الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

Add a heading387 | موسوعة الشرق الأوسط

هل يتعارض التوكل على الله مع اتخاذ الأسباب؟ هذا هو أحد التساؤلات التي تدور في ذهن الكثير من المسلمين، حيث يشعرون بالحيرة فيما يتعلق بالتوكل على الله في شؤونهم وفي نفس الوقت اتخاذ الأسباب التي تحيط بهم وتواجههم في حياتهم. وأمر الله تعالى عباده بالتوكل عليه، وهو عبادة صادقة خالصة لوجهه الكريم، وكانت سمة من سمات الأنبياء والصديقين. لمعرفة الإجابة عن هذا التساؤل بشكل مفصل، تعرف عليها في الفقرات التالية من هذه الموسوعة.

جدول المحتويات

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

التوكل على الله هو سلوك العبد الصالح الصادق وهو خير له في دينه ودنياه وآخرته. المسلم يعتمد على الله في كل شيء في حياته، سواء كان خيرًا أو شرًا. يؤمن العبد أنه لا مانع إلا الله ولا معطي إلا هو. وبالتالي، التوكل على الله لا يعني التخلي عن اتخاذ الأسباب، لأن الله هو الذي أمرنا بالاعتماد عليه واتخاذ الأسباب. كما ذكر الله في سورة الملك الآية 15 “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ.

بالإضافة إلى القرآن الكريم، تأتي السنة النبوية كثاني مصادر التشريع، حيث يوضح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، حيث يشبه العبد الذي يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله بالطير الذي يخرج في الصباح يبحث عن رزقه متوكلاً على الله، وذلك كما ذكر في قوله الشريف (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتروح بطانًا).

التوكل لا ينافي الأخذ بالاسباب

  • عندما أمر الله عباده بالتوكل عليه، أمرهم أيضًا بأخذ الأسباب لتحقيق هذا التوكل بالشكل الصحيح. لذلك، فمن واجب المؤمن المتوكل على الله أن يأخذ الأسباب لتحقيق ما يرغب فيه ويسعى لذلك بطلب مرضاة الله. بالإضافة إلى ذلك، التأخير في اتخاذ الأسباب وعدم الاستفادة منها هو مخالفة لأمر الله.
  • من أمثلة تعارض الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله: من يتمنى الحصول على رزق واسع وثروة وهو جالس بالمنزل، في حين أن الحصول على المال والرزق يتطلب السعي والعمل، لذلك يجب على المؤمن عدم الاعتماد فقط على الأسباب دون العمل بالقلب، بل ينبغي القيام بالاثنين معًا، حيث أنهما مترابطان، ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما دون الآخر.

الأخذ بالاسباب والتوكل على الله

  • يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: إذا رضيت بما قسمه الله لك، فستشعر بالراحة في جسدك وعقلك، وستكون محمودًا عند الله. وإذا لم ترض بما قسمه الله لك، ستشعر بالتعب في جسدك وعقلك، وستكون مذمومًا عند الله. وأنا أقسم بعزتي وجلالي أنني سأجعل الدنيا تركض وراءك كما تركض الوحوش في الفلاة، ولن يصيبك إلا ما كتبه الله لك. وكما قال الله في سورة آل عمران الآية 159 “فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.
  • يجب على الإنسان أن يبذل كل جهده وطاقته في العمل والسعي، حيث يتحقق التوكل الصحيح عندما يكون الإنسان راضيًا بما يمنحه الله له من نتائج الجهد والعمل، وعليه أن يأخذ الأسباب اللازمة لتحقيق العبودية لله، كما أمر الله نبيه أيوب عليه السلام بضرب الأرض بقدمه بعد الدعاء لله لشفائه من المرض، وهذا لا يشكل سببًا للشفاء ولكن لإظهار أهمية اتخاذ الأسباب مهما كانت صغرى، ويجب أن يكون التوكل نابعًا من القلب.

الرزق والتوكل على الله

  • إن المسلمين جميعهم في حاجة إلى التوكل على الله سبحانه بكافة أمورهم وشؤونهم الحياتية من أصغر الأشياء إلى أكبرها وأعظمها، فهو الخالق الكافِ لعباده حاميهم ورازقهم، حافظهم وراعيهم في السراء والضراء، بيده الأمر كله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ربي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وهذه العبارة هي عبارة عن تذكير بوجود الله العظيم الذي ليس له مثيل في القوة والقدرة).
  • التوكل على الله هو أحد أركان الإيمان وواجب على المؤمن، وهو دليل على صدق إيمانه وإخلاصه، ويعني عدم الاعتماد على الخلق وقطع الأمل والرجاء فيهم، والاعتماد بدليله الله والاستعانة به في جميع الأمور، وهذا ما قاله الله سبحانه وتعالى في سورة التغابن قائلاً “وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
  • لزيادة الرزق وبركته من الله يجب على العبد تحقيق شروط التوكل على الله في دنياه وآخرته، مع إخلاص النية لله والثقة به، والإدراك أن الله هو الكافي والمسلم الحقيقي، والتسليم لعظمته وهيبته، وعدم الاستسلام للقنوط واليأس مهما طال الانتظار.

هناك بعض الأفعال النابعة من العبد، إذا قام بها وصدق فيها، تتحقق لديه بمعنى الكلمة التوكل على الله، حتى لا يكون مجرد قول وإنما فعل وواقع، ومن أولى تلك الأفعال الإيمان بالله والتوحيد، والتخلص من الشرك بجميع صوره، وحسن الظن بالله، وعدم الاعتماد التام على الأسباب، وإنما يجب ملازمة السعي والتدبر في حكمة الله، والإيمان بأن كل ما يمنحه العبد هو خير وبقدرة الله الذي أحاط بكل شيء علماً.

المراجع

1

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى