بحث عن قضية فلسطين
عند البحث عن قضية فلسطين، يأتي على بالك أولاً صورة الطفل محمد الدرة وهو يحتمي بوالده من نيران العدو الإسرائيلي الغاشم، التي لم ترحم طفولته ولم تردعه صرخاته عن إطلاق النار وإنهاء حياته. موقع الموسوعة يقدم لك بحثًا شاملاً عن قضية فلسطين، وتاريخ نشأتها، وأشهر حروبها، وتأثير تلك الحروب على القضية.
المقصود بالقضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية” هي المصطلح الذي يشير إلى “الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” الذي بدأ في عام 1897 مع المؤتمر الصهيوني الأول ولا يزال مستمراً حتى الآن، وهو صراع سياسي تاريخي إنساني بين الاتجاه الصهيوني ودول العالم الكبرى التي تؤيد ذلك، وبين دولة فلسطين التي احتلتها إسرائيل وارتكبت مجازر في حقها.
يؤثر هذا الصراع بشكل كبير على توتر المنطقة وحدوث الكثير من الأزمات والحروب، وهذه القضية تحظى بالكثير من الاهتمام والانتباه من جميع أنحاء العالم، بسبب تداخل العديد من الجهات المختلفة واعتبارهم أطرافًا في هذه القضية ومن بينهم دول العالم الكبرى التي تدعم إسرائيل، بالإضافة إلى حساسية المنطقة التي يدور فيها هذا الصراع.
تاريخ القضية الفلسطينية
- تعود قضية فلسطين إلى زمنٍ قديمٍ جداً، حيث كان لليهود اطماعٌ في فلسطين دولةً قديمةً وتعود هذه الأطماع لآلاف السنين. وفي المعتقدات اليهودية، فلسطين حقٌ لليهود لأنها “أرض الميعاد” كما يزعمون ولأنهم حكموا عليها منذ آلاف السنين، وهذا الاعتقاد يُدفعهم للتمسك بحق العودة إليها مرة أخرى وهو اعتقاد خاطئٌ تماماً.
- ظهرت بعض أطماع اليهود في فلسطين في القرن السادس عشر، على يد واحد من أغنى رجال العالم اليهود وكان اسمه “يوسف ناسي.” وحاول منذ ذلك الوقت بناء مستعمرة لليهود في فلسطين، حتى يجدوا مكانا للابتعاد عن الاضطهاد الذي يتعرضون له في الغرب. وكان ذلك في عام 1530.
- في القرن التاسع عشر، بدأت الحركات الصهيونية في التشكل وتأسيس مجتمعاتها، وعُقِدَ أول مؤتمر صهيوني في بازل عام 1897م، حيث دعي لأول مرة إلى إنشاء دولة لليهود. وقرر هذا المؤتمر بناء هذه الدولة في فلسطين، ولكن المشكلة كانت حينها في أن فلسطين كانت تحت حكم الدولة العثمانية وتعتبر ولايةً من ولايات الدولة، حيث يسكنها العرب المسلمون، ونسبة المسيحيين فيها لا تتجاوز 8% فقط.
- أثارت هذه القرارات غضبًا شديدًا من قبل الفلسطينيين وجميع العرب والمسلمين، مما أدى إلى تأجيل تنفيذ المشروع حتى عام 1916 م، عندما اتفقت فرنسا وبريطانيا على تقسيم الحكم في الدول العربية بعد انهيار الدولة العثمانية وتفكك جيوشها، وأصبحت فلسطين جزءًا من الحكم المشترك بين بريطانيا وفرنسا.
- ثم جاء وعد بلفور الذي سمح لليهود بإنشاء دولة صهيونية في أرضهم وجعل هذه الدولة تحت النفوذ الإنجليزي، وتم الإعلان عن وعد إنشاء وطن لليهود في فلسطين عام 1917م، واشتهر هذا الوعد بعبارة “وعد من لا يملك لمن لا يستحق
- في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ اليهود في الهجرة إلى فلسطين من أوروبا ومن مختلف أنحاء العالم بطريقة غير قانونية، وكانت أعداد المهاجرين كبيرة للغاية، مما أدى إلى زيادة عدد السكان بطريقة غير مسبوقة. اضطرت إنجلترا في ذلك الوقت إلى إصدار الكتاب الأبيض الذي نظم هذه الهجرة ووقفها لفترة مؤقتة، ولكن هذا لم يوقف الهجرة إلى فلسطين.
قيام دولة إسرائيل علي الأراضي الفلسطينية
- مع نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، زادت الهجمات الصهيونية على إنجلترا وقواتها في فلسطين، مما دفع إنجلترا إلى إحالة القضية الفلسطينية بأكملها إلى الأمم المتحدة لاتخاذ القرار المناسب، وتم اتخاذ القرار في عام 1947 بتشكيل لجنة مسؤولة عن القضية الفلسطينية تضم 11 عضوًا.
- بعد المناقشات، تم اتخاذ قرار من اللجنة بقبول فكرة تقسيم دولة فلسطين إلى جزئين، وهو الأمر الذي رفضته الهيئة العربية العليا، ولكن المنظمة الصهيونية وافقت على هذا القرار ورحبت به، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وافقوا على تقسيم الدولة.
