ما هو الجرح الذي لا ينزف ؟
هل سمعت يوما أن هناك شخصا يتعرض لجرح عميق ولكنه لا ينزف دما؟ إذا قال لك أحدهم هذا الكلام، قد لا تصدقه. كيف يمكن للشخص أن يتعرض لجرح دون أن ينزف دما؟ وهل هذه ظاهرة طبيعية علمية أم أنها مجرد حديث بدون أساس صحيح؟ ومع ذلك، إذا راجعنا بعناية الأشخاص الذين يحيطون بنا، سنجد العديد منهم يعانون من جروح عميقة جدا في قلوبهم، لكنها لا تنزف دما بل تنزف شيئا آخر.
ما هو الجرح الذي لا ينزف دما :
- علميًا، يشير الأطباء إلى أن الجرح الذي لا ينزف هو عبارة عن خدوش وفتحات جلدية بسيطة تحدث في طبقة الجلد السطحية من الخارج، وهذا هو التفسير العلمي للجرح الذي لا ينزف دمًا. أما علماء النفس، فلديهم وجهة نظر أخرى وهي أن الجرح الذي لا ينزف ولكن قد يتسبب في الموت هو جرح المشاعر.
- إن جرح المشاعر هو ذروة الألم النفسي والجرح الذي ينزف حزنًا وقهرًا دون رؤية واضحة لذلك، ولذلك فقد يكون جرح المشاعر أقوى من كسر الحجر وأشد الم أكثر من وخز الأبر. لذلك يجب أن ننتبه جيدًا لما نقوله، لأن الكلمة قد تكون في كثير من الأحيان أشد وأقوى من جرح السيف.
- ويعرف علماء النفس جرح المشاعر أنه عبارة عن: يتمثل خطورة هذه الحالة النفسية في حدوثها فجأة وبدون مقدمات، ويمكن أن يتسبب في الألم الشديد والتألم الصامت، ورؤية الأشياء حولك وكأنها تتلون وتتغير إلى اللون الأسود دون أن يلاحظها أي شخص من حولك.
- جرح المشاعر يؤدي إلى تحويل الحياة إلى أوهام، وتحويل الحب إلى حقد على الآخرين، وتحويل الابتسامة إلى دموع على الخد دائماً. لذلك، يجب علينا أن ننتبه جيداً لما نقوله ولما نوجهه من رسائل، حيث أن هناك العديد من المشاكل في الحياة التي بدأت بكلمة وانتهت بكلمة، ولكنها تركت الكثير من الأحزان والآلام، مثلما يحدث عندما تثير كلمة من زوجة مشاعر وغضب زوجها، وتتحول إلى مشاجرة بينهما، وقد تنتهي بكلمة واحدة وهي الطلاق، ولكن تترك وراءها عائلة مشردة ومحطمة.
كيف نقوم بالتخلص من جرح المشاعر وكيف نتخطى مرحلة الحزن الشديد:
يقول علماء النفس إن الأشخاص يتعرضون للكثير من حالات الألم النفسي وجرح المشاعر، وبالتالي يجب على الشخص حماية نفسه جيدًا من هذه الأشياء. لكن ذلك لا يعني الابتعاد عن الآخرين، خاصة الأشخاص الذين تسببوا لك مشاكل كثيرة في الحياة، بل يتطلب تحصين النفس والذات. فشعور الألم وجرح المشاعر يمكن أن يتكرر بسبب الخيانة والهجر والفراق والإيذاء والفشل في الدراسة والعمل وغيرها من الأشياء التي تسبب جرحًا. لذلك، يجب أن تكون قويًا وتحصن نفسك من خلال الأشياء التالية:
–الخطوة الأولى نحو التخلص من الألم : الخروج من دائرة الألم التي تحيط بنا يتطلب معرفة الأسباب التي تسببت في الألم، وعدم التفكير كثيرًا في الأمور التي انتهت، حيث لا يمكن تغييرها، ويمكن الخروج من الدائرة عن طريق إقامة علاقات جديدة مع الأشخاص المحيطين بنا.
عند الفراق أو الانفصال عن شريك الحياة، تجنب التفكير في الأسباب وتغيير الشكل والسلوك السابق، بل يجب عليك تجنب الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها الطرف الآخر والمكالمات الهاتفية والتفكير في اللقاء مرة أخرى. يجب أن تقول لنفسك أنك حر وتبدأ حياة جديدة.
الخطوة الثانية هي التركيز على حياتك الخاصة: يجب أن تركز على حياتك الشخصية وليس على حياة الآخرين، ويجب أن تتجنب جرح مشاعرك والشعور بالحزن لأحوال الآخرين، ودائماً تفكر في حالتك الشخصية، وعند مواجهة المشاكل يجب أن تنشئ صفحة جديدة لنفسك، وتركز على حياتك القادمة، وتبحث عن الأشياء التي تعزز حياتك بدلاً من البكاء والحزن على الماضي، لأنه في هذه الحالة ستجد نفسك تخسر في الحياة بينما الآخرون يتقدمون.
–الخطوة الثالثة: تخلص من شعورك بأنك ضحية دائمة للآخرين وأنك بحاجة إلى تعاطفهم وشفقتهم، قم بتقبل نفسك ومنح نفسك الرحمة والرعاية، وخذ حمامًا ساخنًا ثم فكر في نفسك واعتنِ بنفسك وترفيه عنها وأحيانًا مكافأتها.
هل تعرفون الآن ما هو الجرح الذي لا ينزف وكيفية التعامل معه؟ إنه جرح المشاعر، وهو أحد أقوى الجروح.
