ما هو اول واجب شرعي على الانسان ؟
نُقدّم لكم اليوم في هذا المقال أول واجب شرعي على الإنسان عبر موسوعة، فإنّ هذا السؤال هو من أكثر الأسئلة الشائعة التي يطرحها الإنسان على نفسه. ويُعدّ الواجب الشرعي من الأمور التي يجب على الإنسان تأديتها دون مخالفة، إذ أنّ الواجب الشرعي هو قانون وأحكام شرعية من عند الله سبحانه وتعالى وحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التلاعب بها والانحراف عن مسارها الحقيقي. ويُعتبر الواجب الشرعي من الأمور الفطرية التي فطرها الله سبحانه وتعالى على الخلق، وهي القاعدة الأساسية التي يُبنى عليها الدين الإسلامي الصحيح.
اول واجب شرعي على الانسان
تعد توحيد الله سبحانه وتعالى هو الواجب الديني الأول والأساسي على الإنسان، ويجب على المسلم أن يحافظ على أركان الإسلام الخمسة ويطبقها بالكامل في حياته.
- خلق الله الإنسان مخصصا للعبادة ونشر الأعمال الصالحة في الأرض، بقوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ۖ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ۖ قال إني أعلم ما لا تعلمون).
- يُعرّف المصطلح الشرعي “الواجب الشرعي” بأنه كل ما أمر به الله ويجب الالتزام به، وعندما لا يتم الالتزام به فسيتم العقاب، ومن بين هذه الواجبات الشرعية هي: الصوم، والحج والعمرة، والصلاة، والزكاة.
أول واجب على المكلف هو توحيد الألوهية
أرسل الله إلى الأمة جميعا مختلف الرسل لنشر الإسلام والدعوة نحو عبادة الله وتوحيد، وكان هذا أول ما كلف به الله الإنسان وهو توحيد الألوهية، أي قوله لا اله إلا الله وانفراد العبد بعبادة الواحد فقط، واختصاص الله وحده بالعبادة.
في هذا الحديث، حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه على توحيد الله وجعله أول عمل لهم في الدعوة إلى الإسلام، وذلك عندما قال لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: “سوف تذهب إلى قوم من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وإذا أطاعوا ذلك، فأخبرهم بأن الله فرض عليهم خمسة صلوات في كل يوم وليلة، وإذا أطاعوا ذلك، فأخبرهم بأن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتوزع على فقرائهم، وإذا أطاعوا ذلك، فلا تأخذ منهم مالاً، واتقِ دعوة المظلوم، فإن بينها وبين الله حجابًا.
دلائل أول واجب شرعي على الإنسان
تحتوي كتاب الله سبحانه وتعالى على العديد من الدلائل الدينية التي تدل على أن لا إله إلا الله وأنه لا شريك له في العبادة، كما ذُكِرت في الأحاديث الشريفة للنبي صلى الله عليه وسلم، ويمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالي:
- يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)، وفي هذه الآية دلالة واضحة وبينة على أن الله عز وجل بعث رسولاً لكل أمة يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما حذّرنا الله من الطاغوت والابتعاد عنه، ويعرف الطاغوت بأنه الأصنام والشياطين وكل ما يؤخذ الإنسان للعبادة من دون الله.
- قال الله تعالى في سورة الأنبياء: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ”، ويشير هذا الآية إلى أن الأنبياء الذين أرسلهم الله قبل النبي محمد، كانت رسالتهم الأساسية هي دعوة الناس لعبادة الله وحده، وأنه لا إله إلا هو، ويجب على الناس أن يعبدوه ويخلصوا له حق العبادة.
- في سورة النمل، يؤكد الله سبحانه وتعالى أنه يعلم الغيب في السماوات والأرض وفي كل الأمور الدنيوية التي لا يعلمها الإنسان. وبما أن كل شيء يرجع إلى الله، فعلينا أن نعبده ونتوكل عليه في جميع أمورنا.
- في حديثه الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان”، حيث يعد أول ركن من أركان الإسلام الخمسة التي يرتكز عليها الدين الإسلامي الصحيح هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، أي الاعتقاد بأنه لا يوجد إله للعبادة والتوحيد سوى الله سبحانه وتعالى.
حكم الواجب الشرعي
يتلقى فاعل الواجب الشرعي أجراً عظيماً، إذ يأتي إليه الخير والرزق بسبب اقترابه من الله وأداء العبادة بحق، بينما يُعاقب من يترك الواجبات الدينية الشرعية التي أمر الله بها عباده.
فضل الواجب الشرعي
يتمثل فضل الواجب الشرعي في الرزق الذي يأتي إلى الإنسان، وقد يتمثل في رحمة الله العظيمة التي تنزل علينا من حيث لا نعلم، كما يتمثل في لطف الله الخفي الذي ينجي المسلم من المحن والصعاب التي يواجهها، حيث ذُكرت فضائل التوحيد بكثرة في آيات الله الكريمة:
- يشير هذا البيت إلى أن آية من سورة الأنعام تشير إلى ضرورة عدم ارتكاب الظلم والاحتفاظ بالإيمان الحقيقي بالله وحده، حيث يعد ذلك مصدرًا للأمن والهداية.
