ما هي سيرة الرسول ؟
أرسل الله سبحانه وتعالى جميع الرسل والأنبياء للدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد ولإخراج الناس من ظلماتهم إلى النور، وكان أول الأنبياء نوح وآخرهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبعث الله سبحانه رسولًا لكل أمة منهم كي يدعوهم لعبادة الله ولكي يجتنبوا الطاغوت، وكان كل نبي يُرسل إلى قومه الخاصة، ولكن بُعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لجميع الناس كافة كي يبشرهم وينذرهم ويهديهم لعبادة الله.
سيرة الرسول :
نسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم :
هو `محمد بن عبد الله بن المطلب الهاشمي القرشي`. ولد في مدينة مكة، في شهر ربيع الأول، في العام الذي جاء فيه أبرهة وأصحابه لهدم الكعبة. وتوفي والده عبد الله وهو لا يزال في بطن أمه آمنة بنت وهب. وبعد ولادته، ربته حليمة السعدية. وعندما بلغ ست سنوات، ذهب مع أمه إلى المدينة لزيارة أقاربه. وأثناء عودتهم إلى مكة، توفيت والدته في البواء. وأصبح يتيما، فعتنى به جده عبد المطلب. ولكنه توفي بعد عامين، وفي ذلك الوقت كان عمر النبي محمد ثمانية أعوام. بعد وفاة جده، تولى عمه أبو طالب رعايته واهتمامه، وكان يدافع عنه ويحميه. وكان أبو طالب يحبه كثيرا. وعندما شدت رحاله، ذهب النبي إلى الصحراء لرعاية الأغنام، كما كان يفعل العرب لتعلم فصاحة اللغة والعلوم المختلفة ولزيادة حكمته وقوته. فإن الجلوس في الصحراء يساعد على التأمل والتفكر. وبعد ذلك، عمل النبي في التجارة وأصبحت تجارته مع السيدة خديجة بنت خويلد مربحة للغاية. أعجبت السيدة خديجة بصدقه وأمانته وخلقه، فتزوجها وهو في سن الخامسة والعشرين. وكانت جميع أبنائه ما عدا إبراهيم منها.
زوجاته النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبناءه :
تزوج النبي تسع نساء في وقت واحد، وكانت السيدة خديجة بنت خويلد هي أول زوجاته والتي تمت بعدها الزيجة على سودة بنت زمعة، ثم عائشة بنت أبي بكر وهي الزوجة البكر الوحيدة التي تزوجها، كانت الأحب إلى رسول الله. وبعدها تزوج من حفصة بنت عمر بن الخطاب وزينب بنت خزيمة وأم المؤمنين أم سلمة وزينب بنت جحش وجويرية بنت الحارث وصفية بنت حي وأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم حبيبة، وزوج مارية القبطية المصرية التي أنجبت له ابنه إبراهيم.
فيما يتعلق بأبنائه، لديه ثلاثة أولاد: القاسم وعبد الله وإبراهيم، وأربع بنات: زينب وهي الأكبر، ورقية وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء وهي الأصغر. توفي جميع أبناء النبي في حياته، باستثناء فاطمة التي توفيت بعد وفاته. كانت فاطمة هي الأبنية الأكثر قرباً وشبهاً بالنبي وكانت الأحب إلى قلبه
أخلاق رسول الله محمد :
أنبت الله النبي نباتًا حسنًا، وقد أدبه وعلمه ورباه الله حتى كان أحسن قومه خلقًا وأخلاقًا. وكان أوسعهم حلمًا، وأحفظهم أمانةً، وأعظمهم مروءةً، وأصدقهم حديثًا. وكان النبي يحب الخلاء، فكان يذهب إلى غار حراء ويخلو هناك بالأيام والليالي ليتعبد فيه ويدعو الله. وكان مبغضًا للخمور والأوثان وكافة الرذائل، حيث لم يلتفت إليها قط في حياته.
