قصة سيدنا يوسف في السجن
يتناول مقال اليوم قصة سيدنا يوسف في السجن الذي أصبح أهم من الشخصيات في بني إسرائيل، وهو الابن الحادي عشر ليعقوب، وتعد هذه القصة من أجمل قصص القرآن الكريم. حيث جاء القرآن الكريم مليئًا بقصص الأنبياء، والعبر، والحكم ليتعظ المسلم منها، ويجد فيها ما يهديه لطريق الهداية، والصواب في الدنيا، والآخرة، فورد في القرآن قصص الأنبياء، والصالحين، والأمم السابقة مثل : قصة أصحاب الكهف، وأصحاب الفيل. ومن هذه القصص قصة سيدنا يوسف التي بدأت منذ ولادته حيث كان أحب الأبناء إلى أبيه سيدنا يعقوب، وأقربهم إلى قلبه.
قصة سيدنا يوسف
- في هذه القصة يظهر اهتمام الله وحفاظه على عبيده الصالحين، وحكمته في كل شيء يحدث للإنسان في جميع الأمور، حيث كان للنبي يعقوب عشرين ابنًا وكان يوسف عليه السلام من بينهم.
- يتميز يوسف بوجهه الجميل والفريد الذي لا يشبه أحد، وكان الأكثر تفضيلاً لدى والده يعقوب، وكان محبوباً لدى قلبه ويتمتع بمكانة كبيرة بين إخوته، مما جعل الآخرين يحقدون عليه ويحاولون الإيقاع به.
- في إحدى الليالي، رأى يوسف عليه السلام في السابعة عشرة من عمره حلمًا يظهر فيه أحد عشر كواكب والشمس والقمر يسجدون له، وعندما أخبر والده بالحلم، عرف والده تفسيره وأخبره أن يحتفظ بهذا الحلم لنفسه ولا يخبر إخوته حتى لا يحيدوا عن الحق ويؤذوه.
- وجاء ذلك الموقف في كتاب الله العزيز في سورة يوسف ” إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5) “.
خطة أخوته للتخلص من يوسف عليه السلام
في ذات يوم اجتمع الأخوة يتناقشون ليدبروا مؤامرة على أبيهم للتخلص من يوسف عليه السلام فاقترح أحدهم بأن يقتلوه، بينما أقترح آخر أن يلقوه في أرض بعيدة كي ينساه والده، ويستبدلهم به ،واستقروا في نهاية الأمر على أن يلقوا في بئر على طريق تسير فيه القوافل التجارية كي تجده إحدى القوافل، وتأخذه بعيدًا ثم ذهبوا لأبيهم، وطلبوا منه أن يسمح ليوسف بالخروج معهم في رحلة لكي يلعب، ولكن أحس يعقوب بالقلق ناحية ابنه المقرب إليه، وأنهم يدبرون لأمر سيء فرض طلبهم، وأخذوا يكررون عليه الأمر إلى أن اقنعوه، ووعدوه بالحفاظ عليه فقال الله تعالى في سورة يوسف ” قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) ”
يوسف في البئر
تم إلقاء يوسف في بئر من قبل إخوته، وعادوا في المساء لوالدهم وزعموا أن الذئب أكل يوسف بعد أن تركوه ليتسابقوا وتركوا أمتعته. وجاءوا بقميصه بدم كاذب لإثبات كذبهم، ولكن لاحظ يعقوب أن قميص يوسف لا يحمل أي دليل على حديثهم وأنهم يكذبون، وأدرك أن هذه مؤامرة. ثق بربه وقال لهم: “وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون .
بقي يوسف في البئر حتى وصلت قافلة متجهة إلى مصر، وأرسل أحدهم لجلب المياه من البئر ووجد يوسف، ففرح كثيرًا، وأخذه واستبشر به.
بيع يوسف عليه السلام في سوق الرقيق
تم إحضار يوسف إلى مصر مع القافلة، وعرضوه للبيع في سوق الرقيق، وجاء عزيز مصر ليشتري غلامًا فقرر شراء يوسف، ثم عاد به إلى زوجته وطلب منها الاهتمام به ومعاملته بلطف كما لو كان ابنهما.
نشأ يوسف في بيت عزيز في مصر، وكان يتزايد جمالًا يومًا بعد الآخر حتى أعجبت به امرأة العزيز وأصبحت تنظر إليه بإعجاب.
في يوم ما، خرج العزيز من منزله، وبدأ الشيطان في إغواء زوجة العزيز للقيام بالفاحشة مع يوسف. ولكن يوسف رفض ذلك، فهو لا يخون الرجل الذي يربيه في بيته. وقد قال الله تعالى في هذه الحالة: `وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك ۚ قال معاذ الله ۖ إنه ربي أحسن مثواي ۖ إنه لا يفلح الظالمون`.
قصة سيدنا يوسف في السجن
- عندما علم العزيز بالموقف غضب، لكنه تصرف بحكمة وعرف حقيقة الأمر، وأن المرأة هي التي أغوته وأن يوسف امتنع عنها، وبسبب الفتنة التي أحدثها يوسف في قلوب نساء المدينة، دخل السجن ومعه فتيان، أحدهما خباز والآخر ساقي، ولكنهم رأوا في يوسف أخلاقاً حميدة، وفي يوم من الأيام، طلبوا منه تفسير حلمهما، فصرح الأول بأنه يرى أنه يعصر خمراً، والثاني يرى أنه يحمل خبزاً يأكل منه الطيور، وطلبوا من يوسف تفسير هذا الحلم، فأخبرهم بأنهما سيحررون من السجن ويعودان إلى خدمتهما.
- وفسّر لهم رؤياهم، فالأول يصلب وتأكل الطيور من رأسه، والآخر سينجو ويعمل لدى الملك، وطلب منه أن يروي قصته للملك، عسى أن يعفو عنه.
- يمضي الوقت ويبقى يوسف في السجن، ويعمل السجين لدى الملك، لكنه نسى أن يخبر الملك قصة يوسف. وفي يوم من الأيام، يرى الملك رؤيا ولا يجد أحداً يفسرها، فتذكر السجين يوسف وذهب ليساعده في السجن. وبالفعل، فسر يوسف الرؤيا وأخبر الملك بأنه سيأتي سنوات رخاء يجب على الملك خلالها الاحتياط والتدبير، لأنه سيتبع ذلك فترة من الفقر. وفرح الملك بذلك وشكر يوسف، وكافأه على فعله، وطلب منه التحقق من سبب سجنه. وبالفعل، تحقق الملك من الأمر وتبين براءة يوسف. فاختار يوسف أن يصبح أمينًا على خزانة الدولة، ووافق الملك على ذلك، وبدأت رؤية الملك تتحقق. وبعد فترة من الرخاء، بدأت سنوات القحط.
- قام الملك بتخزين المال والطعام، وبدأ في توزيع الطعام على سكان المنطقة، وعندما جاء إخوة يوسف ليأخذوا حصتهم، عرفهم يوسف وطلب منهم إحضار أخيه، وأرسل معهم قميصه ليعطوه لأبيه ويرتد بصره الذي فقده بسبب البكاء على فقدان يوسف.
- ثم تُوفيَ عزيز مصر، وتولى يوسف حكم مصر، وجاءه أخوته مع والدهم ساجدين، وتحققت رؤيته التي رواها على والده، ومن خلال هذه القصة نتعلم كيف يُغيّر الله حال المرء ويُدبر لعباده حياتهم الأفضل.