- قول الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم في حديثة الشريف:من شهد بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وأن كلمته نطق بها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، فسيدخله الله الجنة على أساس عمله.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قيل يا رسول الله! من هم الأكثر سعادة بشفاعتك في يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ظننت يا أبا هريرة أنه لن يسألني هذا السؤال قبلك، بناء على حرصك الواضح على هذا الحديث، فأكثر الأشخاص سعادة بشفاعتي في يوم القيامة هم الذين يقولون: لا إله إلا الله خالصة من قلوبهم وأنفسهم).
- عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: صرح النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، وهو يسعى للوصول إلى رضا الله).
- قال الله تعالى في سورة آل عمران: إذا ارتكبوا فعلا فاحشا أو ظلموا أنفسهم، يذكرون الله ويستغفرون لذنوبهم. ومن يغفر الذنوب إلا الله؟ ولم يصروا على ما فعلوه وهم يعلمون. أولئك سيحصلون على مغفرة من ربهم وستكون لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها يعيشون أبدا، وما أروع أجر العاملين.
أنواع التوحيد
يوجد عدة أنواع لتوحيد الله عز وجل، ومنها توحيد العبادة وتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية وأسماء وصفات الله سبحانه وتعالى، ويجب على الإنسان الالتزام بجميع أنواع التوحيد التي تعتبر الأساس في الإسلام.
توحيد الربوبية
- يعني توحيد الربوبية الإيمان بالله سبحانه وتعالى من خلال الأفعال، حيث يتعين الإيمان بصفات أفعاله مثل توفير الرزق والحفاظ عليه، بالإضافة إلى إدارته للأمور الدنيوية.
- إن الإقرار بأن الله هو خالق الكون وكل ما فيه، بما في ذلك الأنهار والجبال والمحيطات والسموات وغيرها من مخلوقات الله السبحان والتعالى التي نعم الإنسان بها.
توحيد الألوهية
- يأتي توحيد الألوهية بعد توحيد الربوبية للإنسان، ويتم ذلك بعد الإيمان بصفات وأفعال الله، ومن ثم يتم الإيمان بالله وحده كما أنه لا يوجد متصرف أو مدبر للأمور سوى الله.
- تشمل وحدة الألوهية توجيهات الإنسان في حياته وأفعاله، بالإضافة إلى الجن وحرصهم على عبادة الله.
توحيد العبادة
- هو تفريد عبادة جميع مخلوقات الله لله وحده بدون مشاركة أحد، أي عبادة الله وحده دون عبادة أي شيء آخر إلى جانبه مثل الأصنام أو الأشجار وغيرها من الأشياء.
- يخصص الله العبادة فقط وذلك بقوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء `وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ`.
توحيد الأسماء والصفات
- يعني أن التوحيد يعني الإيمان بأسماء الله وصفاته المذكورة في القرآن الكريم، مثل الغفور والرحيم والشكور والعليم وغيرها من الصفات، فجميعها تتجمع تحت مفهوم أسماء الله الحسنى.
- جاء توحيد الأسماء والصفات في الآيات القرآنية بصورة واضحة وصريحة، مثل قوله تعالى في سورة الشورى: `ليس كمثله شيء وهو السميع البصير`.
التوحيد في القرآن الكريم
في كتابه العظيم، أمرنا الله بأداء العديد من العبادات المختلفة، منها الصيام والصلاة والحج والزكاة وغيرها. كما حثنا على توحيد الله وعبادته دون اللجوء إلى غيره، وعلى التوكل عليه في جميع جوانب الحياة وتجنب المحرمات التي حرمها الله علينا. ويتم تمثيل التوحيد في بعض الآيات القرآنية التالية:
- قال الله سبحانه وتعالى في سورة مريم: (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته ۚ هل تعلم له سميا؟).
- قال الله سبحانه وتعالىٰ – بسورة التوبة – (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إلٰه إلا هو ۖ عليه توكلت وهو رب العرش العظيم).
- في سورة الإسراء، قال الله سبحانه وتعالى `وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه`.
- قال الله سبحانه وتعالى في سورة البينة:.” وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء.
- في سورة الحجر، قال الله سبحانه وتعالى “وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ.
- قال الله سبحانه وتعالي – في سورة نوح – (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه فقال: يا قوم، اعبدوا الله، ليس لكم إله غيره، أفلا تتقون).
- يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: `يا أيها الناس اعبدوا ربكم`.
- قال الله تعالى في سورة الذاريات: ما خلقت الجن والإنس إلا لكي يعبدوني.
- قال الله تعالى في سورة (إن ربكم هو الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش. يغشي الليل النهار بسبب إرادته، ويطلبه حثيثا. والشمس والقمر والنجوم تخضع لأوامره. إن له الخلق والأمر. تبارك الله رب العالمين).
وبهذا، يكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حيث تحدثنا عن أول واجب شرعي على الإنسان، وحكمه، بالإضافة إلى شرح فضل الواجب الشرعي وأنواع التوحيد الواجبة على جميع المسلمين، وذلك قبل إجمال الأدلة القرآنية والأحاديث الشريفة المتعلقة بالتوحيد.
يمكنكم متابعة المزيد عبر الموسوعة العربية الشاملة
المراجع
1-محمد بن عبد الوهاب، كتاب التوحيد، مكتبة عباد الرحمن مكتبة العلوم والحكم، 2009
