صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة هبة الرحمن للعباد للتخفيف عنهم ووسيلة تعبدية صالحة تجمع بين عدة عوامل تربوية دينية أخلاقية ورياضية في وقت واحد، سنتكلم عنها في وقت لاحق من المقال، لكن ما هي صلاة الاستخارة وكيف نؤديها؟
فضل الصلاة:
تشير الأداء التعبدي إلى أداء أفعال معينة بطريقة محددة واستخدام كلمات خاصة في كل حركة، ولها شروط وأوصاف للأداء، ويتضمن ذلك التقدير والاعتراف بفضل الله وخضوعه له، وهي فريضة على جميع المؤمنين ومنتسبي الإسلام طالما أنهم يعلنون اعتناقهم له، بغض النظر عن ما يختبئ في دواخلهم.
صلاة الاستخارة :
إذا قمت بالاستشارة، فهذا يعني أنك تطلب المساعدة والنصيحة في شأن لا تعرف نتيجته، هل هو خير أم شر؟
لغة: يعنى بها أن تطلب الخير فيما تريد.
اصطلاحا: لطلب الاختيار الموافق لمرضاة الله، يجب الاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه بدعاء خاص يقال في صلاة خاصة، ويتوافر ذلك بتوفر الشروط المطلوبة.
صلاة الاستخارة هل هي فريضة؟
يوافق العلماء على أن طلب الاستخارة بالصلاة المخصصة لها هو سنة مؤكدة، ولأنها سنة مؤكدة فإن ذلك يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها وكان يؤديها بانتظام. لذلك، يتبع المسلمون هذه السنة بالضبط كما هو الحال مع النوافل الاثنتي عشر، وفي كل صلاة وفقًا للتوزيع المذكور في السيرة النبوية والحديث الشريف.
رغم أن بعض الناس يعتقدون أن الصلاة الاستخارة تصبح فرضًا على المسلم إذا تركها تمامًا، فإن الحقيقة هي أنه يجب على كل شخص على الأقل أن يصلي الاستخارة بأفضل ما يستطيع، وإذا لم يتمكن من ذلك، فعلى الأقل مرة واحدة في حياته.
حث النبي صلى الله عليه وسلم على فضل وإكمال صلاة الاستخارة بسبب الفضائل العظيمة التي يمكن تحقيقها من خلالها، حيث يُستخدم هذا النوع من الصلاة لأي قضية تواجه شخصًا ويجد صعوبة في اتخاذ القرار، ويحتار فيما يجب عليه فعله بصدق وتأمل. وبعد دراسة نتائج الأمر وعلاقته بالتدين الصحيح ومدى رضا الله تعالى عنه، يمكن الوصول إلى النتائج المناسبة:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: كما ورد عن كتاب الجامع الصغير:” من سعادة ابن آدم استخارةُ الله، ومن سعادة بني آدم رضاهُ بما قضى الله، ومن شقوةِ ابن آدم تركُه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطُه بما قضى الله “.
ماهيتها الأدائية وكيفية اختلافها عن الصلاة العادية؟
عنها:
التعرض لموقف أو اختيار بين اثنين من الأمور المتساويتين في المقدار مع ضياع الأفضلية لدى الشخص، حيث لا يحدد عقله وقلبه اختيارا محددا، ولذلك يجب عليه اتباع عدة أمور قبل صلاة الاستخارة منها:
- معرفة ودراسة كل اختيار ومزاياه وعيوبه.
- يتضمن طرح الأسئلة على الخبراء وأصحاب الخبرة والمجربين، والوصول إلى أكبر قدر من الاتفاق حول رأي معين.
- إن لم يوفق في اختيار يلجأ إلى الله تعالى من خلال:
- ينبغي على الشخص أن ينوي الخير ويكون صادقا في نيته، وأن يقرر الاستشارة بالصلاة، وتعتبر هذه النية شرطًا لتحقيق التوازن في كل الجوانب، حتى تتأهل صلاته للقبول، ويجب أن يتذكر أن تلك النية يجب أن تكون قلبية وعقلية دون الحاجة للتعبير عنها بالكلام، حيث إن التعبير عن النية بالكلام يعد بدعة وما ليس من الإسلام لا يجوز للمبتدع الاحتفاظ به.
- ينصح بالاستحمام الجيد قبل الصلاة، ورغم أن ذلك ليس ضروريًا، إلا أنه يساعد على الطهارة والنقاء ويجعل الصلاة أكثر حيوية وانتعاشًا للذهن.
- توضأ وافضل أن تحسن الوضوء وتصلي بدعاء خاص بها.
- يجب اختيار مكانٍ نظيفٍ خالٍ من الضوضاء والمشتتات، ولا يقع بجوار تلفزيونٍ أو راديوٍ أو هاتفٍ أو صراخٍ أو ضوضاءٍ أخرى.
