الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

صبر الإمام مسلم في طلب العلم

الامام مسلم بن الحجاج | موسوعة الشرق الأوسط

يعود تاريخ ميلاد الإمام مسلم بن الحجاج إلى عام 206 هجري و 821 ميلادي، وفقًا للمؤرخين. وقد ولد في مدينة نيسابور، المدينة التي تشتهر بالعلم والتقدم والحضارة، والتي تعتبر مركزًا لعلم الأحاديث والرواية. وكان والده مشهورًا بالعلم في البلاد، ولذلك قام بتعليمه وإرساله إلى أفضل أماكن تعليم العلوم، وخاصة علم الحديث، بسبب اهتمام الصبي الصغير بهذا العلم عندما كان في الثامنة من عمره.

• كان الإمام يحيى بن بكير التميمي من بين المشايخ الذين كانوا يدرسون الصبيان ويعلمونهم، وقد سمع الصبي المسلم بن الحجاج الحديث النبوي الشريف لأول مرة منه. ومنذ ذلك الحين، نما حب الحديث الشريف في قلب الصبي، وأصبح يفعل أي شيء من أجل سماعه ودراسته، وكان ذلك عندما كان الصبي في الثامنة من عمره. كان عمل المسلم بن الحجاج في التجارة، ولكنه كان يمتلك الضيعات والأملاك التي تمكنه من أن يكون متفرغًا للطلب والسفر من بلد إلى آخر في أنحاء مختلفة للحصول على العلم.

صبر الامام مسلم في طلب العلم

• في سنوات شبابه، كان الإمام مسلم يسافر مع طلبة العلم إلى الحجاز لطلب العلم. وقد قام الإمام مسلم بأداء فريضة الحج عندما كان عمره لا يتجاوز 14 عامًا، وتعلم العلم من عدة علماء ومشايخ في الحجاز، بما في ذلك إسماعيل بن أويس وسعيد بن منصور. وتنوعت رحلات الإمام مسلم لطلب العلم إلى العديد من المناطق، بما في ذلك الشام ومصر والبصرة والكوفة وبغداد والري.

• خلال سفره، التقى الإمام مسلم بأكثر من مائة عالم وإمام، بما في ذلك الإمام البخاري، صاحب كتاب صحيح البخاري، وأمير المؤمنين في الحديث الشريف. وقد درس الإمام مسلم تحت إشراف الإمام البخاري وتابع أسلوبه وتعلم منه، وكان يحبه ويحترمه كثيرًا بين العلماء. وتعلم الإمام مسلم أيضًا من عدد كبير من العلماء، بما في ذلك الإمام محمد بن يحيى الذهلي، أمير أهل الحديث في خراسان، والحافظ الدرامي، صاحب كتاب مسند الدرامي، وأبو زرعة الرازي المعروف بمحدث الري، والإمام عبد الله بن مسلمة المعروف باسم القعنبي.

• وهب الله تعالى الإمام مسلم بن الحجاج عقلاً نابغاً وذاكرةً جيدةً، وأثنى علماء الدين على الإمام مسلم حتى وهو صغيرٌ، فأثنى الإمام إسحاق بن راهويه في نيسابور على الإمام مسلم، وأشاد الإمام محمد بشار بالإمام مسلم قائلاً إن هناك أربعة من حفاظ الدنيا هم الإمام أبو زرعة الرازي في الريّ، والإمام عبدالله الدرامي في سمرقند، والإمام محمد بن إسماعيل في بخارى، والإمام مسلم في نيسابور.

• ذاع صيت الإمام مسلم بصورة كبيرة بعد إصداره لكتابه “صحيح مسلم”، الذي حظي بذكر وثناء جيد إلى يوم القيامة، كما قال النووي في مقدمة شرحه للكتاب. وقد بدأ الإمام مسلم في تأليف هذا الكتاب وهو في سن صغير، حيث كان يبلغ من العمر تسعة وعشرين عامًا. وقد تمكن من إتمام هذا الكتاب في سن صغير، بسبب اطلاعه الواسع وسفره واستماعه للأئمة العظام من أهل الحديث الشريف. وقد انتهى الإمام مسلم من كتابة هذا الكتاب بعد خمسة عشر عامًا من البحث والتأليف، ليظهر في صورته النهائية في العام 250 هجري الموافق لعام 864 ميلادي.

• قام الإمام مسلم بجهود كبيرة في تجميع الأحاديث الشريفة في كتابه، وذلك بعد اختيارها من ثلاثمائة ألف حديث شريف سمعها خلال رحلاته واطلاعه ولقائه بكبار الأئمة والعلماء. وقد ضم كتاب صحيح مسلم عدد 3033 حديث شريف بدون تكرار، وكان إجمالي عدد الأحاديث الموجودة في الكتاب 7395 حديث شريف بالتكرار، وكانت هناك عشرة أحاديث لم يُذكر شواهدها في مقدمة الكتاب.

• رتب الإمام مسلم بن الحجاج الأحاديث في كتابه “صحيح مسلم” على شكل كتب، حيث قسم كل كتاب إلى فصول. وأشار العالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي إلى أن مجموع كتب “صحيح مسلم” بلغ 54 كتابًا. وبدأ “صحيح مسلم” بكتاب الإيمان، الذي يتضمن العديد من الفصول، مثل باب النصيحة في الدين، وباب بيان خصال المنافق، وباب بيان تحريم الكبر. وبعد كتاب الإيمان جاء كتاب الطهارة، ثم كتاب الحيض، ثم كتاب الصلاة. وأما الكتاب الأخير، فهو كتاب التفسير.

• من إحدى جهود الإمام مسلم في كتابه صحيح مسلم، كان تجميع الأحاديث الشريفة في موضع واحد، وجمع الأسانيد والألفاظ المختلفة لها، مما أدى إلى تسهيل دراسة الحديث الشريف للطلاب والمتعمقين في هذا المجال، وتوضيح الفروق بين الأحاديث الشريفة المختلفة. وقد قبل العلماء المسلمون صحيح مسلم ووضعوه بجانب صحيح البخاري، وقاموا بالمقارنة بينهما، حتى أن بعض العلماء قد فضلوا صحيح مسلم على صحيح البخاري، والبعض الآخر أشار إلى أن صحيح البخاري هو الأفضل في صحة الأحاديث، بينما صحيح مسلم هو الأفضل في الأسلوب السهل والترتيب والتنظيم للأحاديث الشريفة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى