الفلسفةالناس و المجتمع

تعريف السؤال الفلسفي

معنى اسم شريهان 5 | موسوعة الشرق الأوسط

تعريف السؤال الفلسفي

يعتبر طرح الأسئلة عموماً واحداً من أهم الأدوات الخاصة للتعلم والمعرفة، والتي تسمح للوصول إلى الحقيقة، والتي تعمل على إنهاء أثر الجهل حول تلك الحقيقة، وعلى ذلك فتعرض لنا اللغة العربية لكل ما تحمله من فنون أغراض مختلفة للسؤال، والتي من بينها السؤال عن الحقيقة، وذلك كأن يسأل الشخص الذي ما لا يعرفه، كما توجد أنواع أخرى من الأسئلة في اللغة العربية، مثل الأسئلة الاستنكارية، والتي لا يتطلب منها إجابة، ولكن عند الوقوف لتعريف السؤال الفلسفي، فيتم تعريفه على أنه السؤال الذي يهدف إلى الوصول إلى المعرفة، والذي يكون الدافع الأساس خلفه هو الفضول والحيرة، التي تنتج عن الشعور بوجود مشكلة.

أهداف السؤال الفلسفي

يهدف السؤال الفلسفي دائمًا إلى الوصول إلى حقيقة جدلية، وقد تختلف الآراء حولها وتختلف المذاهب التفكيرية حولها. ويمكن تحديد السؤال الفلسفي بأنه يتعلق بالإجابة عن أسباب الحيرة التي تواجهها العلوم، وعن الأسئلة التي يطرحها العلماء المرتبطة بالوجود، سواء كان ذلك بشأن أصل الوجود أو صاحب هذا الوجود أو الصورة التي كانت للعالم قبل وجوده، وعن نهاية العالم وما يطرحه العلماء غير المسلمين حول صحة الإيمان بالبعث والحساب وما إذا كان البشر سيتعرضون لذلك، وما هي نهايتهم وهل سيدخلون الجنة أو النار

  • تعد هذه الأسئلة التي تهدف إلى الوصول إلى الحقيقة باستخدام الأدلة العقلية والتأمل في الكون وتحليلها، من الأسئلة الجريئة، وعلى الرغم من محاولاتنا المستمرة للعثور على الإجابات، إلا أن الكثير من الصعوبات تواجه العقل البشري في الوصول إلى تلك الإجابات.
  • يتركز السؤال الفلسفي حول مذهب من بين مذهبين، وهما المذهبان الشائعان في التفكير حتى الآن، وهما المذهب التجريبي الذي يعتمد على الدليل الواقعي الملموس، والذي ينبع من التجربة العملية، والمذهب العقلي الذي يستند إلى دليل عقلي ينبع من التفكير والتأمل والربط والتحليل للحقائق والمعرفة المحيطة بنا.
  • قد تتجاوز تلك الأسئلة الفلسفية الحدود المسموح بها، ويعود ذلك إلى غياب المرجعية المعتمدة، فهناك الكثير من الفلاسفة الذين سقطوا في هذه الفخاخ، والتي دفعتهم إلى الشك في الأمور التي لا يمكن للعقل البشري فهمها من الأساس، ولذلك يتم تأكيدها في المرجعيات المعتمدة، والتي تمثلها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالنسبة لنا المسلمين.
  • تصبح الفلسفة، في حالة عدم وجود مرجعية واضحة لبعض الظواهر، سبيلاً لضياع الوقت أو ضياع العقل نفسه بأفكار خارجة عن الإطار المنطقي والعقلي وغير معقولة بشكلٍ أساسي، ولا توجد لها دليلٌ على الأقل، ولذلك فالفلسفة ليست مكروهة، بل تعمل على توفير الأدلة المنطقية الداعمة لبعض الفروض النقلية المعروفة في أساس العقيدة.

خصائص السؤال الفلسفي

هناك نوعان من الخصائص المختلفة للسؤال الفلسفي، وهي كالتالي.