- تبدأ الصلاة بالدخول فيها وقراءة الفاتحة مع سورة الكافرون، ثم يتم الركوع والوقوف ثم السجود مرتين، وبذلك تكتمل الركعة الأولى كما في الصلاة الفريضة، وتبدأ الركعة الثانية بقراءة الفاتحة وسورة الإخلاص وتنتهي كالمعتاد، وتسلم.
- بعد التسليم، يجب البقاء في المكان وترك ذهنك وقلبك متواجدين والدعاء بالاستخارة باستخدام الدعاء المحدد الذي سنذكره فيما يلي:
دعاء الاستخارة
يعني: يجب أن تبدأ بأدب الدعاء بذكر الله وحمده والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي وآله وصحبه، وتفضل الصيغة التي ذكرت في التشهد في الجزء الأخير، ولكن ليست إلزامية، يمكنك أن تقول ما تحفظه، ولكن هذه الصيغة هي الأفضلية: “اللهم صل وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وَبَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ في العَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”، ثم تبدأ الدعاء وتذكر:
اللهم، بحكمتك أستفسر منك، وبقوتك أقدر، وأسألك من كرمك العظيم، فأنت تستطيع وأنا لا أستطيع، وأنت تعلم وأنا لا أعلم، وأنت عالم بالأمور السرية، اللهم، إذا كنت تعلم أن هذا الأمر (ثم يذكر الأمر الذي يصلى من أجله) خير لديني وحياتي ومستقبلي، أو بالأحرى: لأمر عاجل ومستقبلي، فاقدره واجعله سهلا لي، ثم ابارك لي فيه، اللهم، وإذا كنت تعلم أن هذا الأمر (ويقال طلبه أو ما يريد معرفة الصواب فيه) شر لديني وحياتي ومستقبلي، أو بالأحرى: لأمر عاجل ومستقبلي، فأبعده عني وأبعدني عنه واجعل لي الخير حيثما كان، ثم ارضني به، ويذكر حاجته
تختلف صلاة الوتر عن صلاتك العادية في الدعاء وأنها ليست من الفرائض أو النوافل المؤكدة، بل يفضل أن تكون بعد صلاة العشاء أو في منتصف الليل.
- يجب أن تكون متأكداً من قلبك وعقلك بأن الخيار الذي سيختاره الله لك هو الأفضل، وأن دعواتك ستجد إجابة، خاصة إذا كنت متركزاً خلال الصلاة دون تشتيت الذهن.
متى أقوم بصلاة الاستخارة؟ وكيف أعرف علامات قبول صلاة الاستخارة؟
تستخدم الاستخارة في الأمور التي لا يوجد فيها خلاف بين الحرام والحلال، وهي الأمور المستحبة أو المباحة والتي لا يوجد فيها شبهة، وتشمل الأمور الحلال. على سبيل المثال، لا يجوز شرعًا الاستخارة في كيفية ضرب شخص ما بعصا أو بأداة حادة، لأن ذلك يعتبر محرمًا ويمثل استهزاءً بالدين، ولكن استخدمت هذا المثال لتوضيح الفكرة.
من بين الأمور التي يجب استخارتها، ورغم أنها قضية حساسة، فإنها تستحق الاهتمام وهي الزواج، حيث أن اختيارنا لشريك الحياة يمكن أن لا يكون مجديًا أو صالحًا لنا، وعلى الرغم من إيجابية بدايته، فإن الكثير من المشاكل والانفصالات بين الزوجين تحدث فيما بعد، مما يشير إلى أننا قد نختار بطريقة خاطئة وأننا لا نعلم ما هو الأصلح لنا، بينما يعلم الله الغيب والمستقبل.
يعتقد بعض الناس أن صلاة الاستخارة يمكنها أن تظهر للإنسان رؤية تدله على الخير، ولكن هذا الزعم ليس له دليل من الشرع أو التجربة، والحقيقة هي أن الأفضل هو أن يميل الإنسان إلى الخير ويستعين بالله في اتخاذ القرار:
عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون
كيف نصلي الاستخارة
- النية والعزيمة مهمة بعد التردد وعدم اتخاذ قرار.
- يتم التجهيز والوضوء للصلاة في المكان الأكثر نقاءً وهدوءًا.
- تأكيد أن الله يراقبك ويسمعك وسوف يستجيب لرغباتك.
- يُساعد تعويد النفس على هذه العادة على تحسين أداءها وفهمها بشكل كبير، مما يحقق العديد من الفوائد.
- ينبغي الصلاة على الاستخارة بعد النافلة وليس بعد الفريضة، وتخصيص وقت خاص بها مع نية وإحرام خاصين بها، وإلا فلا تسمى استخارة وإن قل الدعاء.
- إذا واجهت أي عوائق تؤثر على الأداء، فعليك الانتظار حتى تزول، مثل حالات الحيض لدى الإناث وأوقات كراهية الصلاة عند الشروق والغروب.
- لا تنتظر رؤى أو غيرها، بل اتخذ القرار وتوكل على ما نويت.
- يسمح لك بالدعاء قبل الانتهاء من الصلاة وقبل التسليم.
- من الأفضل حفظ الأدعية والصلوات وقراءتها بدلاً من قراءتها من ورقة، لأن ذلك يساعد على تنبيه القلب والعقل دون تشتت، على الرغم من أن القراءة من ورقة لا تقلل من ثوابها.
- إذا استمرت حيرتك، فقد تكرر الصلاة على الاستخارة، أو تتخذ قرارا مخالفا لهواك؛ حيث يفضل في بعض الأحيان مخالفة النفس وما ترغب به، على الرغم من أن المزايا في المخالفة قد تكون أكثر.
- الاستخارة هي شأنٌ خاص بالشخص المستشار، ولا يجوز لأي شخص آخر أن يتدخل فيها بدلاً عنه، وينبغي للمستشار أن يحترم الدعاء وأن يلتزم به دون الوقوع في الخطأ أو التغيير.
- لا يجوز للشخص أن يستخير مع مسك المصحف، كما لا يجوز له أن يجمع بين أكثر من شيء يستخير به في نفس الصلاة، بل يجب عليه أن يصلي ركعتين ويدعو بقلب صادق وعقل واعٍ، وهذا ليس صعبًا إذا كان الشخص صادقًا وصادقًا، كما أنه يحقق الاستقرار والراحة في اختيار الأفضل بينهما.
ماذا أحقق من فوائد صلاة الاستخارة؟
- تزيد قربك من الله واعتمادك عليه وذكره وتجديد إيمانك وثقتك في رعايته ومتابعته لك وتلبية طلباتك حتى لو كان بعد حين.
- يجب عليك أن تتعلم أن السبب وحده لا يؤدي إلى النتائج، بل إن السبب هو جزء من الأمر، ويقدر العزيز القدير النتائج بما يعلمه من خير مخبوء لك، والذي قد لا تدركه.
- يمكن التخلص من الهموم وطرد مكر الشيطان والوساوس المضللة وظلم الهوى النفسي عن طريق الالتفاف على الشر الكامن وراء ستار الجمال.
- تساعد على تقوية أداء الصلاة والحفاظ عليها، كما أنها تؤدي إلى الجنة وتمكن من الاستمتاع بها في الدنيا قبل الآخرة، وهي أحد أسباب الرزق الحلال.
- يتم تقوية العقيدة التوحيدية الإيمانية الإسلامية في قلب المسلم إذا ما دأب على أدائها مع الفروض والنوافل، ومن خلال الدعاء يمكن أن نلاحظ ذلك:
- اللهم إني أستقدرك: يمكن طلب القدرة من الله، وعلينا أن نؤمن بالخالق ونعرف بعض صفاته، مع الاعتراف بضعفنا وعجزنا عن النفع والضر لأنفسنا وللآخرين.
- اللهم إن كنت تعلم: الإيمان اليقيني هو الاعتقاد الصادق بعلم الله وما سيكون في المستقبل الذي لا نعلمه، وبسعة علمه التي لا نبلغ منها إلا القليل، رغم قدرة البشر على الوصول إلى قدر ضئيل من العلم مقارنةً بعلم الغيب.
- فاقدره لي ويسره لي: فإنه بيده وحدها تصريف وتحريك وتهيئة الأمور والرزق والأحوال، وهو الذي يزرع البركة بالقليل ويزيل الضر ويجلب الدواء بأسهل ما يكون حتى وإن لم يره الناظر.
- يعتبر مانع البطش ومصرف الأذى والمنتقم الجبار العظيم من الصفات التي يتمتع بها الله، حيث يعمل على حماية الخير وطرد الشر الذي لا يراه الإنسان في الدنيا، ويقوم بحماية الدين والإسلام والدنيا ومن يحب ويحمي من المكائد الشيطانية والإنسانية.
- يتم تعزيز قيمة الدعاء وتأثيره في تخفيف أعباء الحياة من خلال الجمع بين الرجاء والتواضع والعبادة الروحية والبدنية، وبتعزيز العقيدة والرضا بقضاء الله وقدره في جميع الأحوال.
- تساعد الاستخارة على تمييز أفكار ورغبات النفس عن الأمور الجادة التي تؤثر على حياتك ومستقبلك، وخاصة في الحالات التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات صعبة ومحيرة.
- يوضح لكِ أهمية الاعتماد على الله وترك الاعتماد على النفس، ومدى ضعف الإنسان أمام الله الذي يمتلك كل الجبروت والعزة، ويعني ذلك قيمة التواضع أمام الله وترك الكبر والرياء والمنكر.
- تعلمك ضمنًا أهمية تحقيق الشروط للدعاء المسجل.