صحة حديث من باع جلد أضحيته فلا أضحية له
صحة حديث من باع جلد أضحيته فلا أضحية له
انتشر حديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: (من باع جلدَ أُضحيتِه فلا أُضحيةَ له) وبعد البحث في سند الحديث وجدناه من الأحاديث الحسنة، ويرجع سندها إلى الصحابي أبي هريرة- رضي الله عنه- وأخرجه الحاكم والبيهقي، كما ذكره الديلمي في (الفردوس)، كما تم ذكر هذا الحديث بذات نصه السابق، وعن نفس راويه، وكان مصدره المستدرك على الصحيحين، في الصفحة رقم 3514، وفي هذا كان حكمه صحيحاً. وذكره أيضاً السيوطي، وكان مصدره فيه الجامع الصغير.
راوي حديث من باع جلد أضحيته فلا أضحية له
يشتهر عبد الرحمن بن صخر الدوسي الملقب بأبي هريرة بأنه أحد رواة الحديث الأكثر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد كان – رضي الله عنه – صحابيًا محدثًا وفقيهًا وحافظًا، وأسلم في السنة السابعة من الهجرة، وكان ملازمًا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبسبب كثرة ما حفظه من أحاديث رسول الله، التفت إليه العديد من الصحابة والتابعين الذين يرغبون في الحفاظ على الأحاديث، ووصل عدد ذلك إلى حوالي 800 صحابيًا وذلك حسب تقدير البخاري في صحيحه.
هؤلاء الأشخاص هم من تلقوا الحديث من أبي هريرة، الذي كان واحدًا من أشهر قراء الحجاز، وقد تلقى القرآن مباشرةً من النبي. وعندما تولى أبو هريرة إمارة المدينة، كان ذلك في الفترة من 40 إلى 41 بعد الهجرة، ومن ثم استقر في المدينة المنورة ليعلم الناس الحديث النبوي ويفتيهم في الدين، وتوفي في العام 59 هجريًا.
حكم بيع جلد الأضحية
ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحكم بشأن بيع جلد الأضحية في الحديث السابق المذكور، حيث إذا باع شخص جلد أضحيته، فليس له أضحية، وعلى هذا لا يوجد خلاف بين الجمهور من العلماء والفقهاء، لأن الحكم مستند إلى حديث صريح، ولكن هناك بعض الشواهد التي قد تحتوي على اختلافات في الحكم.
حكم اعطاء الجزار من لحم الأضحية
هناك العديد من الأسئلة الفقهية التي يتم مناقشتها في الأذهان وعلى منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ومن بين تلك الأسئلة هو ما هو حكم إعطاء الجزار لحوم الأضاحي؟ هل هذا جائز؟ وقد تم تقديم العديد من الآراء حول هذا الموضوع.
- رأي دار الإفتاء المصرية: ذكر مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام أن جمهور العلماء لم يجزوا إطلاقًا إعطاء الجزار من أضحية الأضاحي، والدليل على ذلك يعود إلى حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مع علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – عندما أمره الرسول بذبح ذبيحته وقسمتها دون إعطاء الجزار أي جزء من الأضحية، وأوضح علام أن العطاء لا يكون على سبيل العوض أو الأجرة، فهذا الأمر غير جائز، ولكن إذا أراد صاحب الأضحية إعطاء جزء منها للجزار بعد إعطائه أجرته كصدقة أو هدية، فإن ذلك جائز.
- رأي الحافظ ابن حجر العسقلاني: ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري” أنه لا يجوز إعطاء الجزار أي جزء من الأضحية، لأن ذلك يعتبر أجرة ولا يمكن تعويض الجزار بأي جزء من الأضحية، ولكن يمكن للمتبرع أن يتصدق ببعض الأضاحي للجزار بعد دفع الأجرة، ولكن لا يجوز أن يأخذ جزء من أجرة الأضحية.
- رأي النسائي: ووفقًا لرواية النسائي من طريق شعيب بن إسحاق عن ابن جريج، فإن المقصود من منع الجزار من الحصول على الأضحية هو تعويضه بمبلغ مالي بدلاً من أجرته، ووافق الإمام البغوي على هذا الرأي، وبالتالي، يوافق عليه جميع الفقهاء والعلماء.
حكم بيع جزء من الاضحيه
يذكر الدكتور شوقي علام، مفتي جمهورية مصر العربية، أن مذهب الحنفية يسمح في بيع جزء من الأضحية بعد ذبحها في بعض الحالات، وذلك للتقرب من الله بالصدقات المالية وليس باللحم. وأشار علام إلى بعض الدلائل في كتاب “الفتاوى الهندية في فقه الحنفية” التي تسمح ببيع جزء من الأضحية بالدراهم للصدقة، ولكن لا يجوز للشخص الذي باع جزءًا من الأضحية أن يشتري أي شيء لنفسه باستخدام المال الذي حصل عليه.
أكمل الدكتور شوقي فتواه بأنه ليس هناك مانع من إعطاء الجزار رأس الأضحية أو رجلها، ولكن يجب دفع الأجرة بالكامل، ولا يعتبر ذلك سوى هبة أو هدية من المضحي إلى الجزار، ولا يدخل ذلك في إطار الأجرة والحق.
اخذ الجزار اجرته من لحم الذبيحه
يحظر على الجمهور من أهل العلم إعطاء الجزار أجرته من الأضحية، ولا يجوز الاستئجار على الذبح والسلخ بجزء من لحم الأضحية. ويرجع السبب في ذلك إلى اعتبار العلماء ذلك جهلاً بطبيعة اللحم. فمن المعروف أن أحد شروط صحة الأضحية هو أن تصل الأجرة للجزار من خارج الذبيحة، وليس من جزء منها، بالإضافة إلى شرط العلمية لهذه الأجرة، وهو أن يتم إعطاء الجزار أجرته نقدًا، أو بما يتفق عليه الطرفان، ولكن خارج نطاق الأضحية، حتى لو كان الجزء الذي يعطى بعيدًا عن الأضحية ولا يحمل أهمية كالجلد، فهذا كله غير مسموح به.
يعتقد البعض أن سبب المنع في هذه الحالة هو عدم وضوح ما يُسمى بصفة اللحم، وهو أن يستخدم كل اللحم للتوزيع المنصوص عليه شرعًا على الثلث، وذلك كما ورد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان فيه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقال فيه علي: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها، وأمرني ألا أعطي الجزار منها شيئًا، وقال: نحن نُعطيه من عِندنا) (حديث صحيح)
حكم جمع جلود الأضاحي وبيعها والتصدق بثمنها
يرى العلماء أن جمع جلود الأضحية من أصحاب الأضاحي على سبيل الصدقة هو من الأفعال المستحبة، حيث يمكن التبرع بها للأغراض الخيرية والاستفادة من أموالها في أبواب الصدقات. ومن الممنوع على الجمهور بيع صاحب الأضحية نفسه شيئاً من جلدها، وذلك للاستفادة الشخصية، فهذا الفعل هو الذي لا يجوز. فالأضحية بما فيها هي لله، فيجب أن يتم إخراج كل جزء منها لله، سواء كان لحماً أو جلداً أو حتى جزءاً منها يتم بيعه والتصدق بثمنه، وذلك استناداً إلى حديث علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – الذي ذُكر سابقاً، وهذا الرأي هو رأي دار الإفتاء المصرية
حكم بيع المتصدق عليه لحم الاضحية
يعتقد العلماء أنه في حالة تقديم جزء من الأضحية للفقراء ، يجوز للفقراء استخدامها كيفما يريدون دون أي إثم على صاحب الأضحية ، حيث لم يستفد منها بأي شكل من الأشكال. وكذلك يجوز العمل في الجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع الجلود من أصحابها للتبرع بها ، وبيعها واستخدام ريعها للصدقات المختلفة.