ما معنى مقنعي رؤوسهم
ما معنى مقنعي رؤوسهم
تضم سورة إبراهيم العديد من المعاني والوصفات لحالة الظالمين في يوم القيامة، ومن بين تلك الآيات، الآية التالية:
“مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ“
(سورة إبراهيم: الآية 43).
كما هو معتاد في آيات القرآن الكريم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر معنى الآيات ونقلها لنا علماء الدين، ومنهم من قال ما يلي:
- اتجه البعض ومنهم الأصفهاني: يأتي مصطلح `مقنعين` من كلمة `قناع`، وهو الشيء الذي يستخدم لتغطية الرأس، وقد وصف الله تعالى بهذه الصورة للتعبير عن درجة فقر وذلًّا كانوا يعيشون فيها، على الرغم من تفاخرهم وتعاليهم على الآخرين أثناء تجوالهم في الأرض.
- قال الزمخشري: يفسر بعض علماء اللغة العربية مقنعي رؤوسهم بأنهم يخفضونها للدلالة على الذل والمهانة التي يشعرون بها، حيث يكون هذا العمل واضحًا وصريحًا أمام الناس.
- يمكن تفسير الكلمة بأن الظالم يرفع رأسه بسبب شدة الهلع والخوف من ما يراه أمامه.
- يرى بعض العلماء أن المعنى الحقيقي للآية هو انحناء الرأس بسبب الذل والاستسلام.
- فسرها البعض على أنها رفع البصر دون الرمش بالعين.
- باختصار، لأن العلماء اتفقوا على أن هذا التفسير يدل على مدى الذل والهوان الذي يشعر به الظالم يوم القيامة لما فعله من تفاخر وظلم في حياته.
معنى كلمة مهطعين
بعدما تعرفنا على معنى كلمة `مقنعي رؤوسهم`، يتعين علينا معرفة تفسير الآية الأخرى، وسوف نوضح ذلك في النقاط التالية:
- يصف الله حال الظالمين بأنهم عندما يدعوهم المنادي يوم القيامة إلى المحشر، يسارعون بالذهاب مهطعين، أي يتسارعون ويخافون.
- بالإضافة إلى أن الظالمين يشعرون بالذل والتكسر، فإن الله يقول مُقني رؤوسهم، ليؤكد بذلك مدى المهانة التي يشعرون بها نتيجة ظلمهم.
- يجب التنبيه إلى أن هناك بعض العلماء الذين يرون أن معنى كلمة مهطعين هو الشخص الذي لا يرفع رأسه.
معنى كلمة لا يرتد إليهم طرفهم
يؤكد الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية على حالة الخوف الشديد التي يشعر بها الظالمون يوم القيامة بسبب رؤيتهم الأحداث الرهيبة التي تحدث حولهم، ولا يستطيعون تحمل مشاهدتها.
لأنهم لا يستطيعون السيطرة عليه في هذا الوقت، فإنهم يرىون فقط ولا يمكنهم إخفاء ما يحدث حولهم أو إغلاق أعينهم أو تغيير ذلك، فهم متجمدون ولا يمكنهم الحركة.
معنى كلمة أفئدتهم هواء
تنتهي الآية الكريمة بالقول: أفئدتهم هواء، ولقد اختلف العلماء في تفسير هذا الجزء، وسنوضح ذلك فيما يلي:
- يقول البعض إنها خالية من أي مصدر للطمأنينة، وامتلأت في ذلك الوقت بجميع أسباب الخوف والقلق.
- لجأ بعض علماء اللغة العربية إلى تفسير عبارة `أفئدتهم هواء` على أنها تعني فراغًا من الوعي وعدم الإدراك بسبب الخوف والذعر الذي يصيبهم.
- معنى كلمة هواء في اللغة يعني المجوف الخالي، أي أن أفئدتهم، أي قلوبهم، خالية في تلك اللحظة من معاني الأمان، وممتلئة فقط بالهم والخوف، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى:
وأم موسى أصبحت قلبها فارغا، وكادت أن تفضح الأمر لولا أن ربطنا قلبها، وهكذا صارت من المؤمنين
(سورة القصص: الآية 10).
أي أن فؤادها أصبح خاليًا من أي شيء غير الهم والخوف على ولدها موسى (عليه السلام).
المستفاد من الآية الكريمة
بعدما تعرفنا على تفسير الآية، يجب أن نذكر المستفاد منها، وهو أن يوم القيامة ليس كمثل يوم في الدنيا، حيث يتم استرداد الحقوق لأصحابها، وينتصر المظلوم على الظالم، ويتم إقامة العدل الذي تبادر به الله في الكلمة الأولى، وسيكون الصالحون بوجوه مشرقة مبتهجة مطمئنة بما فعلوه في الدنيا.
عندما يكون وجه الظالمين مسودًا ولا يستطيعون رفع رؤوسهم من الهوان والذل، فإنهم لا يمكنهم خفض رؤوسهم مرة أخرى أو إغماض عيونهم، ولذلك يجب علينا جميعًا مراقبة أفعالنا في الحياة والخوف من العذاب المنتظر لكل ظالم.
وصف الله ليوم القيامة
وصف الله سبحانه وتعالى يوم القيامة والأحداث التي ستحدث فيها في آياته الكريمة، كما حدّثنا الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) عن بعض الأحداث التي ستحدث في ذلك اليوم، ومن بين تلك الأحاديث:
يتمسك الله تعالى بالأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟
(أبو هريرة: صحيح).
في يوم القيامة، سيتعرق الناس حتى يذهب عرقهم في الأرض بمسافة سبعين ذراعا ، وسيتوقفون حتى يصل صوتهم إلى آذانهم
( أبو هريرية : صحيح).
تتضمن بعض الآيات الكريمة وصفًا للناس يوم القيامة، من بينها:
“فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ“
(سورة المؤمنون: الآية 101).
من بين تلك الآيات توجد الآيات المشهورة في سورة إبراهيم، ومنها الآية التي وصف فيها الله حال الظالمين يوم القيامة:
“مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ“
(سورة إبراهيم: الآية 43).