الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة
الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة
يشعر الجميع بالخوف عند تذكر ما يخيف أو التعرض لمواقف مخيفة، وهذا يعد نوعًا من الاضطرابات التي تؤثر على القلب. ومع ذلك، هناك فرق بين الخوف الذي يشعر به الشخص بشكل عام والخوف الذي يشعر به في أوقات العبادة، وفيما يلي نتعرف على الفرق بينهما:
خوف العبادة
يعني خوف العبادة خوف الناس من الله عز وجل، وقد أكد علماء الدين أن خوف العبادة ينقسم إلى ثلاثة أنواع، ونتعرف عليها من خلال النقاط التالية:
- الخوف المساعد على أداء العبادات: هو الخوف الذي يحث صاحبه على القيام بالعبادات المختلفة، بما في ذلك النوافل والأذكار والاستغفار، وذلك لرغبته في التقرب من الله عز وجل وتجنب غضبه، والحصول على رضاه.
- الخوف من فعل المعاصي: الورع هو الخوف الذي يبعد الإنسان عن الإثم والمعاصي، خاصة المعاصي الكبيرة، ويأتي مع أداء العبادات.
- الخوف من المانع لأداء العبادات: الخوف من الله هو نوع من الخوف السلبي، حيث يخشى المسلم عقاب الله “عز وجل” بما يحفزه على الاقتراب منه وأداء العبادات المفروضة عليه.
يذكر الله “سبحانه وتعالى” الخوف في كتابه العزيز في العديد من المواضع، وسنتعرف أدناه على بعض هذه المواضع:
وسنختبركم ببعض الخوف والجوع والنقص في الأموال والأنفس والثمرات، وبشر المتحملين الصعاب.
“سورة البقرة، الآية: 155”.
عندما يأتي الخوف، سترى أعينهم تحوم حولك كما يحدث للشخص الذي يغشى عليه الموت. وعندما يزول الخوف، سيتحدثون عنك بكلمات حزينة وأسى بسبب الخير الذي حدث. هؤلاء الناس لم يؤمنوا، ولذلك فشلت أعمالهم وكان ذلك سهلا على الله”. (الآية 153 من سورة آل عمران).
“سورة الأحزاب، الآية: 19”.
“إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ“.
“سورة آل عمران، الآية: 175”.
وهم فرحون بما أنعم الله بهم من فضله ويبشرون بمن لم يلحقوا بهم من خلفهم: لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
“سورة آل عمران، الآية: 170”.
فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
“سورة المائدة، الآية: 44”.
في تلك الآيات، بيّن الله تعالى أن الخوف يجب أن يكون موجهًا فقط له، ولا ينبغي أن يكون لأي مخلوق آخر. كما بين الله في هذه الآيات حال الذين يخافون عذابه في يوم القيامة بسبب ذنوبهم في الدنيا أو عدم أدائهم للعبادات. وأكد الله العز والجل في هذه الآيات على أن الخوف من الأمور التي يُبتلى بها الناس، ويفعل ذلك الله ليختبر صبرهم ويجزيهم في الآخرة والدنيا.
الخوف الطبيعي
الرهاب هو الخوف الذي ينتاب الإنسان نتيجة تعرضه لمواقف مخيفة، أو نتيجة تخيله للكثير من الأمور التي جعلته إنسانًا جبانًا يخاف من الوهم، وهناك نوعان من الرهاب ويمكن التعرف عليهما من خلال النقاط التالية:
- الخوف المحمود: الخوف الطبيعي هو نوع من الخوف يحمي الإنسان من المخاوف المتعلقة بالحياة، ويساعده على التأقلم معها، ويشمل الخوف من الاحتلال، والذي يدفع الشخص لحماية نفسه من الأعداء باستخدام وسائل الحرب المختلفة، والخوف من الامتحانات، والذي يحفز الفرد على المذاكرة وزيادة المعرفة لتحقيق النجاح، والخوف من الفشل، والعديد من الأنواع الأخرى التي تحفز الشخص على التحرك للأمام بإيجابية، أو تحتويه على الأمور الخطيرة في حياته.
- الخوف الغير محمود: الرهاب هو شعور بالخوف الشديد والغير مبرر، مثل الخوف من العقاب دون ارتكاب أي مخالفة، أو الخوف من فعل شيء ما بسبب توقع النتائج السلبية، مما يجعل الشخص يشعر بالحذر والخوف من كل الأمور المحيطة به، ويصبح جبانًا ولا يمكن الاعتماد عليه في الحياة.
“وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا“.
“سورة الجن، الآية: 6”.
الآية التي تدل على جواز الخوف الطبيعي هي
ذُكر في القرآن الكريم العديد من الآيات التي وصفت حال العباد في الكثير من المواقف، ومن بين تلك الآيات ، يتضح أن الخوف الطبيعي من الأمور الجائزة للمؤمن في حالة عدم دفعه لارتكاب المعاصي والذنوب، وهي الآية:
“فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ“.
“سورة القصص، الآية: 21”.
متى يكون الخوف الطبيعي معصية
يمكن أن يتحول الخوف إلى معصية لله “سبحانه وتعالى: ذلك يحدث إذا كان المؤمن مضطرًا إلى الامتناع عن أداء العبادات، أو كان يخشى ذي السلطان والقوة في الأرض بشكل مفرط، مما يؤدي إلى ارتكاب المعاصي بهدف الحصول على الأمان من بطشه أو للحصول على رضاه، وهناك نوع آخر من الخوف وهو خوف من السحرة والدجالين، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي بالشخص إلى الشرك بالله، ونتمنى اللجوء والاستعانة بالله من ذلك.
خوف الشرك
الخوف الاعتقادي أو خوف السر هو الخوف من العبادة، وهو النوع الذي يخشاه العبد من خلال العبادة بما يمكن أن يوصله للشرك مع الله، وهو الشرك الأكبر الذي نهى الله عنه وأكد على أنه يخرج من دين الإسلام. ويأتي ذلك في الآيات التالية:
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما.
“سورة النساء، الآية: 48”.
“وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ“.
“سورة الزمر، الآية 65”.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذا النوع من الخوف أن يولد خوفًا من السحرة والكفرة، مما يدفع الشخص إلى اللجوء إليهم للقيام بالأمور التي يخاف منها في الحياة أو لتحقيق ما يرغب فيه، مثل الزواج أو النجاح في العمل، وغير ذلك من الأمور التي لا يستطيع الشخص تحقيقها إلا بمشيئة الله “سبحانه وتعالى”، حتى لو تم تحقيقها في البداية عن طريق السحرة الفجرة.
الساحر لا يمكنه أن يحقق للإنسان النجاح الحقيقي، بل يخدعه بالاعتقاد أنه حقق ما يرغب فيه لفترة قصيرة من الزمن، وبعد ذلك يتذوق الإنسان مرارة الابتعاد عن الله والانحراف عن الإيمان. ذكر الله في القرآن الكريم آيات تحذر من السحرة، ومن بين الأشياء التي لا يجب أن نخشاها هي:
“وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا“.
“سورة الجن، الآية 6”.
يجب التنبيه إلى أن الشرك من الأشياء النجسة، وفقًا للآية الكريمة:
وقد قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هٰذا ۚ وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ۚ إن الله عليم حكيم.
“سورة التوبة، الآية:28”.
أسئلة شائعة
هل الخوف حلال ام حرام؟
يكون الخوف مسموحًا في حالات معينة، مثل الخوف من الله أو الخوف من أمور تستدعي الخوف في الحياة، مثل الخوف من الأعداء، بينما يكون غير مسموح به في حال دفع الشخص لارتكاب المحرمات أو ترك العبادات.
هل عدم الخوف من الله كفر؟
الشخص الذي لا يخشى الله لا يمكن اعتباره مؤمناً، لأن الخوف من الله من الأمور الضرورية في الدين والحياة، وهو السبب الرئيسي في عدم الوقوع في المعاصي وزيادة العمل الصالح والذكر.
ما الفرق بين الخوف و الخشية؟
الخشية هي الخوف الذي يترتب على المعرفة، حيث يخاف الناس من الله بعد الاطلاع على عذابه وسبل نيل رحمته. أما الخوف فيكون شعور القلب بالاضطراب بسبب التعرض لأمر مخيف أو إحدى مسببات الخوف في الحياة.