السؤال ذو الطابع الإشكالي

هذا هو السؤال الذي يتضمن تناقضا في مضمونه، وذلك من خلال طرح مجموعة من الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليها جميعا، ويظل السؤال في هذه الحالة بدون إجابة واضحة، ويمكن تعريف الطابع الإشكالي للسؤال الفلسفي على أنه الطابع الذي يثير سؤالا محددا، ولكنه ليس مجرد سؤال ظاهر، بل يسعى إلى التعمق في السؤال وفهم جوهر الفكرة والهدف من وجوده في الأساس.

  • من بين الأسئلة التي يتساءل عنها الفلاسفة، ما هي السعادة؟ وعلى الرغم من أننا نتفق جميعًا على أنها مشاعر مرتبطة بالكائن الحي، فإن الفلسفة تبحث في الجوانب العميقة لمفهوم السعادة، مثل تعريفها وشرحها ودورها وأسبابها، وهل تختلف أسبابها من شخص لآخر، ولماذا؟ وهناك العديد من الأسئلة المتعلقة بمفهوم السعادة.
  • تعمق الفكرة يجعل السؤال يتحول إلى إشكالية جديدة، وهو ما يجعل الإنسان نفسه سؤالًا فلسفيًا ويؤدي إلى طرح أسئلة جديدة واستمرار التساؤلات والبحث عن إجابات لها، وقد تم تعريف الفلاسفة في السابق بأنهم الذين يطرحون مثل هذه الأسئلة ويحاولون الكشف عن إجاباتها واستكشاف الأعماق.

السؤال ذو الطابع الجذري

يرون بعض الفلاسفة في هذا النوع من الأسئلة أن تكرار السؤال الفلسفي واستعادته يؤدي إلى الوصول إلى المبدأ الأساسي والجذر الأول للسؤال، لذا يصبح السؤال وسيلة للوصول إلى الأسس الخفية والوقوف عندها، وقد حدث هذا بشكل جلي مع الفلاسفة الطبيعيين عندما ردوا على السؤال عن أصل الكون.

مذهب المسلمين تجاه الأسئلة الفلسفية

المسلمون يعتمدون على مذهب عظيم في الأمور المتعلقة بالأسئلة، حيث يعتبرون الأسئلة واحدة من أدوات العلم والمعرفة، والتي استخدمت في الكثير من الآيات القرآنية، والتي يعتمد نهجها على طرح الأسئلة لغرض التعليم، وهناك أحاديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- التي تحتوي على نماذج تعليمية، والتي تستند على طرح الأسئلة، ومن بين تلك النماذج قوله- تعالى-: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت۝ وإلى السماء كيف رفعت۝ إلى السماء كيف رفعت۝ وإلى الجبال كيف نصبت۝ وإلى الأرض كيف سطحت) (سورة الغاشية الآيات 17: 20)

  • تساعد جميع الآيات الكريمة في فتح المجال أمام العقل والتأمل، وذلك للوصول إلى إدراك حقيقة قدرة الله تعالى في خلقه لهذا الكون، وكشف حقيقة وجود المخلوق لهذا الكون، وأن قدرة الله تعالى لا حدود لها.
  • وكما ظهر هذا الأسلوب بشكل كامل عندما قرر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يعلم صحابته مكارم الأخلاق، ومدى عقوبة من يخطئ في حقوق الآخرين، ويذكرهم بما يسيء لهم، وكان ذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (هل تعلمون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار) (صحيح مسلم)
  • ربط الإسلام بين حق المسلم في طرح الأسئلة التي يريدها، وبين العقيدة الإيمانية، حتى لا تتعدى هذه المساحة، ويعتبر هذا الحد فاصلاً آمنًا لعدم الانغماس في تساؤلات ليس للإنسان فائدة من الإجابة عليها، ولا يمكن لأحد أن يصل إلى إجاباتها مهما حصل. وتشمل هذه التساؤلات أسئلة تفتح أبوابًا ضخمة للإلحاد، وتسمح بتلاعب الشيطان بعقل الفرد وإشاعة الشك في الإيمان، لذا يجب الانتباه إلى هذه الأسئلة وتجنب الانجرار خلفها والتساؤلات التي لا فائدة منها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى