الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

قصص الايثار عند الصحابة رضي الله عنهم

قصص الايثار عند الصحابة رضي الله عنهم | موسوعة الشرق الأوسط

قصص الايثار عند الصحابة رضي الله عنهم

الصحابة هم الأشخاص الذين اختارهم الله -عز وجل- ليكونوا رفقاء نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ومعينيه وناصريه في نشر رسالته ودعوته، وكانوا أفضل قدوة للأمة الإسلامية كلها في إقامة دين الله.

للصحابة رضوان الله عليهم العديد من المواقف التي ذكرتها كتب السير، والتي برزت فيها صفة الإيثار ومحبتهم لبعضهم البعض، وهي الصفة التي تعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن شدة حبهم له، تفضلوا به وبأولادهم على أنفسهم، وعرضوا حبهم على أي حب آخر، وتضحوا بكل ما هو غالٍ لديهم في سبيل طاعة الله -سبحانه وتعالى-.

من أبرز المواقف التي ذُكرت في السيرة النبوية هي إيثار الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

  • روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر وقال: `إن الله اختار لعبده بين أن يعطيه من زهر الحياة الدنيا ما يشاء، وبين ما عنده، فاختار العبد ما عنده.` فبكى أبو بكر وقال: `فداك بآبائي وأمهاتي`. واستغرب الناس من هذا الحديث وقالوا: `انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد اختار الله له بين ما في الدنيا وما عنده، وهو يقول: فداك بآبائي وأمهاتي.` وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الذي اختار، وكان أبو بكر هو من أعلمنا بهذا الأمر.
  • كان الصحابة يؤثرون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء، فعندما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بدر، وصل إلى الموقع المعروف بالروحاء، وخطب الناس قائلا: “ما رأيكم؟.” فأجاب أبو بكر قائلا: “يا رسول الله، قد وصلتنا المعلومات بأن الأعداء في مكان محدد هنا وهناك.” فسأل الناس مرة أخرى قائلا: “ما رأيكم؟.” فأجاب عمر بن الخطاب بنفس رأي أبي بكر. ثم سأل الناس مرة أخرى قائلا: “ما رأيكم؟.” فأجاب سعد بن معاذ قائلا: “يا رسول الله، إن كنت ترغب في رأينا، فوالذي أكرمك وأنزل عليك القرآن، لا يوجد لدينا أي معرفة بمكان العدو ولا خبر عنه، وإن كنت قد قررت السير حتى تصل إلى برك الغماد من ذي اليمن، فسنذهب معك ولن نكون مثل قوم موسى الذين قالوا له: “اذهب أنت وربك فقاتلا، فإنا هاهنا نمكث.” بل سنقول لك: “اذهب أنت وربك فقاتلا، فإنا معك وسنتبعك.” وربما خرجت لأمر معين، وقد يكون الله أوحى إليك بأمر آخر، لذا انظر ما أوحى الله إليك وامض نحوه. اربط وثبت ما تشاء، وقطع وثبت ما تشاء، وعد وثبت ما تشاء، وسالم وثبت ما تشاء، وخذ من أموالنا ما تشاء.