النبي يشارك في بناء الكعبة :
عندما بلغ النبي الخامسة والثلاثين من عمره، شارك قريش في بناء الكعبة التي هدمت بسبب السيول التي جرفتها. وحدث نزاع بين القبائل المشاركة في بناء الكعبة حول وضع الحجر الأسود، وحُكم على النبي بحل الأمر. فدعا إلى إحضار ثوب لوضع الحجر الأسود فيه وأمر رؤساء القبائل بأخذ أطراف الثوب ورفع الحجر جميعًا، ثم أخذ النبي الحجر ووضعه في مكانه وبنى عليه الكعبة، ورضي جميع الأطراف وانتهى النزاع.
بعثة النبي ونزول الوحي :
انتشر الشرك والفساد بين الناس فبعث الله إليهم النبي محمد بعدما بلغ الأربعون من عمره، كي يدعوهم لعبادة الله والعزوف عن عبادة الأصنام، أما عن نزول الوحي فقد كان رسول الله يتعبد بغراء حراء، وفي أحد الأيام كان جالساً يتعبد ويتقرب من الله، حتى نزل عليه الوحي جبريل حينها أمره بالقرأة ونزلت سورة أقرأ، بعدها رجع إلى بيته يرتجف من الخوف قائلاً لزوجته السيدة خديجة دثريني وقامت هي بتدفئته حتى أن هدأ وحينها أخبر بكل ما حدث معه، فسألت حينها ابن خالتها ورقة ابن نوفل أحد علماء عصره فأخبرها بأنها النبوة، وكانت خديجة هي أول من آمن برسول الله من النساء، أما من الرجال فكان أول من آمن به صديقه أبو بكر، وكان أول من آمن من الصبية علي بن أبي طالب.
بعد انقطاع الوحي لفترة، حزن النبي كثيراً، وفي أحد الأيام رأى الملك مجدداً بين الأرض والسماء، فرجع لمنزله وتدثر، ثم أنزل الله عليه سورة المدثر، ومن بعدها استمر الوحي على النبي، ودعا النبي الناس لعبادة الله في السر والجهر، وكان يدعوهم باللين واللطف، وآمن به القليل من الأشراف والأغنياء والعبيد والضعفاء والفقراء، وتعرض الناس للأذى من أجل إيمانهم بالله، ومنهم من تعرض للعذاب والقتل، وهاجر بعضهم إلى أرض الحبشة.
بعد مرور عشر سنوات من بعثة النبي، توفي عمه أبو طالب، الذي كان يحبه ويحميه من أذى القريشيين، وبعد ذلك توفيت السيدة خديجة، التي كانت تؤنسه. ولذلك، سُمي هذا العام عام الحزن. اشتد البلاء على رسول الله من قبل قومه، حيث كانوا يؤذونه بكل الطرق الممكنة، ولكنه كان يصبر ويحتسب عند الله. بعد أن اشتد البلاء عليه من قبل قريش، خرج إلى الطائف لدعوتهم للإسلام، ولكن أهل الطائف لم يستجيبوا له وأذوه ورموه بالحجارة حتى نزف قدماه. وعاد بعد ذلك إلى مكة واستمر في دعوة الناس للإسلام.
رحلة الإسراء والمعراج :
ذهب رسول الله ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى على ظهر البراق وكان بصحبته جبريل، وصلى النبي في المسجد الأقصى بجوار الأنبياء، ومن ثم عرج به إلى السماء حتى وصل إلى سدرة المنتهى، حيث تحدث مع الله وأكرمه، ثم فُرِضَت الصلاة، وعاد النبي إلى مكة قبل الفجر وحدثهم عن ما حدث، فكذبه الكفار وصدقه المؤمنون.
