الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

بحث عن علم التفسير ونشأته

f0a2b13fc6a2ab49d8a0dd05591535f2 | موسوعة الشرق الأوسط

يعد علم التفسير من أهم العلوم وأشرفها وأفضلها، لأنه يتعلق بكلام رب العالمين. ولا يوجد شرف أو فضل أعظم من فهم المراد من كلام الله عز وجل. إذا كنت تريد التعرف على الله عز وجل، فعليك بفهم كلامه، فإذا فهمت كلامه، فقد عرفت الله من كلامه. يتصدر علم التفسير في التأليف، ويحظى بشعبية كبيرة من قبل محبي العلوم الشرعية وغيرهم، وذلك بسبب دوره الفعال في تثبيت عقيدة المسلم وإظهار أن ما يتبعه هو الحق ولا يوجد حق سواه. فهم معاني القرآن الكريم بشكل خاطئ قد يؤدي بصاحبه إلى النار، لأنه إذا كان فهمه لكلام الله خاطئًا، فإن تطبيقه لمراد الله سيكون خاطئًا أيضًا، وسيقع في المحظور لا محالة.

جدول المحتويات

بحث عن علم التفسير ونشأته

نشأته وتطوره

ظهر علم التفسير مع ظهور القرآن الكريم، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر أصحابه بكتابة الآيات فور نزولها، ثم يشرحها لهم لفهم معانيها وتفسيرها.

حتى النبي المصطفى، عندما كان ينزل جبريل -عليه السلام- عليه بآية من القرآن، كان يرددها وراءه خوفًا من أن ينسى أي شيء من هذه الآية، أو الآيات التي نزلت عليه. وكان يسأل جبريل -عليه السلام- عن تفسير تلك الآيات التي أنزلها الله -تعالى- عليه. وعندما حدث هذا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنزل الله -تعالى- في سورة القيامة مخاطبًا نبيه (ثم إن علينا بيانه) .

تكفل الله تعالى لنبيه المصطفى بالحفظ والضمان والبيان للقرآن الكريم، وبدأ تفسير القرآن في حقيقته من خلال سؤال النبي صلى الله عليه وسلم جبريل، ثم من خلال بيان النبي المختار لأصحابه.

بعد ظهور الفتوحات الإسلامية الواسعة وانتشار الإسلام في جميع أنحاء العالم بمشيئة الله، اعتنق كثيرون من غير العرب الإسلام، ونحن نعلم أن القرآن نزل باللغة العربية الفصحى، وبالتالي قد تكون بعض معاني القرآن الكريم غير واضحة لهؤلاء الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام. ولذلك، يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى توضيح بسيط لمعاني القرآن الكريم.

تكفل الصحابة بتفسير القرآن للذين اعتنقوا الإسلام حديثًا، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أعرابًا أقحاح، ويجيدون اللغة بشكل أفضل، ونزل القرآن تحديًا للعرب، فلا يمكن فهم القرآن الكريم بشكل صحيح إلا إذا تعلم اللغة العربية بشكل صحيح.

أشهر المفسرين

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أول من فسر القرآن الكريم لأصحابه، لكن تفسيره لم يشمل القرآن كاملاً، وإنما كان يركز على المعاني الخفية التي كانت صعبة على الصحابة فهمها. وكان تفسير الصحابة أوسع بكثير من تفسير النبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأن الوافدين الذين اعتنقوا الإسلام لا يجيدون اللغة العربية، لذا كانت الحاجة إلى تفسير القرآن أكثر من تفسيرات النبي المصطفى لأصحابه.

وكان عبد الله بن عباس-رضي الله عنه- أحد أشهر مفسري الصحابة، وأكثرهم ذيوعا وعلما، فلقد دعا له النبي – صلى الله عليه وسلم- بقوله: “اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل”، فكان أكثر الصحابة رضوان الله عليهم جميعا يتقنون فقه دين الله عز وجل، وتأويل المفاسد أو الغامضة التي كانت تخفى عن غيرهم، ورزق الله عز وجل عبد الله بن عباس الفقه والتأويل ببركة دعاء النبي المختار.

عبد الله بن عباس كان في عصره من بين المفسرين الرائدة، فلم يكن هناك شيء في كلام الله تبارك وتعالى يخفى عليه. كان الناس يذهبون إليه للتفسير وكتابة التفاسير، وتُذكر قصة نافع بن الأزرق والأسئلة التي طرحها عليه والتي تظهر براعته في هذا المجال.

حيث جاء نافع بن الأزرق يقول له: قالوا لابن عباس: أنت أعلم الناس بتفسير كلام الله، فقال: نعم، فسأله نافع بن الأزرق عن بعض الأمور، فرد ابن عباس عليه بتفسير الكلمة المبهمة وشرحها له. ثم سأله نافع: هل عرف العرب ذلك؟ فأجابه ابن عباس: نعم، وأتى بدليل من كلام العرب يدعم هذا التفسير. ويدل ذلك على مدى إتقان عبد الله بن عباس للغة العربية ودوره في تفسير ما كان مبهما في القرآن وأوضحه للناس.

توالت جهود الصحابة في فهم مفاهيم الدين، ومن بينهم من كانوا ماهرين في تأويل الألفاظ مثل عبد الله بن مسعود وغيره، وتم نقل هذه المعرفة إلى التابعين، والذين كانوا بقيادة الحسن البصري وعبد الله بن جبير. وظهرت بعد ذلك تفاسير متخصصة، بما في ذلك تفاسير تخصصت في بلاغة اللغة مثل تفسير الكشاف للزمخشري وغيرها، إلى جانب التفاسير الأخرى مثل تفسير الطبري وأبس السعود. وانتهت هذه المحاولات بتفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي، وما زالت هذه المحاولات مستمرة حيث يُدافع الأفراد الماهرون عن الدين ومفاهيمه وعن الفهم الصحيح لكلام رب العالمين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى