الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

بحث عن الاخلاق واهميتها

choice | موسوعة الشرق الأوسط

يتكون الإنسان من روح وجسد، فالجسد يحتاج إلى الطعام والشراب للحصول على التغذية اللازمة، أما الروح فتحتاج إلى الأخلاق كغذاء لها. لذلك، قدمت الموسوعة دراسة حول الأخلاق وأهميتها، لفهم تأثيرها على الإنسان وكيفية تأثيرها على المجتمع. فالأخلاق تلعب دورًا هامًا في تطوير ثقافة المجتمعات وتحضيرها، والمجتمعات التي تتمتع بالرقي الثقافي والاجتماعي تفضَّل الأخلاق كقيمة عليا. ودعت الشرائع السماوية جميعها إلى التحلي بالأخلاق والمكارم الفاضلة، وهذا يدل على تأثيرها على نفوس الأفراد وعلاقاتهم، وتأثيرها بالتبعية على المجتمعات.

جدول المحتويات

بحث عن الاخلاق واهميتها

تعريف الأخلاق

تُعرف الأخلاق بأنها ميزات داخلية تميز الإنسان عن الآخرين وتُشكل صورته الداخلية التي تنعكس على صورته الخارجية التي يراها الناس. فالصورة الداخلية هي التي تشكل علاقته بالله، والصورة الخارجية هي التي تظهر علاقته بالناس. وإذا كانت الصورة الداخلية جيدة، فإن الصورة الخارجية ستكون جيدة أيضًا، وإذا كانت الصورة الداخلية سيئة، فإن الصورة الخارجية لن تكون جيدة، مهما كانت المزايا التي يتمتع بها الشخص

كيف تُعامل غيرك

للأخلاق مكانة كبيرة في الإسلام، وحث الله في العديد من آياته على تحلي المسلمين بالأخلاق العالية، فقد قال الله تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، أي: ينبغي لكم التعامل مع الآخرين بأسلوب سهل ومرن، وعلاقتكم بالناس يجب أن تكون محببة ولطيفة، وتجنب الفظاظة في تعاملك معهم، كما يجب أن تكون حذرًا في تعاملاتك وأن تتعامل بحكمة ومرونة، فلا تكون صلبًا كالحديد في تعاملاتك، حيث تتحطم الأشياء من حولك، ولا تكون لينًا جدًا في طريقة تعاملك، حتى لا تُستغل وتعاني، ويجب أن تكون وسطًا في تعاملك دون زيادة أو نقصان.

أخلاق النبي

وكانت دعوة النبي هي إتمام مكارم الأخلاق؛ فقد قال الرسول المصطفى:تهدف رسالة الإسلام الرفيعة إلى التحلي بمكارم الأخلاق، حيث يقول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): `إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق`. فالعبرة في الدين ليست بكثرة الصلوات والزكوات، بل العبرة في الخلق، فمن أراد زيادة في دينه فليزداد في خُلُقه.

كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول إن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان متمثلاً في القرآن، أي أنه كان يعيش حياته وفقًا لتعاليم القرآن، وكان يستخدم القرآن كمرجعٍ له في جميع معاملاته، وكان يتدبر القرآن ويتأمله ويستنير به في كل موقفٍ وحالة، وكان يستخدم القرآن كمعيارٍ لتفسير الأحداث والأفعال والأقوال والأحكام، وهو المعيار الذي يميز بين الحلال والحرام، وبين ما هو جائز وما هو محرم، وغير ذلك من الأمور التي أرادت الشريعة السمحاء تحذيرنا منها وتحذيرنا من الوقوع فيها.

كانت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مليئة بالأحداث والتجارب التي توضح بشكل واضح أنه كان قدوة في جميع جوانب الحياة، وأن أخلاقه كانت مؤشرًا مميزًا في حياته.

ومن هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر: موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أهل الطائف عندما دعاهم إلى عبادة الله -تعالى- وحده دون شريك، وتركوا ما كانوا يعبدون؛ فضربوه وآذوه حتى سال الدم من قدمه الشريفة -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل الله عز وجل ملكًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له الملك: “يا رسول الله، لو شئت أن أطبق عليهم الجبلين لفعلت”، فرد النبي المصطفى بعفو وحلم وقال: “دعهم، لعل يخرج من بينهم من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله”، فهذا العفو الذي أظهره النبي المختار -صلى الله عليه وسلم- تجاه من آذاه هو المثال الحقيقي لحسن الخلق.

عند تصفح صفحات السير والتاريخ، ستجد الكثير من المواقف والقصص التي تدل على حسن خلق النبي المصطفى وحسن خلق الصحابة والتابعين بعدهم. فقد تم تربيتهم في المدرسة المحمدية. فمثلا، زار أحد خلفاء المسلمين بعض أصدقائه في منزله، ولأن العرب مشهورون بحسن الضيافة، أراد أن يستضيفهم. فنادى على الغلام لإحضار الطعام والشراب، ولكن الغلام لم يجيب. لذلك، نادى عليه مرة أخرى ومرة ثالثة، ولم يجد الغلام

فأجاب الغلام، وقال: وكلما رغبت في شيء، قلت: يا غلام، هل يمكن للغلام الراحة؟ هل يستطيع الغلام النوم؟ فانحنى الحاضرون رؤوسهم، وظنوا أن الخليفة سيأمر بقتل الغلام، ولكن فوجئوا برد فعل الخليفة إزاء الغلام، فقال: إذا فسدت أخلاقنا فسوف تتحسن أخلاق الخدم، وإذا تحسنت أخلاقنا فسوف تفسد أخلاق الخدم، ولا يجوز لنا أن نفسد أخلاقنا من أجل تحسين أخلاق الخدم، وفي هذا الرد دليل على أن الأخلاق كانت السمة البارزة والعلامة الواضحة في جميع فترات الخلافة الإسلامية، ولو حدث ذلك مع رجل عادي في زماننا، فلن يبقى هذا الرجل على قيد الحياة بعد هذه اللفظة، فماذا عن الخليفة؟

إبراهيم بن أدهم كان من التابعين الأجلاء الذين يتفخر بهم كتب السير. وتقابله رجلٌ في يومٍ من الأيام، وسأله: يا إبراهيم! هل شارب لحيتك هذا أفضل أم ذيل الكلب؟ فأجاب بن أدهم: إذا كان في النار، فذيل الكلب أفضل منها، وإذا كان في الجنة، فاللحيّةُ أفضل من ذيل الكلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى