي دعاهم إليها، وهل صدقوه؟ سنتعرف على كل هذا من خلال قصة نبي الله شعيب المباركة في القرآن الكريم (وَلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) {111- يوسف} .

جدول المحتويات

من خطيب الأنبياء – زمن نبي الله شعيب عليه السلام

سيدنا شعيب عليه السلام، كما ذكرنا سابقًا، كان من ذرية مدين وهو أحد أبناء النبي إبراهيم عليه السلام، وكانت أمه هي بنت النبي لوط عليه السلام، لذلك فإن بعثته كانت مرتبطة ببعثة النبي لوط عليه السلام، وقد جاء في القرآن الكريم قصة شعيب عليه السلام: (وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) {89-هود}، وهذا يشير إلى أن بعثة شعيب كانت بعد بعثة النبي موسى وهارون عليهما السلام.

من هم قوم نبي الله شعيب عليه السلام

  • كان أهل مدين قوماً من العرب يسكنون مدينتهم (مدين)، التي تقع بالقرب من أرض معان في أطراف الشام من جهة الحجاز، بالقرب من بحيرة قوم لوط، وهم من بني مدين بن مديان بن الخليل إبراهيم عليه السلام.
  • كان أهل مدين يشكلون مجموعة من الكفار الذين يعتدون على الطريق ويخيفون المارة، وكانوا يعبدون شجرة تسمى الأيكة.
  • كانوا يعدون من أسوأ الناس في المعاملة، حيث كانوا يخفضون الوزن ويسرقون في القياس، ويتلاعبون في القيمة ويأخذون المزيد ويعطون القليل.
  • بسبب هذه الحماقات، بعث الله رجلاً منهم، هو نبي الله شعيب، لتنبيههم على هذه الأفعال الخاطئة ودعوتهم لتحسين الأخلاق.

البداية ( دعوة إلى التوحيد)

بدأ شعيب عليه السلام دعوته كما بدأها كل نبي قبله وكل نبي بعده، (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ) الآية 85 من سورة الأعراف، فالتوحيد هو أصل الأصول التي تنبثق منه كل مناهج الحياة وأوضاعها.

دعوة إخلاص

أراد نبي الله شعيب عليه السلام أن يوضح لقومه أن دعوته لهم هي دعوة صادقة، وأنه لا يطلب منهم منصبًا، ولا جاهًا، ولا مالًا، ولا أي مقابل آخر، بل إنه يريد إخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، فقال: (وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) {الشعراء-180}.

أمر بالمعروف ونهي عن المنكر

يبعث كل نبي إلى قومه ليعالج مرضاً محدداً، ويقدم لهم الدواء المناسب لذلك المرض. ولكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعث دواءاً لجميع الأمراض وشفاءً لجميع الأمراض. ومرض قوم شعيب عليه السلام، كما ذكرنا سابقاً، كان غش الميزان وقطع الطريق. ولذلك، جاءت دعوتهم بالقول: “أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، واتقوا الله الذي خلقكم والجبلة الأولين” {181-184 سورة الشعراء}.

إنكار وتكذيب

على الرغم من تلطف شعيب عليه السلام بقومه وطريقته التي تلين الحجر (وهو خطيب الأنبياء)، إلا أن قلوبهم كانت أشد قسوة من الحجارة، ورغم أنه قدم لهم معجزة كدليل على صدق دعواه، إلا أنها لم تذكر في القرآن الكريم. فقد كان جوابهم التكذيب والإنكار عليه، وكانوا يقعدون في الطريق لمن يريد أن يؤمن به ويقولون له إنه كذاب. لذلك قال لهم: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل من آمن به) {86- الأعراف}.

إيمان وثبات

على الرغم من كل ما فعله قوم شعيب عليه السلام ضده، إلا أنه بقي صابرًا ومحتسبًا، يعيد النصح لهم ويخوفهم من عذاب الله، ويواجههم بانحرافاتهم. لم يكتف بمجرد فعلهم، بل بقي مصرًا على إخراج قومه من جهالتهم، ولكن بطريقة لطيفة، فهو في النهاية يحبهم ويسعى لخيرهم. قال لهم: (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) {89-هود}، وقال لهم: ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) {88- هود}.

باب التوبة مفتوح

لم يغلق عليه السلام باب التوبة أمام قومه، وكذلك فعل جميع الأنبياء، فإن الله تعالى يغفر جميع الذنوب طالما آمن الإنسان به ولم يشرك به أي شيئين، وقد قال الله لهم: `استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود` في سورة هود. ولكن، للأسف، وصل بعض الأشخاص إلى حالة فساد قلب وسوء تقدير حتى أصابهم العمى ولم يعدوا يرون نور الإيمان واليقين.

تهديد ووعيد

عندما رأى شعيب عليه السلام أن القوم لن يستطيعوا الوقوف أمام الإيمان البرهان المبين والصراط المستقيم، لجأوا إلى التهديد، فقالوا: (ما نفقه كثيرًا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز) {91-هود}، ولكن جاء الرد حاسمًا من الخطيب المفوه قائلًا: (قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي لما تعملون محيط) {92-هود}

استمر الأشخاص في تهديد شعيب ومن آمن معه بالنفي من وطنهم، حيث قالوا: (لنخرجنك يا شعيب والذين معك من قريتنا، أو سوف تعودون في ملتنا). ومع ذلك، استمر الرد الذي لا يترك مجالًا لأي حجة، حيث قال شعيب: (أو لو كنا كارهين، قد افترينا على الله كذبًا. إن عدنا في ملتكم بعد أن نجانا الله منها، فإن ربنا يعلم كل شيء. وعلى الله نتوكل، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين)، وذلك وفقًا للآيات 88-89 من سورة الأعراف.

تحدٍ واستهزاء

وهم يتسارعون للعذاب، يستهزئون بنبي الله وبالمؤمنين معه، ويقولون: (فأسقط علينا كسفًا من السماء إن كنت من الصادقين) {الشعراء 187}، وبذلك يجنون على أنفسهم ويجلبون لها العذاب لو كانوا يعلمون.

إسدال الستار

يقول الله تعالى: فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم. إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم) {191:189 الشعراء}، فقد ابتلاهم الله بالحر الشديد فخرجوا من ديارهم هاربين يريدون الفرار من قضاء الله وإنما الأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فأخذهم العذاب وأهلكهم الله واجتمعت عليهم النقم كلها كما ورد في القرآن الكريم في عدة مواضع فأحيانا يذكر الظلة وأحيانا الصيحة وأحيانا أخرى الرجفة.

 

وهكذا أغلقت صفحة من صفحات الوعيد، التي يحق لمن كذب بها أن يعاقب، وهكذا يكون جزاء من حارب دين الله في الدنيا خزيًا، وفي الآخرة عذابًا عظيمًا، واعلم أن الله تعالى لا يحكي قصص الأنبياء وغيرهم مجردًا للحكاية أو التسلية أو الترفيه، بل يريد منا أن نتعظ من أحوال السابقين، حتى لا نقع في أخطائهم، ونأخذ ما هو حسن ونتجنب ما هو قبيح، ولذلك يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) {176- الأعراف}، قدمتها لكم الموسوعة العربية الشاملة، فلا تنسوا متابعتنا ليصلكم كل جديد.

 

مصادر:

تشتمل مصادر الدراسة على القرآن الكريم، البداية والنهاية لابن كثير، قصص القرآن لمحمود المصري، تفسير الطبري، وقصص الأنبياء لمحمود المصري وابن كثير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى