موعد ليلة القدر وفضلها
يعتبر شهر رمضان أعظم الشهور عند الله، حيث فرض الله الصيام لأجل غايات نبيلة، وهو الذي يجزي به العمل الصالح. يعلمنا الصيام الصبر ويجعل الأغنياء يشعرون بمعاناة الفقراء الذين يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية طوال العام، كما يساعد الصوم على الالتزام بالآداب والقيم الإسلامية. ويعتبر ليلة القدر أعظم ليلة في الشهر الفضيل، ويجب علينا التعرف على موعدها.
موعد ليلة القدر
فضل شهر رمضان
إن الله عز وجل فضّل شهر رمضان عن غيره من الشهور، وأنزل فيه الله عز وجل القرآن الكريم الذي هو هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قال الرسول المصطفى إن في شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين. ففي هذا الشهر المبارك تتنزل البركات والرحمات من الله عز وجل على عباده، وتكون الشياطين مسلسلة فيه. وهذا الشهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فمن أراد أن يغفر الله عز وجل له ويرزقه جنات النعيم عليه بصيام هذا الشهر المبارك حق الصيام.
الحكمة وراء فرضية الصيام هي تحقيق التقوى لله سبحانه وتعالى. فقد قال الله سبحانه وتعالى: “يا أيها الذين آمنوا، كتب عليكم الصيام كما كتب على الأمم السابقة لعلكم تتقون.” إن الله سبحانه وتعالى يرغب في توضيح السبب الذي أقره الصيام للأمم السابقة، وقد قال في نهاية الآية: “لعلكم تتقون.” وبالمثل، جعل الله سبحانه وتعالى صيام شهر رمضان وقيامه سببا لمغفرة الخطايا السابقة واللاحقة للإنسان. فقد قال النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم -: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.” فكم هو عظيم شهر رمضان، وكم هي عظيمة ليلة القدر.
فضل ليلة القدر
إذا كان الله عز وجل قد فضل شهر رمضان على جميع الشهور، فقد فضل ليلة القدر على غيرها من الليالي في هذا الشهر، وليلة القدر لها منزلة خاصة جدًا، حيث لا يمكن للعقل البشري أن يفهم ما يحتويه هذا الليل من رحمة وبركة. والله تعالى يسأل: `وما أدراك ما ليلة القدر`، أي أن ليلة القدر تحتوي على فضائل لا يمكن للعقل البشري حصرها أو فهمها.
كما أمتاز الله جل شأنه بليلة القدر عن غيرها من ليالي الشهر، إذ أنزل الله فيها القرآن على خير العالمين، النبي المصطفى، في غار ثور. وقال الله جل شأنه: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.” ويكفي في ليلة القدر نزول كلام الله تعالى على أطهر خلقه، وقد قال الله تعالى عن هذه الليلة إنها خير من ألف شهر، فتخيل صيام وقيام ليلة واحدة يعادل ما يقرب من عمر إنسان يعبد الله عز وجل حق عبادته. وقال تعالى: “ليلة القدر خير من ألف شهر
في هذه الليلة المباركة يكثر تنزل الملائكة فيها عن غيرها من الليالي، فقد قال تعالى: “تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر”، وهذا إن دل فإنه يدل على عظم مكانتها عند الله، وكذلك هذه الليلة خالية من الشرور، وكيف يكون هناك شرور في ليلة نزل فيها كلام الله عز وجل، إذاً الخير كله فيها.
موعد ليلة القدر
قام علماء التفسير بالاجتهاد لتحديد ليلة القدر، فأكد بعض المفسرين بناء على حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان. واجتهد بعض العلماء أكثر وأشاروا إلى أن ليلة القدر هي في الليالي الوترية (الفردية) من العشر الأواخر، وتحديدًا ليلة 21، وليلة 23، وليلة 25، وليلة 27، وليلة 29. واجتهد علماء التفسير أكثر وأكدوا أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، واستندوا في ذلك إلى بعض الدلائل والبراهين.
ومن ضمن البراهين التي تدل على ليلة القدر، حيث إذا فكرنا وتدبرنا في سورة القدر وجدنا أنها مكونة من ثلاثين كلمة، ووجدنا أن كلمة “هي” هي الكلمة رقم سبعة والعشرين في السورة، لذا قلنا إنها ليلة السابع والعشرين. كما قلنا دليلا آخر وهو أن كلمة “ليلة القدر” تكررت ثلاث مرات في السورة، وعندما ننظر إلى عدد الحروف في هذه الكلمة، نجد سبعة حروف، وعندما نضرب عدد الحروف في عدد مرات تكرار الكلمة، نجد الناتج هو سبعة وعشرون، لذا قلنا إنها ليلة السابع والعشرين. وهناك آراء أخرى مختلفة حول تحديد موعد ليلة القدر، ولكن الأقرب للصواب والمشهور بين العلماء هو أنها في الليلة السابعة والعشرين من هذا الشهر المبارك، والله أعلى وأعلم.