بحث عن اخلاق الرسول
بحث عن اخلاق الرسول
وصف الله سبحانه وتعالى أخلاقه وصفاته بالخلق العظيم في سورة القلم، حيث قال (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ). وحث الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين على اتباع الخلق الحسن في العديد من أحاديثه الشريفة، كما وضع تحقيق مكارم الأخلاق كهدف رئيسي في البعثة النبوية، حيث أشار في حديثه الشريف إلى أنه بعث ليتمم صالح الأخلاق. وسنقدم لكم في السطور التالية أبرز صفات وأخلاق النبي الكريم.
الرحمة
إحسان” هي واحدة من أهم الصفات التي كانت متميزة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الآخرين، وهي الرحمة واللين، وقد ساعدت هذه الصفات على نشر الإسلام. وقد ذكر الله تعالى في سورة آل عمران “فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”، ووصفه الله تعالى بأنه رحمة للبشرية جميعا في سورة الأنبياء “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.).
كما أن رحمته ولطفه لم تقتصر فقط على التعامل مع البشر، بل تمتد أيضا إلى التعامل مع الحيوانات، فقد نهى عن قتل وتعذيب الحيوانات كما ورد في حديث الشريف: `إنه لا يقتل عصفور دون حقه إلا سيسأل عنه يوم القيامة.` ثم سئل النبي: `ما حقه؟` فأجاب: `حقه أن يذبح ويؤكل، ولا يقطع رأسه.` وبجانب الإحسان في ذبح الحيوانات، كما ورد في حديثه الشريف: `إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا اقتتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته`.
الصدق والأمانة
من بين أهم الأخلاق والصفات التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم مشهورًا بها قبل بعثته النبوية هي الصدق والأمانة، والتي أظهرهما بوضوح في مجال التجارة. وقد أطلقت قبيلة قريش عليه لقب “الصادق الأمين”، وكان العديد من سكان مكة يثقون به ويودعون أماناتهم معه، سواء كانت أموالًا أو غيرها من الممتلكات. وحتى في أسوأ الظروف التي مر بها، كان يحرص على أن يكون أمينًا تجاه الآخرين. وقبل هجرته إلى المدينة المنورة، طلب من علي بن أبي طالب رضي الله عنه تسليم الأمانات التي تركها أهل مكة لديه.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث المؤمنين على اتباع الصدق كما ورد في حديثه الشريف “عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة”، ووصف بالصدق في قوله تعالى في سورة الزمر “والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون”، كما أن صدقه وأمانته كانت من بين أهم عوامل انتشار الإسلام وإيمان أهل مكة برسالته النبوية في الدعوة إلى عبادة الله وحده.
التواضع
قدم الرسول صلى الله عليه وسلم أروع النماذج في التواضع في التعامل مع الجميع، حيث كان يكره الكبر والتعالي في التعامل مع الآخرين، على الرغم من مكانته العظيمة كرسول الله. وتجلى ذلك عندما جاء إليه رجل يقول: “يا محمد، يا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا”، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس، اتقوا الله، لا يغرنكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله لا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله إليها.
كان الرسول متواضعًا ليس فقط مع فئة محددة، بل مع الجميع، سواء كانوا رجالًا أو نساءً أو صغارًا أو كبارًا أو حرًا أو عبدًا أو جارًا، وحتى مع الغير مسلمين من الكفار والمشركين. ومن أمثلة تواضعه الأخرى أنه كان يسير في موكب وراء الصحابة وليس أمامهم لكي لا يتقدم أحد.
الشجاعة
كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يتصف بالشجاعة والقوة في مواجهة الأعداء، ولكنه في المقابل كان يتمتع بالرحمة واللين. وكانت قوته وشجاعته تنبع من إيمانه القوي بالله وتوكله عليه في كل الأوقات. وكانت قوته وعزيمته من أهم العوامل التي سمحت له بتجاوز المصاعب التي واجهته، ومن أبرز المواقف التي تثبت شجاعته هي معركة حنين، حيث لم يتردد في دعوة المسلمين للثبات والصمود في وجه الأعداء. وقال لهم: “أنا النبي، لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.
من أبرز أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ما ورد في سيرة ابن هشام عندما واجه أبا جهل، الذي كان يعرف بظلمه وبطشه، حيث استغاث رجل من قبيلة إراش وطلب من النبي أن يساعده في استرداد حقه من المال المستولى عليه من قِبَل أبي جهل. عندما ذهب الرجل إلى النبي وأخبره بقصته، ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي جهل وطلب منه أن يعيد للرجل حقه، فرد عليه أبو جهل “نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي هو له”، ويدل هذا الموقف على حرص النبي على إعادة الحقوق المظلومة.
الصبر
أعظم الأمثلة في الصبر تمثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة بسبب ما واجهه من إساءات من قوم قريش في مكة أثناء بعثته النبوية، ولكن الصبر كان متأصلا في إيمانه بالله عز وجل، وساعده على التغلب على المصاعب خلال مدة بعثته النبوية لينجح في مهمته ويؤدي الأمانة، وكذلك تحمله المحن الأخرى مثل وفاة أقرب الناس إليه وهما السيدة خديجة وعمه أبو طالب في عام الحزن، وكانا هما الداعمان الأكثر له في بعثته النبوية، وقد نزلت عدة آيات تحثه على الصبر في مواجهة ما واجهه، مثل قوله تعالى في سورة الأحقاف (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل).
الكرم
يتميز الرسول صلى الله عليه وسلم بالكرم مع الآخرين، وهذا من أهم الأخلاق الحسنة التي يتمتع بها. وقد أظهر سخاءه خلال شهر رمضان، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: “لو كانت لي مثل ذهبة لم أرد أن تمر علي ثلاث ليال، وعندي منه شيء لأحتفظ به ليوم القيامة”، كما روى موسى بن أنس عن أبيه قوله: “لم يسأل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن أي شيء من الإسلام إلا وأعطاه”، وفي إحدى المناسبات أهدى الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا قطيعا من الأغنام، فعاد الرجل إلى قومه ودعاهم للاسلام وقال: “آمنوا بالله ورسوله، فإن محمدا يعطي بلا حساب ولا خوف من الفقر.
العدل
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتميز أيضاً بالعدل وتطبيق شرع الله مع الجميع دون اعتبار لمدى قربه إليهم، ومن أبرز الأمثلة على حرصه على تطبيق العدل هي حادثة السرقة التي ارتكبتها امرأة من بني مخزوم، حيث تقدم أسامة بن زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم طالباً منه أن يعفو عنها، ولكن رد النبي صلى الله عليه وسلم كان: “والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
الحياء
يُعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في الحياء، إذ كان يتحلى به أكثر من العذراء في خدرها، كما وصفه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه. وكان من أبرز مظاهر حياء الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يستحي من طلب الصحابة الخروج من بيته بعد تناول الطعام، وهو الموقف الذي أدى إلى نزول الآية الكريمة في سورة الأحزاب التي تدعو إلى انتشار الصحابة بعد تناول الطعام وعدم البقاء مستأنسين بحديث، حتى لا يتعرضوا لإزعاج الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي كان يستحي منهم، ولكن الله لا يستحيي من الحق.
يبرز مدى حياء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العديد من المواقف، بما في ذلك معجزة الإسراء والمعراج، حيث فرض الله الصلاة خمسين مرة يوميًا، وعندما سأله سيدنا موسى عليه السلام عن عدم تخفيف الصلاة، كان رده “قد استحييتُ من رَبِي.
الحلم
يعني حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحلم والقدرة على العفو والصفح، وتبرز العديد من المواقف التي توضح مدى حلمه، ومن أبرزها عفوه عن الإعرابي الذي جاء إليه يقول: “يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك”، وهو يجذبه من ثيابه، فلم يغضب الرسول صلى الله عليه وسلم منه، بل روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رد فعل النبي: “فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك، ثم أمر بعطائه.
الزهد
كان النبي صلى الله عليه وسلم بعيدًا تمامًا عن حياة الترف والرفاهية، على الرغم من مكانته العظيمة، فكان يحرص على إنفاق ما يمتلكه من مال في سبيل الله، وكان زاهدًا في طعامه حيث كان يتناول التمر والماء، وكان يمر بأوقات يئن فيها من شدة الجوع مما يضطره لربط الحجر على بطنه، وقد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى اليوم من شدة الجوع، ولا يجد قطعة خبز يملأ بها بطنه.
روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النار لم توقد في منزلهم لمدة شهر، مما يشير إلى اكتفائهم بالطعام البسيط من الماء والتمر. وقالت: `إن كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهرا دون إضاءة النار، فإنما نتغذى على التمر والماء`.
استلهم النبي، صلى الله عليه وسلم، تجاوزه وثقته في أن الحياة الدنيا هي زائلة، ومن الأفضل أن ينفقها في سبيل الله. بالنسبة له، العيش هو عيش الآخرة. وفقا لأنس بن مالك، رضي الله عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة”. لم يكن النبي، صلى الله عليه وسلم، زاهدا في الطعام فحسب، بل كان زاهدا حتى في فراشه، الذي كان يتكون من حصيرة.
وفي ختام هذا المقالِ نكونُ قدَّمنا لكـم بحثًا عن أخلاقِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم والتي تشملُ: الرحمةَ، الصدقَ والأمانةَ، التواضعَ، الشجاعةَ، الصبرَ، الكرمَ، العدلَ، الحياءَ، الحلمَ، الزهدَ مع ذكرِ أبرزِ المواقفِ التي تبرزُ هذه الأخلاق.
للمزيد يمكنك متابعة :-
كيف يمكننا دعم الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الفرد والمجتمع
عمل الرسول عند خديجة قبل أن يتزوجها في
المراجع