هجرة رسول الله للمدينة المنورة :
ثم بعد ذلك، هيأ الله للنبي من ينصره ويصدقه، فالتقى أثناء موسم الحج برهط من المدينة من الخزرج، فأسلموا حينها وعادوا للمدينة لينشروا الإسلام هناك، وفي الحجة التي تلاها، جاء أكثر من 70 رجلاً من الخزرج والأوس، ودعوا الرسول للهجرة إلى المدينة، وبعد ذلك دعا الرسول أصحابه للهجرة إلى المدينة، حتى هاجر جميع المسلمين ولم يبق سوى الرسول وأبو بكر وعلي بن أبي طالب، وحينها خاف المشركون من أن يلحق الرسول بهم فأمروا بقتله، إلا أن جبريل أخبر النبي، فطلب الرسول من أبي كبر أن يبيت في فراشه وأن يقوم برد الوداع لأصحابه، وبات ليلتها المشركون عند باب الرسول ليقتلوه، إلا أن الله أغشى أبصارهم، فخرج النبي من بينهم وذهب لبيت صديقه أبي بكر، وخرجا من مكة وذهبوا لغار ثور ومكثوا به ثلاث ليال.
عبد الله بن أبي اريقط كان يوجِّههما إلى الطريق، وكانت أسماء بنت أبي بكر تحضِّر الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم وتوصله إليهم. وخاف قريش من خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، فبذلوا قصارى جهدهم للعثور عليه، وعرضوا مكافأة كبيرة لمن يجده. وعلم سراقة بن مالك بمكانهما، فحاول اللحاق بهما، لكن حصانه تعثَّر في الأرض وسقط. فطلب منه سراقة بن مالك أن يدعوا له وألا يضره، فردَّ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وصديقه. ويُحكى أن سراقة أسلم بعد فتح مكة على يد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ترحيب أهل المدينة برسول الله :
بعد وصول الرسول إلى المدينة، فرح المسلمون بقدومه، واستقبلوه بالفرحة والبهجة. نزل الرسول في قباء، وبنى مسجدًا هناك، وأقام فيه لمدة 11 ليلة. ثم ركب ناقته ودخل المدينة، حيث استقبله أهل المدينة بالفرح والترحيب، وبركت ناقته موضع مسجده الحالي. بعد ذلك، بدأ الرسول في بناء المسجد النبوي وأخذ يوحد المهاجرين والأنصار. ثم فُرض على المسلمين الصيام وشرع الأذان.
الغزوات ضد المشركين :
عندما استقر النبي في المدينة وتلاقت القلوب، فُرض القتال في سبيل الله، وكانت غزوة بدر هي أول غزوة للمسلمين، ثم جاءت غزوة أحد، وبعد ذلك خان يهود نضير وبني قينقاع الرسول، فأجبرهم الله على مغادرة المدينة. وفي العام الخامس من الهجرة، كانت غزوة الأحزاب التي انتصر فيها الرسول والمؤمنون. وفي العام السادس من الهجرة، حاول الرسول الذهاب للحج في بيت الله، لكن المشركين منعوه، وتم بعد ذلك صلح الحديبية الذي نص على حرية الناس في اختيار دينهم. وبعد عام، كانت غزوة خيبر التي أسفرت عن القضاء على اليهود. وفي العام الثامن من الهجرة، كانت غزوة حنين لرد عدوان هوازن وثقيف، وانتصر المسلمون فيها. وفي العام التاسع من الهجرة، كانت غزوة تبوك لرد عدوان الروم، وانتهت بصلح بعض القبائل. وفي العام العاشر الهجري، تم فتح مكة وانتصر المسلمون ودخلوا مكة، وآمن أهل مكة بالرسول.
بعد أن أكمل الله دين الإسلام وتحددت أصول هذا الدين، حان وقت حجة الوداع التي ودَّع فيها رسول الله الناس، ولم يحج بعدها وعاد إلى المدينة.
موت النبي :
في العام الحادي عشر من الهجرة، بدأ المرض ينتاب النبي وتفاقم عليه حتى توفي وفاة طاهرة في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول. وكان حزن المسلمين على وفاته أشد الحزن، إذ كان النبي يحمل رسالة الله ويؤدي أمانته، وهو الذي نزل عليه القرآن الكريم كمعجزة خالدة. ودُفِنَ النبي في بيت زوجته عائشة، بعد أن غُسِل وصُلِّيَ عليه، وهو النبي الوحيد الذي سيقوم بالشفاعة لأمته يوم الحشر ويعرض عليه الله.