مهن الانبياء واعمالهم
تعرف على مهنة الأنبياء وأعمالهم، فالسعي للرزق والعمل بجد والإجتهاد هي من المتطلبات التي نقوم بها لتعمير الأرض، ويتم تسخير الناس لبعضهم البعض حتى يتم إصلاح الأرض وتعميرها، وأمرنا الله عز وجل بذلك، فالعمل يعتبر عبادة وقال الله تعالى في كتابه الكريم: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، وقد أمر نبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالعمل أيضاً للحصول على الأجر من الله سبحانه وتعالى، حيث قال في حديثه: (مَنْ بَاتَ كَالَّذِي عَمِلَ عَمَلَهُ بَاتَ مَغْفُورًا لَهُ). فمن يعمل بجد واجتهاد وإتقان ابتغاء مرضاة الله عليه أولاً ثم الكسب ثانياً، يعطيه الله من نعيمه ويزيده أكثر مما يتمنى، ويغفر له ذنوبه أيضاً.
أرسل الله الرسل والأنبياء للناس بغرض التمييز بينهم وبينهم، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم كانوا يعيشون حياتهم كالبشر العاديين، وكانوا يعملون بجد واجتهاد لتأمين احتياجاتهم الأساسية من الطعام والشراب والملابس والمسكن. فقبل أن يصبح رسولًا، كان النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يعمل في التجارة لدى السيدة خديجة بنت خويلد قبل أن يتزوجها، وقد تم اختياره لهذه الوظيفة بسبب أمانته وصدقه اللذين تميز بهما وكانا معروفين بين الناس، وبعدما عمل النبي محمد في تجارة السيدة خديجة، ازدهرت تجارتها. بالإضافة إلى ذلك، عمل رسولنا الكريم في رعاية الغنم في بداية حياته العملية مع عمه أبي طالب حين كان صغيرًا ويعيش معه.
قام جميع الأنبياء، عليهم أفضل الصلاة والسلام، بممارسة مهن مختلفة في الدنيا، على الرغم من عدم وجود روايات موثقة عن المهن التي كانوا يمارسونها، ولكن يمكننا استنتاجها من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة من بعض الإشارات التي ذُكرت فيها. فقد ورد في القرآن الكريم عن نبي الله نوح، عليه أفضل الصلاة والسلام، أنه كان يبني السفن، حيث صنع سفينة وحمل من كل زوجين اثنين، ثم أتى الطوفان ونجا الذين آمنوا بالله ورسله منها، وهذا يدل على أنه كان يعمل كنجار. كما كان نبي الله داوود يصنع الدروع وغيرها من الأشياء، حيث ذكرت الآية الكريمة (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون). وقد ذُكر أيضاً أن نبي الله إدريس، عليه السلام، كان يعمل كخياط، ويقال أنه كان أول من صنع الثياب التي كان يرتديها الناس في ذلك الوقت، وكان يصنعها من جلود الحيوانات،
يروي بعض الأحاديث أن نبي الله إبراهيم كان من أشهر التجار في ذلك الوقت وكان يتاجر في الأقمشة.
لذلك، يجب أن نعرف جميعاً أن العمل هو أساس الحياة الإنسانية، وهو أمر حث عليه رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وذُكِرَ هذا الأمر أيضاً في جميع الديانات الأخرى، فالعمل هو ضرورة من ضروريات الحياة، ولا يمكن العيش بدونه. وورد عن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قوله: (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه). وورد في آية أخرى قول الله تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً، فامشوا في مناكبها، وكلوا من رزقه، وإليه النشور). حيث سخر الله لنا الأرض وما فيها، كي نجتهد ونعمل بجد وبكل إتقان ومهارة وإخلاص، اقتداء بالأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين.