الإيثَار عند الصَّحابة

أثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم في كل شيء، ومن أبرز قصص الإيثار عنهم:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه “أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى نسائه قائلا: ليس معنا شيء إلا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضيف إليه؟ فقال أحد الأنصار: أنا. ثم ذهب به إلى زوجته وقال: استقبلي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت الزوجة: ليس لدينا إلا قوت أولادنا. فقال: أعدي الطعام واجعلي سراجك مشتعلا، ودعي أولادك ينامون إذا أرادوا العشاء. فأعدت الزوجة الطعام وجعلت سراجها مضيئا، ودعت أولادها ينامون، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فأدرك الضيفان أنهما يأكلان. فلبثا طوال الليل، وعند الصباح ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “ضحك الله ليلتكما” أو “عجبت لفعلكما”. ثم نزلت هذه الآية: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.
  • قال ابن عمر رضي الله عنه: قدمت رأس شاة كهدية لرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال إن أخي فلان وعائلته أحوج إلى هذه الهدية منا، فأرسل بها إليهم، واستمر في إرسالها لشخص آخر وآخر، حتى وصلت إلى أهل سبعة أبيات، ثم عادت إلى الشخص الأول الذي قدم الهدية، فنزلت الآية: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
  • لما وصل المهاجرون إلى المدينة، لم يكونوا يملكون شيئًا من حطام الدنيا، فابتغوا رضا الله عز وجل، وتركوا ديارهم وأموالهم، واستقبلهم الأنصار بكرم شديد لا يوجد له مثيل. وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “لما وصل المهاجرون المدينة، نزلوا على الأنصار في دورهم، وقالوا: يا رسول الله، لم نر مثل هؤلاء الناس الذين نزلنا عليهم، فقد موَّسونا بالماء وأعانونا، وقد أحسنوا إلينا في القليل والكثير، ولكن خشينا أن يأخذوا كل الأجر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا، بل دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم.
  • عندما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحرم المكي خلال فترة الحرم، حاول الصحابة حمايته من أهل مكة والتأكد من عدم إصابته بأي سهم منهم، وهكذا تركوا أنفسهم عرضة للخطر بدلاً منه.

قصص عن حب الصحابة لبعضهم

تتضمن بعض القصص التي تدل على تأثير الصحابة الواحد على الآخر، مثلما يتضح من هذه القصص:

  • قام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإيداع أربعمائة دينار في صندوق، ثم أرسل الغلام ليسلم هذه المبلغ إلى أبي عبيدة بن الجراح، وطلب من الغلام أن يتأخر ساعة في منزله، حتى يرى ماذا سيفعل بالمال.
  • فأطاعه الغلام، وذهب إلى بيت أبي عبيدة، وقال له: قال أمير المؤمنين لأحد الصحابة: “خذ هذا واستعمله في شيء من حوائجك.” فقال الصحابي: “وصله الله ورحمه”.
  • ثم دعا أبو عبيدة الجارية وأمرها بتسليم سبعة دنانير إلى فلان، وخمسة دنانير إلى فلان آخر، حتى انتهت المهمة، ثم عاد الغلام إلى عمر -رضي الله عنه- وحدثه عن ما حدث.
  • قام عمر بن الخطاب بإعادة أربعمائة دينار، وأمر غلامه بأن يأخذها إلى معاذ بن جبل، وأن يتأخر في منزله لمدة ساعة لمعرفة ما سيفعل بها.
  • فقال الغلام لمعاذ بن جبل: أمير المؤمنين قال للرجل: `احتفظ بهذا الشيء لحاجتك إليه`، وقال الرجل: `رحمه الله ووصله`.
  • أمر معاذ بن جبل الجارية بزيارة بيوت فلان وفلانة، وقالت الزوجة له: `نحن مساكين، فمن فضلك أعطنا شيئًا`. ولم يكن لديهم سوى دينارين في الخرقة، فأعطوهما للزوجة.
  • عندما عاد الولد إلى عمر، أخبره بما حدث، فشعر عمر بالسعادة الكبيرة وقال: “إنهم إخوة بعضهم البعض.

قصة إيثار الصحابة في معركة اليرموك

  • في معركة اليرموك، تجلى تصرف الصحابة رضوان الله عليهم في الإيثار على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعضهم البعض، وهذا يعد من أفضل أمثلة الإيثار في التاريخ الإسلامي.
  • ففي الغزوة، قال عكرمة بن أبي جهل: سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: `ألا أذكر لكم رجلاً قاتل في سبيل الله؟` ثم نادى: `من يبايع على الموت؟` فبايعه عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور.
  • جرى القتال أمام فسطاط خالد، ونتج عنه سقوط شهداء وجرحى، وحاول الجرحى الاستفاقة من إصاباتهم باستسقاء الماء، فتناوبوا على شرب الماء الواحدة بعد الأخرى، حيث عندما شرب أحدهم الماء، أمر بإعطاء الآخر الماء، وهكذا بالتناوب حتى شرب الجميع الماء.
  • وظل الجرحى يتدافعون على الماء، فلم يشرب الشخص الثالث وتوفي، وعندما وصل الماء إلى الشخص الثاني كان قد مات أيضًا، وهذا نفس الشيء بالنسبة للشخص الأول.

المراجع

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى