قول المالكية بالخلع
أكد جمهور العلماء على مشروعية الخلع لأن الناس يحتاجون إليه، حيث قد يحدث نزاع وشقاق بين الزوجين؛ فقد تكره المرأة زوجها وتبغض العيش معه لأسباب خلقية أو خُلقية أو دينية أو صحية، وتخشى عدم قدرتها على أداء حق الله تعالى في طاعة الزوج. لذا، شرع الإسلام للمرأة خيار الخلع كطريقة للخلاص من الزوجية، وذلك للحفاظ على مصلحتها ورفع الحرج والضرر عنها، مقابل دفع مبلغ من المال للزوج. وفي هذا المقال، سنتعرف على أحكام الخلع عند المالكية بخاصة، لذا تابعوا معنا على هذه الموسوعة.
تعريف الخلع
لغةً
يعني الخلع إزالة شيء ما، ويشير إلى خلع الملابس، ويطلق هذا المصطلح لأن كل شريك من الزوجين يلبس ملابسًا للآخر، لذلك إذا أزيلت الملابس فإن كل شريك يخلع ملابس الآخر.
شرعًا (عند المالكية)
الطلاق هو استخدام العوض كوسيلة للتخلص من الزواج، أو إزالة الحماية بدون سبب من الزوجة أو غيرها.
دليل مشروعيته
دل على مشروعية الخلع الكتاب والسنة وإجماع الأمة:
الكتاب
قال تعالى:
- لا يحمل أي إثم على الزوجين فيما تفدي به) {229 – البقرة}.
- (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا){4-النساء}.
السنة
حديث عبد الله بن عباس الذي فيه: (جاءت امرأة من ثابت بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، ليس لي شك في الخلق والدين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل ترغبين في أن تحتفظي بحديقته؟ فأجابت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها ثابت: قبل الحديقة وأطلقها تماما).
الإجماع
تم الاتفاق بإجماع الأمة الإسلامية على مشروعية الخلع ما عدا رأي أبي بكر بن عبد الله المزني، ولكن الرأي الصحيح هو رأي الجمهور مع اختلافهم في بعض الأحكام.
قول المالكية بالخلع
ذكر المالكية أن للخلع أربعة ألفاظ يقع بها وهي:
- الخلع.
- المبارأة.
- الصلح.
- الفدية أو المفاداة.
وفقا للمذهب المالكي، تعني الخلع بذل المرأة لتعويض طلاقها، بينما يشمل الصلح على بعض المصالح والفدية على أكثر من ذلك، ويشير المبارأة إلى التخلي عن حقوقها فيه.
شروط الخلع عند المالكية
اشترط المالكية شرطين لمشروعية الخلع وهما:
- أن يكون خلع المرأة اختيارًا منها.
- أن يكون لها حب في مفارقة الزوج من دون إكراه أو ضرر.
في حالة عدم تحقيق أي من الشروطين، يتم تنفيذ الطلاق ولا يمكن تنفيذ الخلع.
وهناك شروط أخرى متعلقة بالخلع وهي:
- أهلية الزوج في إيقاع الطلاق.
- كون الزوجة محل الخلع.
- يمكن لبدل الخلع أن يكون مهرًا مناسبًا.
- ويجب أن يكون ما يتم تقديمه للرجل مما يمكنه تملكه وبيعه.
- لا يجب أن يؤدي الإقراض إلى ما هو غير مشروع، مثل الخلع على السلف أو تأخير الدين.
أركان الخلع عند المالكية
وهو رأي الجمهور ما عدا الأحناف، فعند الجمهور والمالكية:
- القابل: هو الشخص الذي يلتزم بدفع العوض سواء كانت الزوجة أم غيرها.
- الموجب: الزوج أو وليه أو وكيله.
- العوض: هو الشيء المخالع به.
- المعوض: بُضع الزوجة أي الاستمتاع بها.
- الصيغة: مث خالعتك أو خلعتك على كذا.
حكم أخذ بدل الخلع عند المالكية
- إذا كان الزوج يشعر بالنفور من زوجته، فإنه يمكنه أن يأخذ جوازًا بدلاً من المهر، ولا ينصح بأن يأخذ أكثر مما أعطاها.
- إذا كان الزوج ينفر من الزوجة، فلا يحق له أخذ عوض منها.
- إذا كان الرفض متبادلاً يجوز له أن يأخذ المقابل منها.
الخلع على بقاء الولد حتى البلوغ
أفتتح المالكية إمكانية خلع المرأة لزوجها في حال اتفقا على هذا الشرط، وذلك لأن مدة حضانة الطفل عندهم تستمر حتى البلوغ، مما يعطي الأمل للفتاة بالزواج.
الخلع على إسقاط الحضانة
في الفقه المالكي، يمكن للأب أن يحصل على حق حضانة الطفل إذا تم الاتفاق على ذلك أثناء إجراء خلع الزوجية، شريطة أن لا يتعرض الطفل لأي ضرر، وأن يكون الأب قادراً على رعايته. ومع ذلك، ينص المفتي المالكي على أن حق الحضانة ينتقل إلى الشخص الذي يلي الأم في حقوق الحضانة، وليس بشرط تلبية طلبات الزوج.
هذه بعض الأحكام الخاصة بالخلع عند المالكية، وتم اقتباسها من أبحاث الدكتور كمال مختار إسماعيل حميدة بالإضافة إلى بعض الأبحاث الأخرى، ونأمل أن تكون قد أفادتكم في هذا الموضوع، وتذكروا أن الطلاق والخلع هما من الأشياء البغيضة إلى الله، فاجعلوا الخلع السبيل الأخير في هذه القضية، وتذكروا قول الله تعالى: “وَالصُّلْحُ خَيْرٌ” {النساء: 128}، ودمتم في أمان الله. (الموسوعة)