أرسل الله تعالى الأنبياء والرسل كمثل وقدوة للبشرية في كل مكان على الأرض، وجعل لكل منهم مهنة خاصة بالرغم من أنهم لم يحتاجوا لهذه المهن بسبب فضلهم ومكانتهم العالية، ولكنه اختار لهم مهنًا لحكمة يتبعهم الناس فيما بعد ويتعلمون منهم. وكان الأنبياء يعملون بجد ومهارة وإتقان وضمير مرتفع، وهم خير خلق الله. وأرسل الله تعالى سيدنا محمد عليه السلام ليعمل في التجارة مع السيدة خديجة بنت خويلد، وعندما تزوجها، كلفها بإدارة أموالها وتجارتها، وكان رسولنا الكريم خيرًا في ممارسة هذه المهنة بسبب أمانته وصدقه وإخلاصه، وكانت التجارة تزدهر لدى السيدة خديجة بعد أن عمل الرسول فيها. وكان رسول الله يعمل كراعي للأغنام عند عمه أبي طالب الذي رباه بعد وفاة جده عبد المطلب، وأوصاه عليه خيرًا قبل وفاته، لأنه كان الشخص الذي رباه بعد وفاة والدته ووالده.
دليل مهن الانبياء واعمالهم :
مهنة نبي الله إدريس عليه السلام :
كان النبي إدريس يعمل كخياط وحياك، وكان أول من قام بخياطة الثياب، وقد كان الناس يلبسون ما يُصنع، ولذلك كان يستخدم جلود الحيوانات في صنع الثياب التي لم يصنع مثلها أحد من قبل.
مهنة نبي الله نوح عليه السلام :
عمل نبي الله نوح عليه السلام في رعاية الأغنام، ولكنها لم تكن مهنته الأساسية، إذ عمل في حرفة النجارة التي كان يتقنها بشكل كبير. وقام بصناعة سفينة نوح، التي ذُكرت قصتها في جميع الديانات السماوية. وأمره الله تعالى بصناعتها قبل الطوفان والغرق الذي أغرقه الله لمن عصاه حينها. وفي كتاب الله الكريم، ذُكرت الآية التي قال فيها سبحانه وتعالى: (فأوحينا إليه أنِ اصنعِ الفُلْكَ بأعيُنِنَا ووحْينَا فإذا جاء أمرنا وفَارَ التَّنُّورُ فاسْلُكْ فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلَكَ إلاَّ من سبقَ عليه القولُ منهم ولا تخاطبني في الَّذين ظَلَموا إنَّهم مُغرَقُون).
مهنة نبي الله داوود عليه السلام :
نبي الله داوود عليه السلام كان يعمل في مهنة الحدادة، وكانت معجزته في تليين الحديد بأشكال عجيبة لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها مثله، فيقوم بصناعة الدروع والأسلحة منه، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وألنا له الحديد).
مهنة نبي الله موسى عليه السلام :
رعى نبي الله موسى عليه السلام الغنم، ولم يرسل الله أي نبي إلا ورعى الغنم، ومنهم نبي الله موسى عليه السلام.
مهنة نبي الله إبراهيم عليه السلام :
أعطاه الله البراعة في تجارة الأقمشة ورعاية الأغنام. والسبب الذي جعل الله جميع الأنبياء يعملون في رعي الأغنام هو تعزيز التأمل الروحي وترسيخ الإيمان بالله، وزيادة الحكمة لديهم. فالعمل هو أمر أساسي حثنا عليه رسولنا الكريم، وتم ذكر كل مهنة لكل نبي في القرآن الكريم والأحاديث النبوية كي يكونوا قدوة لنا في ذلك.
وكما نعلم، فإن الأنبياء والرسل هم قدوة للبشرية، إذ عملوا في مهن مختلفة لنشر الرسالة التي وكلهم الله بها، ولتحفيزنا على العمل بجدية حتى يرضى الله عنا، فالعمل هو عبادة. وقد تمثّل عمل الأنبياء، جميعهم، في مهمة رفع الوعي بتعاليم الله الإسلامية ونشر الرسالة وتعريف الناس بالله وإرشادهم على عبادته وحده دون شريك.