- بعد العديد من النقاشات، لم يتوصل الطرفان إلى حل وسط، وقامت إنجلترا بإعلان انسحابها من فلسطين، وعندما انسحبت القوات الإنجليزية من المنطقة، بدأت القوات الصهيونية في السيطرة على المناطق التي تم إخلاؤها، في حين عجزت الدول العربية عن تشكيل جيش عربي قوي للدفاع عن فلسطين.
- في الثالث عشر من مايو، وجه “حاييم وايزمان” خطابًا رسميًا إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يطالبه بالاعتراف بدولة اليهود وتأسيس دولة إسرائيل، وبعد مغادرة آخر جندي في الجيش البريطاني، أصبحت دولة إسرائيل قائمة بالفعل، واعترفت أمريكا بها كدولة مستقلة.
- بعد انتهاء الحرب، أصبحت إسرائيل دولة تحتل أراضي فلسطين الحبيبة، وسيطرت على مساحات أوسع بكثير مما كان مقررًا لها، وحاولت السيطرة على قطاع غزة، لكن مصر قامت بحمايته.
حرب 1948م واثرها علي القضية الفلسطينية
- كانت هذه أول حرب بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، يسمونها البعض حرب فلسطين، في حين يطلق الغرب عليها “الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى.” وقد نشبت هذه الحرب بين القوات الإسرائيلية وخمس دول عربية هي: “مصر، سوريا، الأردن، لبنان، والعراق.” وكان الهدف منها منع الزحف الصهيوني إلى أراضي فلسطين، حيث جاء قرار التقسيم الذي منح الصهاينة نصف الأرض، لكنهم سيطروا على الكثير من القرارات التي اتخذتها اللجنة الدولية.
- استمرت الحرب بين القوات العربية والإسرائيلية حتى يناير 1949، وانتهت بخسارة الجيوش العربية نتيجة التخطيط السيئ وعدم تنظيم الجيوش، بالإضافة إلى المؤامرات التي تعرضت لها القوات العربية، وأدت جميع هذه العوامل إلى خسارتنا للحرب وتمكين إسرائيل من السيطرة على أراضي فلسطين.
- أسفرت هذه الحرب عن خروج اللاجئين الفلسطينيين من ديارهم إلى الضفة الغربية، حيث بلغ عددهم حوالي 400 ألف فلسطيني، وتمثلت هذه الحرب في فصل من فصول القضية الفلسطينية.
- على الرغم من فشل الجنود العرب في تحقيق أمالهم وأحلامهم في تحرير فلسطين ووقف إنشاء دولة إسرائيل تمامًا، إلا أن الحرب لم تكن فاشلة تمامًا، حيث تمكنت قوات الجيش العربي من ضم الضفة الغربية إلى الأردن وقامت القوات المصرية بضم قطاع غزة.
- نتيجة للاشتباكات العسكرية، أصدر مجلس الأمن قرارًا بوقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة، ولكن قوات الجيش العربية رفضت هذا القرار، وبعد الضغط المتزايد من إنجلترا وأمريكا، اضطرت قوات الجيش العربي للموافقة على هذا القرار وعقد الهدنة الأولى في هذه الحرب.
- بسبب الإرادة الغير مستقرة للقوات العربية وقادتها، قامت القوات الإسرائيلية المحتلة بنهب وسرقة أكثر من 78% من الأراضي الفلسطينية، وهو أكثر بكثير من المقرر من قِبل لجنة الأمم المتحدة، وهذه الضربة كانت الأولى للاحتلال الصهيوني لفلسطين، ولكنها بالتأكيد لم تكن الأخيرة.
حرب 1967 ونكسة القضية الفلسطينية
- بعد التأميم الذي حدث لقناة السويس في عام 1956م، حدث العدوان الثلاثي على مصر وبعدها احتلت إسرائيل قطاع غزة لعدة أشهر.
- حدثت حرب في عام 1967 بين إسرائيل ومصر وسوريا والأردن، حيث هاجمت إسرائيل هذه الدول العربية واستولت على سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا، بالإضافة إلى بقية فلسطين والضفة الغربية وغزة.
- أعلنت إسرائيل عن ضم القدس الشرقية التي كانت تحت حكم الأردن، وأعلنت القوات الصهيونية نفسها بأنها الجيش الذي لا يقهر، وبدأت في نهب الضفة الغربية وثرواتها خاصة المائية، وأصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارًا بعد النكسة يسمح لإسرائيل بضم القدس الشرقية وجعلها عاصمة للدولة العبرية بأكملها.
- أحدثت النكسة أثرًا نفسيًا كبيرًا، حيث انشقت العديد من جماعات التحرير الفلسطينية التي كانت في بداياتها حينئذٍ، وتحولت إلى جماعات وأحزاب صغيرة تتبنى أفكارًا وأيديولوجيات مختلفة.
- واستمرت هجرة الفلسطينيين من بلادهم ونزوحهم إلى الأردن بأعداد كبيرة، بالإضافة إلى هجرتهم إلى الدول العربية الأخرى، وبدأت العديد من جماعات التحرير تظهر في الدول العربية مثل الأردن ولبنان وتونس.
لا تزال القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل للعرب والأمة الإسلامية بأكملها، ولا يزال هذا القضية تشكل العرق النابض في جبين العرب، ولا يزالون يصرون على الاستمرار في النضال من أجل حرية فلسطين واستعادة أراضيها التي تمت الاستيلاء عليها، وستبقى هذه القضية حية بيننا حتى يحررها الله وتعود فلسطين عربية وإسلامية كما كانت.